هناك حملات إعلامية منسقة تستهدف النسيج الاجتماعي وتظليل غير مسبوق على كافة الصعد وتقليل من قدرة قيادات الجنوب السياسية على تحقيق شيء بل عدم قدرتها وفق ما يذهبون إليه من استعادة ثقة الشارع الجنوبي لاشك المدخل إلى كل ما سلف هي الأوضاع المعيشية للسكان وما نكابده من أمور الخدمات ونحوها من الملفات التي لم يحدث بشأنها أي تبدل نسق ربما عملت عليه أطراف كثيرة واللافت أن الانتقالي بصورة خاصة هو وراء ما يجري ربما من منظور شراكته في الحكومة وبغض النظر إن كان هو لا يملك القرار بشأن المسائل المالية والاعتمادات الكفيلة بحل تلك المشكلات. لقد استطاع الإعلام تجيير كل تلك المعاناة باتجاه الانتقالي الذي هو أصلًا في وضع لا يحسد عليه وفق المعطيات السياسية وكل ما تمارس عليه من ضغوطات.
فهل ترك الحبل على القارب وإلى أين ما تصل الأمور تصل هو خيار الانتقالي الذي لا يمكنه أن يدحض تراجع شعبيته جراء ما يجري ثم إن من الطبيعي أن يستغل الطرف الآخر مؤشرات الضعف لديه وإطلاق حملات إعلامية منسقة تستهدف مزيدًا من إضعافه بل لقد ذهبت الأمور إلى حد إنكار قضية الجنوب وتصوير الجنوبيين بمليشيات خارجة عن القانون يجري ذلك بعد أن استثمرت مواقف الانتقالي بقبول الشراكة التي لم تعد من وجهة نظرهم مرحلية ما مكنهم من تحقيق مالم يتحقق في عهد عفاش لذا تعالت أصواتهم بنبرات تفاؤلية هي بنفس خطاب مرحلة ما بعد العام 1994.
بمعنى أن المعطيات تشير بكل وضوح بحالة استقوا بمواقف العالم والإقليم التي فيها قدر من عدم الوضوح والتباين بشأن الجنوب ناهيك عن استغلال وضع الجنوب المعيشي لتحقيق مآربهم بطرق متناغمة تمامًا لا يمكن معها الحديث عن رؤية سياسية تشكل حدًّا أدنى من الموضوعية الأمر الذي لاشك يشكل تحديًا للجنوبيين بصورة عامة.
إذن لابد من التفكير بجدية بكيفية تجاوز ما يجري.
حيث إن تلك الأطراف تنكر الإجماع للجنوب على أمر استعادة الدولة ويشيرون إلى الجهوية في ذلك متجاوزين تضحيات شعبنا وكل نضالاته على مدى عقود تحت راية العلم الجنوبي.
واقع ما كان له أن يكون لولا استغلال أمر الشراكة وجعلها امتدادًا لما كان عليه الحال في عهد عفاش طرق مواجهة اليوم منحتهم فرصًا ذهبية ولابد أن تستغل تمامًا لوضع كافة العراقيل في مسار فصيتنا واستهداف النسيج الاجتماعي وبعث كل الشائعات التي تنال من هذا الحق.
لاشك وضع الجنوب أمام مسارات صعبة وتحيات عميقة الحال الذي يتطلب من قيادة الانتقالي البحث عن سبل تجاوز ذلك من خلال إعادة الثقة للشارع الجنوبي أما عبر جبهة وطنية عريضة وفق ما ذهب إليه الزميل عيدروس نصر في موضوعه الأسبوع الماضي على صدر صحيفة "الأيام" وأن تكون على مبدأ استعادة الدولة وألا تكون مبنية على الهدم كما يتصور البعض وليست تحت مبدأ تنوع المشاريع بل تدعيمًا لنسق نضالات شعبنا على مدى عقود مضت وتجسد تلاحمًا جنوبيًّا مجتمعيًّا عارمًا يخرس كل تلك الأصوات المعادية ويفتح متنفسًا يتجاوز حالة الركود القائمة.