في محاولة لتخفيف حدة التوترات التي يشهدها لبنان انطلقت امس الثلاثاء اول جلسة حوار بين تيار المستقبل وحزب الله برعاية رئيس مجلس النواب نبيه بري . ومثل تيار المستقبل نادر الحريري مدير مكتب رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري، والوزير نهاد المشنوق، والنائب سمير الجسر، يقابلهم المعاون السياسي للأمين العام ل"حزب الله" حسين الخليل، والوزير حسين الحاج حسن، والنائب حسن فضل الله . وقال بيان صادر عن رئاسة البرلمان أن طرفي الحوار أكدا "حرصهما واستعدادهما البدء بحوار جاد.. وفي إطار تفهم كل طرف لموقف الطرف الآخر من بعض الملفات الخلافية"..معربين عن حرصهم على "تنظيم الموقف من القضايا الخلافية والتعاون لتفعيل عمل المؤسسات". وأضاف البيان إن بري شدد على ضرورة العمل على "حماية لبنان واستقراره"، لاسيما "في ظل التصعيد المتمادي على مستوى المنطقة نحو تسعير الخطاب الطائفي والمذهبي". وفيما لفتت مصادر المستقبل إلى أن الحريري يعتبر أن الحوار مع حزب الله جزء من التماسك الوطني، وهو عنوان رئيسي لإيجاد نقاط مشتركة مع الحزب، بعيداً عن الملفات الاستراتيجية التي تفرّقهما، وفي مقدّمها الميدان السوري. أوضح حسين الخليل أن حزب الله لم يغيّر مواقفه منذ أكثر من ثلاث سنوات، فسياسة اليد ممدودة للشريك في الوطن، والدعوة إلى انتهاج الحوار مسلكاً لمعالجة قضايا البلد، مشيراً إلى أن جدول الأعمال الذي تم التوافق عليه يتألف من أربع نقاط هي: تخفيف الاحتقان المذهبي والخطاب السياسي والإعلامي المتشنج، مكافحة الإرهاب، تفعيل عمل المؤسسات من حكومة ومجلس نيابي وكل ما من شأنه تسيير شؤون الناس ورئاسة الجمهورية" . بدوره اعتبر وزير السياحة ميشال فرعون أن هناك "أزمة ثقة بين الجانبين منذ سنوات...وفي الوقت نفسه يوجد توافق داخلي وإقليمي ودولي على حماية الإستقرار وخصوصا الأمن في لبنان والتشجيع على الحوار." وشدد على "وجود مخاطر أمنية على جهتي الحدود اللبنانية والسورية ... ومحاولة بعض القوى اللعب على الوتر المذهبي الطائفي ما يكفي لأن يحتم وجود خطوط تواصل دائمة بين حزب الله وتيار المستقبل بالرغم من كل الخلافات. واضاف فرعون "طبعا لن يشمل هذا الحوار أمورا حكومية أو حتى تفاصيل أخرى لها صلة بالإستحقاق الرئاسي لأن الهدف هو إنشاء شبكة أمان أمام تفاقم الهواجس وليس إستفزاز أي فريق آخر وهو ما قد يحصل إذا توسع الحوار الى قضايا أخرى." واستبعد نائب الجماعة الاسلامية في البرلمان عماد الحوت في حديث إذاعي "إمكان أن يوصل الحوار الى انتخابات رئاسية لأن المكون الاساسي وهو الطرف المسيحي يغيب عنه." واعتبر ان "الحوار قد يهيء الأجواء بانتظار كلمة سر إقليمية تأتي برئيس للجمهورية لان الفرقاء اللبنانيين سلموا الموضوع لمرجعياتهم الاقليمية والدولية وينتظرون الضوء الاخضر...ولا أفق لانتخابات الرئاسة قبل سبعة أشهر على الاقل موعد إنتهاء المفاوضات النووية الايرانية" في اشارة الى المفاوضات التي تجريها طهران مع القوى العالمية الست. ويجمع السياسيون اللبنانيون على ان مسألة الاتفاق على إنتخاب رئيس جديد للبلاد وهو الموقع الذي بقي شاغرا منذ إنتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان في مايو الماضي يبقى صعبا. وقد شغل الحوار الساحة اللبنانية الأسبوعين الماضيين، بعد صراع بين الطرفين منذ اغتيال الحريري . ويرتكز الحوار على التهدئة الاطراف اللبنانية بعيدا عن القضايا الخلافية، وأبرزها قتال حزب الله في سوريا إلى جانب القوات الحكومية، الأمر الذي يرفضه تيار المستقبل المؤيد للمعارضة السورية. وتعد الفجوة بين الجانبين واسعة، حيث يتبادل كل من حزب الله وتيار المستقبل الاتهامات بجر البلاد إلى مزيد من التدخل في الأزمة السورية. ويعاني لبنان من فراغ سياسي، حيث لا يزال منصب الرئيس شاغرا منذ انتهاء ولاية ميشال سليمان في مايو العام الحالي. وفشل البرلمان اللبناني أكثر من مرة في اختيار رئيس جديد. يذكر أنها ليست المرة الأولى التي يجلس فيها الطرفان وجهاً لوجه إلى طاولة حوار، حيث إن الحوار قائم بينهما في لجان مجلس النواب اللبناني أو ضمن طاولة الحوار الوطني قبل أن ينفرط عقدها في أواخر ولاية الرئيس اللبناني السابق ميشال سليمان، وأخيرا مشاركتهما في حوار وفعل سياسي وإداري في الحكومة الحالية التي يرأسها تمام سلام. لكن الحوار المباشر الذي انطلق امس بين ممثلي الطرفين هو محطة مختلفة تماما في سياق التلاقي بينهما، كونه يأتي بعد سلسلة محطات سلبية بلغت فيها القطيعة بين الفريقين درجة غير مسبوقة.