اسكندر شاهر لا أخفي حبي الشديد لعدن بالرغم من أني لم أزرها سوى مرتين قصيرتين في حياتي القصيرة أصلاً ، ولكني قرأتها وعرفت أهلها عن قرب وعن بعد ولمست كونها راحة المتعبين بفتح العين وتعب المتعبين بكسرها ، ولذلك فهي اليوم هدف لهؤلاء الدبابير الذين أكلوها لحماً ويريدون أن يرموها عظماً بين جنازيرهم المتعفنة التي لم تحقق انتصاراً واحداً في حياتها على المحتلين في حدودنا و جزرنا ولم تدافع على سيادة وطننا المنتهك في سمائه وأرضه وبحره .. وكيف للمحتل أن يفكر في الدفاع عن وطن هو يعرف أنه لايمت له بصلة فلاتربط الدبابير بهذا الوطن إلا الدنانير . كانت قصة استهداف مبنى المخابرات في عدن واحدة من حلقات السيناريو المفبرك بين الهمج (القاعديين) والسفلة (القاعدين) في مكاتب الأمنين القومي والسياسي والهدف إدخال عدن في دوامة العنف التي جربوها في لحج والضالع وردفان وزنجبار وغيرها ويريدونها أن تطبع عاصمة الجنوب التاريخية وتنزع عنها صفتها المدنية الحضارية بوصفها عاصمة للتعايش والتآخي والسلام والثقافة والتحضر والفن والبخور والحياة الجميلة وهم يعرفون تمام المعرفة بأن عدن المضيئة لاتنزع ثوبها ولا تتجلبب بجلباب الإرهاب أو غيره من جلابيب الظلام .. عدن كانت ولاتزال وستبقى عنوان تحضر وموئل إبداع وبستان محبة وساحل طمأنينة وروح فنان ، ولسان حال كل وافد وراغب في الوفود إليها : عدن عدن ياريت عدن مسير يوم شاسير به ليلة مشرقد النوم ، وروح عاشق آخر يقول : ياطائرة طيري على بندر عدن . عدن فيها الهوى ملون وهي المدينة والعاصمة التي تستحق أن نهبها كل عبارات التفضيل فهي الأجمل والأكمل والأحلى والأغلى و...إلخ .. ويحضرني بيت شعر شعبي أورده الرئيس علي ناصر محمد في كتابه (الطريق إلى عدن) يقول : يا بابور جباني لنته تباني وديني عدن ساني ومن المفارقات التاريخية أنه حتى كلمة (السلب) على علاتها ارتبطت بمدينة عدن ارتباطاً مغايراً لمعناها فغيرت المدينة المسالمة وجه الكلمة ومدلولها فحدود عدن كما ذكر في محادثة وردت أيضاً بكتاب الرئيس علي ناصر (الطريق إلى عدن) أن "حدود عدن كان عند باب السلب وسمي الباب كذلك لأنه لم يكن يسمح للقبائل بدخول عدن إلا إذا سلموا سلاحهم من بنادق وخناجر وسكاكين في هذه النقطة العسكرية التي سماها العرب باب السلب أي الباب الذي يحطون فيه سلاحهم وديعة حتى يخرجوا من عدن التي كانت تتشكل منها كريتر والمعلا والتواهي مقر المندوب السامي البريطاني".. هذه المدينة المجبولة عبر تاريخها الطويل على السلام كيف يمكن أن يلصقوا بها تهمة العنف والإرهاب أو يسوقوا بضاعاتهم القاعدية النتنة في أسواق زعفرانها وبخورها الأخاذ.. من سيصدقهم ؟!. ولعل قصة إقحامهم عدن في معمعة الإرهاب والقاعدة بما فيها من صفاقة واستعباط تجعلنا بحاجة لأن ننصحهم بمحاولة ترويج بضاعاتهم هذه في أي مكان بعيداً عن عدن ولعلنا بحاجة لأن نستعير بيت شعر لأعرابي سجنه الحجاج بن يوسف لأنه بال في مدينة (واسط) التي كانت تشتهر بنظافتها إذ يقول : إذا نحن جاوزنا مدينة واسط خرينا وصلينا بغير حساب وهاهي عدن بالرغم من كل مايصنعون ويحيكون من مؤامرات مكشوفة تؤكد للقاصي والداني بأنها لن تستبدل حي "السعادة" بتعاستهم ولا حي "السلام" بحربهم ولا "خور مكسر" بسور مخفر .. فعدن محضر خير أيها الدبابير .. ولأجل ذلك فشلت المؤامرة!!. [email protected]