صنعاء.. نادي القضاة يكشف عن اعتداء مدير البحث الجنائي بالحديدة على قاضٍ وسط أحد الأسواق    بركان إثيوبي يثور بعد 12 ألف عام والرماد يصل اليمن وعمان وباكستان    في الجولة الخامسة لدوري أبطال أوروبا.. برشلونة يواجه تشيلسي في قمة كلاسيكية.. ومان سيتي يستقبل ليفركوزن    فوز الكويت بمقعد العضوية في اليونيسكو لأربع سنوات    خبراء: قرار ترامب "يضيق الخناق" على الإخوان ويهدد شبكاتهم السياسية والمالية    بعد استحواذه على نفط شبوة.. العليمي يتحرك للهيمنة على وزارة المالية بتوزير امرأة من قريته    نهاية مشروع الحكم الذاتي للإخوان في حضرموت وتفكك حلف بن حبريش    10 قتلى في غارات باكستانية على أفغانستان    المرحلة لا تحتمل الحسابات الخاطئة    عين الوطن الساهرة (6)..كيف تحوّل محاولات تجنيدك إلى صفعة للعدو    تحديات تواجه الجنوب    لحج.. متطرفون يهدمون قبة أثرية في أعلى قمة جبلية بالقبيطة    لحج.. مستجدات وتطورات الأحداث في طريق هيجة العبد بالمقاطرة    محافظ المهرة يُشيد بدور الإصلاح والمكونات السياسية في دعم جهود السلطة المحلية    أحزاب تعز تدين الهجوم على موكب المحافظ والجبولي وتدعو لتعزيز التنسيق العسكري    الصحة تعلن ارتفاع وفيات وإصابات التهاب السحايا في اليمن    قراءة تحليلية لنص "أريد أن أطمئن" ل"أحمد سيف حاشد"    منتخب الناشئين يفوز على غوام بعشرة أهداف ويتصدر مجموعته    مونديال الناشئين قطر2025 : النمسا تهزم إيطاليا بثنائية وتتأهل للنهائي    الفريق السامعي يتفقد مستشفى تخصصي بصنعاء ويؤكد أهمية الاستثمار في القطاع الصحي    العلامة مفتاح يؤكد حرص الحكومة على دعم صندوق المعاقين وتمكينه من أداء دوره في خدمة الأشخاص ذوي الإعاقة    الكاتبة اليمنية آلاء الحسني تُطلق روايتها "حينما تأكلك الجزيرة"    الإمارات تدعو لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار والحرب الأهلية بالسودان    وقفة احتجاجية في بلحاف بالمهرة للمطالبة بحلّ أزمة المياه جذرياً    جامعة صنعاء تحقق المرتبة الأولى على مستوى الجمهورية في نشر الأبحاث    نائب وزير الخارجية يلتقي مسئولة الصليب الأحمر باليمن    مدرب منتخب اليمن: نسعى للفوز على جزر القمر ومواصلة المشوار في بطولة كأس العرب    فضيحة مدوية : حسابات الدعارة على إكس.. أرباح بالملايين تحت إدارة استخبارات الحوثيين    الأزمة تخنق الجنوبيين... صرخة النقيب إلى من بيدهم القرار    الضالع تستعد لأول مشاركة في مهرجان التراث الدولي    الأمن في عدن ينجح في استعادة حقيبة تحتوي على وثائق هامة خلال ساعات من سرقتها    ميسي يحطم رقم قياسي جديد    الكثيري يُعزّي في وفاة الشاعر والأديب ثابت السعدي ويشيد بإرثه الأدبي والثقافي    مصادر حكومية: انفراج مرتقب في صرف المرتبات وتحولات اقتصادية تعزز فرص الاستقرار    شبوة برس تنشر صور تظهر لقاء صلاح باتيس بالمرشد للإخوان محمد بديع (صور)    تسجيل 26 حالة وفاة وألف و232 إصابة بالحمى الشوكية منذ مطلع العام الجاري    الأرصاد يحذر من رماد بركاني واسع الانتشار وأجواء باردة في عدة محافظات    لقاح وقائي لسرطان الرئة يدخل التجارب السريرية    رئيس الوزراء يؤكد استمرار الإصلاحات وتعزيز حضور الدولة وتقليل السفر الخارجي    آخر حروب الإخوان    رئيس سياسية الإصلاح يلتقي مسؤولا في الحزب الشيوعي الصيني لبحث العلاقات وأوجه التعاون    ريال مدريد يقع في فخ إلتشي    أرسنال يضرب توتنام.. وفيلا يعاقب ليدز    تقرير عبري: نصف الإسرائيليين يعانون أمراضا نفسية بعد 7 أكتوبر    وزير الخدمة المدنية يؤكد أهمية ربط مسار التدريب بالمسار العملي في وحدات الخدمة العامة    وزارة الزراعة تؤكد استمرار قرار منع استيراد الزبيب الخارجي    الدوري الايطالي: ميلان يحسم الديربي ضد الانتر لصالحه    أزمة وقود خانقة تدفع محافظة المهرة نحو كارثة إنسانية    قراءة تحليلية لنص "أم شريف" ل"أحمد سيف حاشد"    يوم كانت المائة الشلن أهم من الوزير    اختتام الدورة الثالثة لمسؤولي التيقظ الدوائي في المصانع الدوائية    استئناف إصدار وتجديد الجوازات بتعز    صنعاء.. الحكم بالإعدام على قاتل فتاة الفليحي    قراءة تحليلية لنص "حرمان وشدّة..!" ل"أحمد سيف حاشد"    هيئة أسر الشهداء تُنفذ مشاريع تمكين اقتصادي بنصف مليار ريال    الأوقاف والخطوط اليمنية توقعان اتفاقية لنقل أكثر من 6 آلاف حاج    ميزان الخصومة    أيهما أفضل: العمرة أم الصدقة؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عظمة الإسلام وإشكالية المسلمين
نشر في سما يوم 06 - 04 - 2019

(ما سُلّ سيف في الإسلام على قاعدة دينية مثلما سُل على الإمامة في كل زمان) الشهرستاني في كتابه الملل والنحل الجزء الأول ص ٢١.
إشكالية الأمة الإسلامية تكمن في أحد جوانبها بإشكالية منهجية، حيث نشأ العقل المسلم على منهجية ومُسَلمة عقلية خاطئة بأن الفقه الإسلامي هو الدين الإسلامي، والأمران جد مختلفان، فالدين الإسلامي صناعة رحمانية ربانية، فهو من الله مطلق المعرفة وخالق الناس، والذي لا يحده زمان ولا مكان، فهو شمولي يشمل الناس كافة، وأبدي يشمل الزمان والمكان حتى قيام الساعة، ولذلك هو دين صالح لكل زمان ومكان.

وقد ختمه الله وأكمله كما بين ذلك بقوله (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) المائدة ٣، برسالة الرسول الخاتم محمد عليه الصلاة والسلام، بقيمه- قواعد السلوك الإنساني في المعاملات والأخلاق- وتشريعاته الحنيفية الحدودية، الضابطة للقيم والسلوك والمعاملات، وشعائره العبادية، ومعارفه الكونية والإنسانية، بينما الفقه الإسلامي صناعة إنسانية، قائمة على فهم الإنسان لدين الله، ومرتبطة به، وبنسبيته المعرفية بأدواتها وسقوفها، وبمحدوديته الزمانية والمكانية، ويصلح لزمانه ومكانه فقط، ومعارفه وأدواتها وسقوفها المعرفية فقط،ولا يمكن أن يكون شمولياً ليصلح لكل الناس، ولا أبدياً ليشمل كل زمان ومكان، فما يصلح لزمان معين لا يصلح لزمان أخر، وما يصلح لمكان معين لا يصلح لمكان أخر، لهذا فالفقه اجتهاد إنساني وليس دين، على عكس دين الله الإسلام ،المستوعب الزمان والمكان والمعرفة الكونية والإنسانية، بشموليته وأبديته وصلاحيته لكل الناس في كل زمان ومكان، حتى قيام الساعة، وهنا تكمن عظمة ورحمة رسالة الإسلام، التي نزلت على نبينا ورسولنا، محمد عليه الصلاة والسلام، وتكمن عالميتها ومعجزتها وخاتميتها، لكل رسالات الإسلام السابقة، كما هي أيضاً تأكيد على صدق النبوة والرسالة، وصدق النبي والرسول، في أي زمان ومكان، وبأنه رسول الله ونبيه بلغ رسالته للناس كافة، حتى قيام الساعة.

من هذا الخطأ المنهجي نشأت كل مشاكل الأمة فتحول الفقه-الرأي والإجتهاد-إلى دين، بديلاً للدين الحق، وأصبح كلام إمام المذهب، بديلاً لكلام الله، ومثال ذلك فقه الإمامة المغلوط، الذي تحول لدين مزق ودمر أمة الإسلام ولا يزال حتى اليوم، هذه الإشكالية المنهجية، تسببت بنكبة الأمة الإسلامية وصراعاتها وتخلفها، ومنعت المسلمين من عيش حاضرهم بزمانه ومكانه ومعارفه وفقهه.

هذا الخلط بين الفقه والدين -دون الفصل بينهما- جعل الفقه بديلاً عن الدين، وهو ما تدعوا إليه معظم المنابر وجماعات والأحزاب الداعية للإسلام، فهم يرفعون دين الإسلام شعاراً، ويفرضون رأيهم وفقههم على الأخر واقعاً وممارسة، وبهذا قادوا ويقودون الأمة إلى العيش في صراع دائم، وهذا واقع حال المسلمين فهم بكل دورة زمنية لحاضر يدخلونه، يعيشون صراع الماضي بأشخاصه وحروبه وفقهه، بفرضهم تطبيق الفقه الإسلامي من عصوره السابقة على واقع الأمة وحاضرها، ويعتقدون بإيمان منهم وفقاً لهذه المُسَلمة والمنهج الخاطيئ، أنهم يقدمون دين الإسلام الحق، بينما هم حقيقة يقدمون فقه ورؤية مذهبهم أو جماعتهم أو أحزابهم، أو مشايخهم، ولهذا يقتلون بعضهم البعض وهم يهتفون جميعاً بشعار واحد(الله أكبر) وهو قطعاً ليس الله، الذي أرسل دين الرحمة للإنسانية، بل هو إلآه أهوائهم ومذاهبهم ومصالحهم وسلطتهم، وبهذا يقودون المسلمين إلى الموت، بعقول الموتى وسيوفهم وحروبهم، فمن معارك الجمل وكربلاء وصفين، إلى معارك الخلافة الإسلامية، عاشت وتعيش الأمة بهذا الخطأ المنهجي والمُسَلمة العقلية، مأساة صراع الموت والدم والدمار والحروب، غارقة في دين الفقه، تاركة لدين الله الحق، ورسالتها ودورها في الإستخلاف، وعيش الحاضر لبناء المستقبل.

لن تخرج الأمة الإسلامية والمسلمون من هذه المأساة والإشكالية الدامية، دون تصحيح هذا المنهج الخاطيئ وهذه المُسَلمة المغلوطة، وفقههما المغلوط، بالخروج من دين الفقه، إلى دين الله الحق، الذي هو من الله الحي الدائم، لتمارس كأمة وشعوب حية الحياة في عصرها هي، بدينها ودورها ورسالتها، وفق فقهها هي -فهمها واجتهادها-لزمانها ومكانها ومعارفها وأدواتها المعرفية، وهذه عظمة دين الإسلام، بشموله وأبديته، وصلاحيته لكل زمان ومكان، حتى قيام الساعة، كما يجب عليها أن تدرك أن دين الإسلام⁩ هو واحد من الله للناسكافة عبر ملله الثلاث، الملة اليهودية للمؤمنين بموسى عليه السلام والملة المسيحية للمؤمنين برسالة عيسى عليه السلام وملة المؤمنون للمؤمنين برسالة محمد عليه الصلاة والسلام، وهذا الدين الواحد يحمل رسالة واحدة للإنسانية هي لصالح الإنسان، تخدم مصلحته في الدنيا والأخرة، أساسها عبادية الإنسان لله الواحد، وإستخلافه في الإرض، وتعايشه وتعارفه مع الناس كل الناس ضمن قيمه الإنسانية ورحمته ومحبته وأخوته، وحدهم الأحبار والكهن
ة والفقهاء حرفوا جوهر رسالة الإسلام الواحدة لتخدم مصلحة سلطتهم وطواغيتهم واستبدلوا دين الله الحق بدين رأيهم وفقههم.
د عبده سعيد المغلس
١ شعبان ١٤٤٠
٦ ابريل ٢٠١٩


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.