خلص تقرير دولي إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي قد أشاع وسط جنوده في الأراضي الفلسطينية مناخاً من الإفلات من العقاب، لتقاعسه عن إجراء تحقيق وافٍ للتحقق مما إذا كان الجنود قد قتلوا أو أصابوا مدنيين فلسطينيين على نحو غير مشروع. وذكرت منظمة هيومن رايتس ووتش أن القوات الإسرائيلية قتلت منذ الانتفاضة الحالية عام 2000م الآلاف من الفلسطينيين ممن لم يشاركوا في أي قتال، أو ألحقت بهم إصابات خطيرة؛ غير أن السلطات الإسرائيلية لم تجر ِتحقيقات إلا في أقل من خمسة في المئة من الحوادث المفضية للموت، للتثبت مما إذا كان الجنود قد استخدموا القوة بصورة غير مشروعة إضافة إلى أن التحقيقات التي أجرتها كانت بعيدة كل البعد عن الالتزام بالمعايير الدولية للتحقيقات المستقلة والنزيهة. ودعت المنظمة في تقريرها الذي نشرته قبل يومين، الحكومة الإسرائيلية على رصد الخسائر التي تقع في صفوف المدنيين في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية المحتلة، ونشر هذه المعلومات على الملأ. كما يجب على الجيش وضع حد لأسلوب "تحقيقات العمليات" الذي درج على استخدامه، للبت في ضرورة فتح تحقيق جنائي عند الاشتباه في استخدام القوة بصورة غير مشروعة، وإنشاء هيئة مستقلة لتلقي الشكاوى بشأن الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان التي تقع على أيدي الجنود، وغيرهم من أفراد قوات الأمن، والتحقيق فيها. وأكدت المنظمة،أن القانون الإنساني الدولي، وما يعرف بقوانين الحرب، يلزم الجيوش بالتحقيق في الانتهاكات الخطيرة لأحكام هذا القانون، ومحاكمة مرتكبيها، وإنزال العقاب الملائم بهم؛ كما أن الالتزامات الواقعة على عاتق الحكومة الإسرائيلية بموجب ما صادقت عليه من المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان، تعزز مسؤوليتها عن التحقيق في أية مخالفات. وتوثق المنظمة في تقريرها الواقع في (126) صفحة، تحت عنوان:"تعزيز مناخ الإفلات من العقاب: تقاعس الجيش الإسرائيلي عن التحقيق في المخالفات"،تقاعس إسرائيل عن الوفاء بالتزامها القانوني بالتحقيق في وفيات وإصابات المدنيين الناجمة عن استخدام القوة المميتة في سياق ضبط الأمن والنظام وتنفيذ القانون،مثل السيطرة على المظاهرات أو فرض الحظر على التجول، وفي حالات القتال، حينما تكون ثمة أدلة أولية أو ادعاءات جديرة بالتصديق تشير إلى أن الجنود تعمدوا إلحاق الضرر بالمدنيين أو لم يتخذوا كافة الاحتياطات الممكنة لحمايتهم من الأذى. وتقول سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش"إن معظم التحقيقات التي قامت بها إسرائيل بشأن الخسائر في صفوف المدنيين كانت زائفة؛ وقد أدى تقاعس الحكومة عن إجراء تحقيق بشأن الوفيات من المدنيين الأبرياء إلى خلق مناخ يدفع الجنود إلى الاعتقاد بأن بمقدورهم إزهاق الأرواح وهم بمأمن من المساءلة والعقاب". وتشير إلى أن الجيش فتح حتى 22 من أيارالمنصرم تحقيق تمخض عن صدور 19 قرار اتهام وستة أحكام بالإدانة. وأدين جنديان إسرائيليان بتهمة القتل الخطأ، واثنان بتهمة إحداث ضرر خطير، واثنان بتهمة استخدام السلاح بصورة غير مشروعة. وأضافت "كان أطول أحكام السجن التي صدرت في هذه القضايا هو حكم مدته 20 شهراً، صدر في 18أيار بتهمة إحداث ضررخطير؛ ولكن معظم أحكام الإدانة الصادرة أدت إلى توقيع عقوبات أخف من تلك التي يحكم بها القضاء في جرائم السرقة البسيطة أو التي تصدر بحق المعترضين على أداء الخدمة العسكرية بدافع من الضمير". وترى المنظمة أن لب المشكلةيكمن في أن نظام القضاء العسكري الذي يعتمد على المعلومات المستقاة من جلسات استجواب للبت فيما إذا كانت هناك مبررات لإجراء تحقيق للشرطة العسكرية. وتوضح"مثل هذه "التحقيقات" لا تسعى لأخذ أقوال الضحايا أو الشهود غير العسكريين،ولا تأخذها بعين الاعتبار، ولا تبذل أي جهد للتوفيق بين روايات الجنود وبين التسجيلات المرئية للوقائع، وغيرها من الأدلة الطبية أو شهادة الشهود، عند وجود تضارب فيما بينها.