تواصلت مساء أمس على ساحةالهواء الطلق بقلب عاصمة الثقافة العربية صنعاء 2004 فعاليات مهرجان صنعاء للانشاد لليوم السادس على التوالي, وسط أجواء تناغمت فيها عذوبة الابتهالات والموشحات، مع خصوصية الطقوس الرمضانية الرحبة. ويتميز مهرجان صنعاء للإنشاد،الذي تنظمه وزارة الثقافة والسياحة، وتتناوب في إحيائه نحو (15) فرقة إنشادية تضم (238) منشداً من مختلف محافظات الجمهورية,بتعدد فعالياته المتنوعة بتعدد تضاريس اليمن وألوان أزياء الفرق الانشاديةالمشاركة , بالاضافة الى مشاركة عربية هي الأولى من نوعها لفرقتين إنشاديتين من مصر وسوريا. وعلاوه على أن الفرق المشاركة في المهرجان، الذي يستمرحتى 17 رمضان في وقت يحتفى فيه بتتويج صنعاء عاصمة للثقافة العربية, تقدم ألوانا من الموشحات الانشادية المتسوحاة من التراث الإنشادي الغزير لليمن في لوحات جماعية وفردية تعبر في مجملها عن خصوصية كل لون من ألوانه،التي يعود تاريخها إلى (500)عام بحسب المراجع التاريخية . على هامش المهرجان، الذي يتضمن عشر أمسيات انشادية تختتم بمشاركةالفرقتين المصرية والسورية وحفل تكريمي للمشاركين، تنظم محاضرات نوعية كان من بينها محاضرة حول (الانشاد اليمني بين الواقع والآمال) شارك فيها جابرعلي احمد، وعبد الله خادم العمري، وحضرها خالد الرويشان وزير الثقافة والسياحة وعدد من المسئولين واعضاء المجلس المحلي لمديرية صنعاء القديمة واعضاء الفرق المشاركة وجمهور من أبناء المدينة القديمة. وقدم المتحدثون ، صورة عن في واقع الانشاد اليمني وأهميته في نسيج التراث اليمني الثقافي والحضاري الاصيل .. مؤكدين على ضرورة زيادة الاهتمام بفن الانشاد بمختلف الوانه المتعددة وخاصة ما يتعلق بالتوثيق والتدوين وحفظ الخصوصيةالانشادية. ويرى المنظمون للمهرجان في تصريحات منفردة لوكالة الانباء اليمنية (سبا)أنه يهدف إلى تقديم أنواع الموشحات الدينية التي تتناسب مع الاجواء الرمضانيةالروحانية, وإبراز مختلف ألوان الإنشاد في اليمن تبعا لطقوس اليمن ومشاربه المتعددة, إضافة الى التعريف بنماذج من ألوان الموشح العربي, وإيقاعاته المميزة. فيما يرى بعض المشاركين، بأن المهرجان فرصة للقاء والتعارف وتبادل الخبرات والآراء, ويقول على محسن الأكوع رئيس اللجنة التحضيرية للمهرجان إنه إحياء لواحد من أهم ألوان التراث اليمني الأصيل، ومناسبة للتباحث حول إيجادآلية تحفظ له مكانته.تواصل فعاليات ويكتسب اختيار ساحة الهواء الطلق في قلب العاصمة التاريخية صنعاء، مكانالإقامة فعاليات المهرجان دلالات تعبيرية وإيجاءيه عميقة، تعيد للموشح مكانته المرموقة في نظر المهتمين بفعاليات المهرجان، الذي يحظى بمتابعة محلية وعربيةواسعة . فعلى خلفية واجهات مدينة صنعاء المعمارية القديمة وأضواء قصورهاالشامخة، يمتزج شذى النفحات التأريخية المترعة من شرفات الطوابق العليالقصور المدينة مع بحة أصوات المنشدين الملائكية، لتنداح ألحان لايحتاج المتابع لوسائط موسيقية لتذوق معانيها والتحليق معها في فضاءات تلتصق بالوجدان وتذكي مشاعر الطمائنينة في النفس. ويعتبر المهتمين بالموشح إنه يمثل المرجع الوحيد لمعظم الموشحات العربيةإن لم يكن كلها.. فلا نجد موشحاً في العالم العربي إلا وله صلة بالموشح اليمني وشعرائه وملحنيه, وهو ما أكسبه شهرة كبيرة في القديم والحديث. ويتميز أدب الموشح اليمني بتعدد طقوس أدائة وأنماط مناسباته.. فلكل مناسبة من المناسبات الاجتماعية ما يناسبها من الموشحات، تتوزع بين مناسبات (الحج,الزواج, المآتم) وغير ذلك من المناسبات التي لاتحلو إلا بالموشح أو المنشد.. كما يتفرد بأدائه دون آلات موسيقية, وتوصف كلماته بالبساطة والتأثير القوي للمتلقي وتعدد ألوانه بتعدد مناطق اليمن . ولايوجد للموشح تاريخ يبين انطلاقه، لكن بعض الآراء ترجع نشأته إلى ماقبل 1400 سنة، عندما استقبل المهاجرون والأنصار الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينةالمنورة، وهم يرددون (طلع البدر علينا..) كما تتفق على أن الموشح اليمني هو الأصل للموشحات في بعض الدول العربية، حيث كان لهجرة اليمنيين ومشاركتهم في الفتوحات دور كبير في انتشاره ووصوله إلى الأندالس.