على غير مألوف العادة، تستقبل مدينة "سام" ابن نوح، بعد أقل من شهر واحد،العام الميلادي الجديد بحلة قشيبة تتوًج فيها "قبلة أولى" لثقافة الدهشةفي المنطقة العربية. فقد شهدت أعمال التهيئة والتحضيرلصنعاء عاصمة للثقافة العربية 2004،دفعة قوية، بعد أن وضع فخامة الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية قبل أيام لمسته الحنونةعلى روزنامةهذه الفعاليةالثقافيةالهامة،مجدداًبذلك الاهتمام المعهودللقيادة السياسية بالحراكين السياحي عموماً والثقافي على وجه الخصوص، والمتمثل خطة وبرنامج الفعاليات والأنشطة الثقافية والإبداعية المتصلة بها ، فضلاً عن إقرار موازنتها المالية. وزير الثقافة والسياحة خالد الرويشان، ثمن عاليا تلك اللمسة الحانية للقيادةالسياسية ، الموجهة لإنجاح هذه التظاهرة ، وقال لوكالة الأنباء اليمنية/سبأ/إن اليمن ستقدم قدر الإمكان أفضل ما لديها، من خلال العمل الجاد الذي يرتقي إلى مستوى الاهتمام بالتراث الوطني المغمور، الذي لا تعرفه الكثير من الشعوب. ويوضح الوزير الريشان.. نحن نعمل وفق برنامج زمني محدد، والعمل قائم ليل نهار، وسبق أن شرحنا بعض معالم الخطة بمحوريها ، وحسبنا الإشارة إلى أن مشاريع البنيةالتحتية الضرورية، التي ستكون جاهزة خلال السنة القادمة أو في منتصفها تقريباً، تجعلنا بدون استثناء مطالبون لأن نكون عند حسن الظن. عندماأدرجت صنعاء في العام 1998 /عاصمة للثقافة العربية 2004م/انصبت الجهود نحو ترميم الهرم الثقافي في اليمن، لازالة ما علق به طوال السنين الماضية، باعتراف القائمين عليه، وعلى الرغم من أن المهمة بدت صعبة في أول الأمر، غير أنها دعت الجهات المعنيةإلى وضع رؤية واضحة المعالم للفعاليات والأنشطة التي سترافق هذاالمشروع الثقافي اليمني والعربي الكبير، بما يعكس ويُبرِز حقيقة التراث اليمني الفريد في أبهى حلله وأروع صوره . وتقوم رؤية صنعاء عاصمة للثقافةالعربية 2004، التي أنجزتهاوزارة الثقافةوالسياحة على محورين.. الأول، يركز على إقامة وإنشاء مشروعات البنية التحتيةللثقافة /مسرح، موسيقى، معمار/ بينما يركز الثاني، على النشاط الثقافي والإبداعي،ويرمى لإحياء وتقديم عروض غنائية، وشعرية، وأمسيات إنشاد، واستضافة مائة شخصية عربية ثقافية وفنية، فضلاً عن مهرجان رسوم الأطفال، ومؤتمرات فكرية ومعارض فنية . وبينما تصب آراء المهتمين والمثقفين في بوتقة التفاؤل وحسن الظن بقيادة وزارة الثقافية ، فهي تدعو للاستفادة واستثمار التجارب والخبرات والملكات والإبداعات الفكريةوالقدرات العلمية والإدارية،لإنجاح التظاهرةالثقافية وبناء قاعدة صلبة لهرم ثقافي كاد في نظر المهتمين قاب قوسين أوأدني من التآكل . ومع اقتراب موعدإعلان صنعاءعاصمةللثقافة العربية،المقرر في منتصف شهر يناير المقبل من العام2004م القادم،تتزايد الطروحات المطالبة بالإسراع بوتيرة التحضيرات، فيما نرى الجهات المعنيةفي سباق مع الزمن،عاكفةعلى تنفيذ المشاريع التي تضمنتها الخطة . ويظهرمن بين المشروعات الجاري تنفيذها، مشروع تأكيدالألوان الأصليةلواجهات منازل مدينة صنعاء القديمةالمطلة على وادي السائلةوالمداخل الرئيسية بمادة الجص، وتبييض وإنارة وتجهيز عددمن المعالم الأثريةوالدينيةالتي تحتضنها مدينة "آزال" ومنهابعض قباب ومآذن المساجد التاريخية وسورالمدينةالقديم وعدد من السماسر والقصور والبيوت التي تتفرد بطرازها المعماري اليمني الأصيل. كمايجرى العمل في مشروع إنشاءالمنظومة الثقافية في دار الحمد،والتي تسلط الضوءعلى إبرازالموروث الثقافي الغني لليمن في مختلف مجالات الفن والإبداع،من الأزياء لشعبيةوالمعمار المخطوطات وحتى الفنون التشكيلية والمصنوعات التقليدية الحرفية . ويستكمل بالإضافةإلى ذلك،مشروع"المسرح المفتوح" في مدينة صنعاءالقديمة،وأعمال تجهيز الصالات الجديدة بالمتحف الوطني للآثار، بحيث يتم استكمال العمل فيه بانتهاء العام الجاري . وفيمايعد بعض المهتمين اعتمادوزارة الثقافة مرتبات شهرية لحوالي /15/قامةمن كبارالفنانين الأحياء، تقديرا لما قدموه من جهود في مجال التراث الغنائي والموسيقي، خطوة إيجابية نحو عملية تطوير وتحديث القطاع الثقافي،فإنه يمثل عامل تحفيز للكثيرين لقراءة الواقع الثقافي وآفاقه من زاوية تفاؤلية. كثيرة، هي المسائل التي طال انتظارها باعتبارهاغائبةعن الساحة الثقافية،رغم ما تشكله من أهمية في نظر المثقفين كركائز أساسيةهامةلليمن ثقافةوإبداعا،تاريخا وحضارة ، وتشير إليها بشكل متواتر الطروحات التي يتناولها المثقفون في الصحف اليومية. ويبرزمن بينهاالمخطوطات والحالةالتي هي عليها اليوم، لكن الخطةعالجت ذلك، بتبني إنشاء المركز الوطني للمخطوطات، الذي من شأنه تأمين هذاالنبع الغني ، من الحرائق والسرقة والأجواء الضارة، فضلاً عن ترميمها وصيانتهاوفق برنامج عرض وطبع حديث بالميكروفيلم، بالإضافة إلى تجميعها في مكان واحد، لما تمثله من أهمية ونُدره. كماتبرز قضية الموسيقى اليمنيةوالتراث اليمني الموسيقىالضخم،كواحدةمن أبرز القضايا التي تمثل هما مشتركا، بالنسبة للمهتمين والجهات المعنيةفي وزارة الثقافة والسياحة على حد سواء، خاصة وأن تراث اليمن الغنائي في أدني حد مسلوب من قبل كثير من الفنانين غير اليمنيين ، لهذا ترى الجهات المعنية ان هذا الامر لا يمكن السكوت على بقائه على هذه الحال. وفي خطوة، هي الأولى من نوعها، لحماية مئات الألحان اليمنية الموجودة،أدرجت الخطة مشروع بناء مركز خاص للتراث الغنائي اليمني /بيت الموسيقى/ الذي سيحوي على قاعات للاستماع والتوثيق، وأخرى للبروفات ، كما سيختزل أكبر قدرمن المخزون الثقافي الموسيقي اليمني، بدءً من أول ظهور لأول اسطوانة يمنيةفي أوائل القرن الماضي، وصولاً إلى العصر الحديث. وبحسب الخطة، فأنها لم تتجاهل في معالجة بعض القضايا الهامة في الساحةالثقافية، فعلى صعيد المسرح، تبنت الخطة إنشاء ثلاثة مسارح في الهواء الطلق،ومسرح خاص بالصوت والضوء، ومسرح آخر كبير مغلق، يعتبر أهم مسرح للفعاليات الثقافية ، بالإضافة إلى إنشاء سينما واحدة صغيرة للأسابيع الثقافية تليق بالثقافة اليمنية هي بالنسبة لنا شيء ملح وضروري. وعلى ضوء المنظومة الثقافية المزمعة، تتضمن الخطة إنشاء بيت المعماراليمني والذي يهدف إلى شرح طبيعة المعمار اليمني المتنوع، الحضاري الراقي،الذي يمثل واحدا من أبرز ملامح الموروثات التي تبهر العالم وما يزال مبهرا بشكله الهندسي وخصوصيته وتعددأشكاله ، ومنه المعمار في سيئون وشبام المعمارفي صنعاء، حراز، والمعمار في تهامة وغيرها..وكذا إنشاء مركز خاص للفلكلوروالأزياء اليمنية المتنوعة وتبرز أهمية بناء هذا المركز من حيث كون الأزياءاليمنية من الموروثات التي لا تكاد تحصر لشدة تنوعهابتنوع تضاريس اليمن ومشاربه ما جعل اليمن يعد اكبر بلد على مستوى الوطن العربي يحتوي على موروث ثقافي ضخم مثل اليمن. وبحسب المعلومات، فإن الجهات المعنية تعتزم إبراز هذه الأنماط من البناءالمعماري اليمني في هذه المنظومة الثقافية على شكل مجسمات بحيث تتيح للسائح أو الباحث الإطلاع على نمط البناء وإعفائه من مهمة السفر إلى هذه المدن أوالقرى اليمنية على تنوع فنها المعماري . وفيما يتعلق بالمحور الثاني الذي ترتكز على خطة صنعاء عاصمة الثقافةالعربية و الخاص بالنشاط الإبداعي والثقافي خلال العام تضمنت الخطة الثقافيةلصنعاء عاصمة الثقافية العربية إقامة مهرجانات في الشعر والغناء والموسيقى والرقص والمسرح والأدب والرواية والقصة، وتضمن هذه الأنشطة، دعوة مائة شخصية على الأقل، لزيارة اليمن بالإضافةإلى تنظيم أسابيع ثقافية في المحافظات وطباعة /500/ عنوان جديد من أمهات الكتب وكذا عمل برنامج للنشاط المسرحي خلال العام . ومثلماينظرإلى مااشتملت عليه الخطة من مشاريع بنى تحتية وفعاليات ومناشط ثقافية على أنها بداية حقيقة لواقع ثقافي جديد .. يبدو من المهم الإشارة إلى ضرورة تفهم أن مشاكل الثقافة اليمنية من غير الممكن التكهن بمدي حلهاكاملة حتى مع افتراض أن هناك فترة أطول من الفترة الزمنية القصيرة المتبقية.