صدرت حديثاً الأعمال الكاملة للشاعر محمود حسن الجباري، بعد مرور ثلاثة وعشرين عاماً على وفاته، والتي ضمت 256 قصيدة تناولت كافة الأغراض الشعرية، في 528 صفحة من القطع الكبير. والشاعر الجباري من أهم الشعراء اليمنيين الذين كتبوا القصيدة العمودية ومن الشعراء الذي اشعلوا ثورة السادس والعشرين من سبتمبر المجيدة . وقد تميز شعره بعذوبة تسكر مدارك الورود، وجزالة تنحني لها رؤوس المتجبرين، كما أنه شاعر مرهف عاش للقصيدة ولم يعش بها. وكان الشاعر الجباري زاهدًا، عفيفًا، مبتعدًا عن أضواء الشهرة، حسن الأخلاق، لطيفًا، حاضر النكتة، سريع البديهة.. وقد أبدى الدكتور/ عبدالعزيز المقالح استغرابه في المقدمة قائلاً :" كيف استطاع الشاعر أن يخفي نفسه كمبدع كبير، وأن يبقى شعره في الظل البعيد عن أعين القراء والدارسين، وأن الزهد في الشهرة قد بلغ به إلى هذه الدرجة من التواضع وإهمال الموهبة ونكران الذات، في حين أنه بلا مبالغة واحد من ألمع شعراء هذا الوطن المبدعين المجيدين". والشاعر الجباري من مواليد قرية (الأكمة) 1920م، في عزلة (بني الضبيبي)، في مديرية (الجبين)، محافظة ريمة، وتوفي ودفن في مدينة صنعاء 1993 م. ويتميز شعره برشاقة العبارة، وانسياب العاطفة، ومنه قوله معارضًا لقصيدة (البردة) للشاعر (البوصيري) يقول في أولها: أنسمةٌ هبّ ريَّاها على قلمي/ أم بسمةُ الحبِّ في نظمي وفي كلمي/ تزاحمت حوله الأقلام وافترقت/ ما بين محتَقَرٍ منها ومحترَمِ / وحوله أرْسَتِ الدنيا قواعدها/ تيَّاهةً في المدار الساخن السخِمِ / الحبُّ ما فيه للأرواح مُغْتَنَمٌ / ومنه أطمع أن أحظى بمعتنَمِ ومنها قوله: محمد سيد الكونين والثقلين / "خير البرية من عُربٍ ومن عَجَمِ" / إنْ عُدَّ أرقام أهل الحبِّ وانتخبوا /هناك يا ربِّ فاجعل ضِمْنها رقمي / محمد يا ابن عبدالله إنَّ لنا/ إليك منتجَعًا يا خير معتَصَمِ/ إليك حدَّقَتِ الدُّنيا وأنت لها / في كُلِّ عصر ومصر صاحبُ العَلَمِ .