يرجح المحللون أن تبدأ الحكومة الصينية بتهدئة النمو الاقتصادي الجامح لمنع انفجار الأعراض الجانبية وتشكل فقاعة كبيرة في سوق العقارات، في وقت تروج وسائل الإعلام الناطقة باسم الحكومة لثورة إصلاحات اقتصادية هي الأكبر منذ 1978، بعد اختتام الحزب الشيوعي اجتماعاته لتحديد سياسة الصين في السنوات العشر المقبلة. توقع أحد البنوك الاستثمارية الكبرى في الصين أن تخفض البلاد معدل نموها المستهدف إلى 7 بالمئة العام القادم في مؤشر يدلل على عزم الحكومة المضي قدما في إصلاحات هيكلية وتوجيه الاقتصاد نحو مسار أكثر استدامة. وكانت بكين تستهدف معدل نمو يبلغ 7.5 بالمئة في السنوات القليلة الماضية، لكن بنك تشاينا انترناشيونال كابيتال كورب "سي.آي.سي.سي" وهو مصرف استثماري يرأسه ليفين تشو نجل رئيس الوزراء السابق تشو رونجي في تقرير له أمس أن تتخذ الحكومة قرارا بخفض معدل النمو المستهدف للعام القادم إلى 7 بالمئة. ووفقا لصحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية سيكون خفض معدل النمو المستهدف للبلاد مؤشرا مهما لخطط الحكومة، على الرغم من استبعاد الإعلان عنه حتى انعقاد الاجتماع السنوي للبرلمان الصيني في مارس القادم. وتتخطى الصين باستمرار معدل نموها المستهدف عمليا، لكن خفضه لا يزال يمثل مؤشرا على استعداد بكين للتسامح في حدوث تباطؤ للنمو من أجل معالجة المخاطر الناشئة عن مستويات الدين المرتفعة على أسعار العقارات المتصاعدة. وقال محللو "سي.آي.سي.سي" إن الخفض المستهدف سيهيئ عام 2014 لكي يكون عاما حاسما لتنفيذ إصلاحات وفقا لما يصدر عن اجتماع هيئة الحزب الشيوعي الذي اختتم في بكين أمس. وقال محللون إن الإصلاحات ستكون بمثابة عملية "تنظيف وإزالة القاذورات والسماح بدخول مياه جديدة"، مضيفين أن الإصلاحات التي ستوضع موضع التنفيذ ستركز على تخفيف القيود المالية وتعزيز الاستهلاك وإحداث انكماش للسوق العقارية. كما أن إجمالي إصدار الإئتمان الجديد بما فيه إئتمان بنوك الظل الصينية "الموازية" كان أقل بكثير في أكتوبر حيث تراجع إلى نحو 140 مليار دولار من نحو 229 مليار دولار في سبتمبر. وفي إطار الإصلاحات أعلن الحزب الشيوعي الحاكم أمس أنه سيسمح للسوق بالقيام ب"دور حاسم" في توزيع الموارد الطبيعية بما قد يعني تقليص النفوذ الذي تتمتع به المؤسسات الحكومية العملاقة. كما أعلن قبل ذلك أنه سيسمح للمستثمرين بامتلاك حصص تصل إلى 15 بالمئة في الشركات الحكومية، في خطوة أخرى لفتح الاقتصاد. ومن المقرر أن الحزب الشيوعي سيفرض برنامجا للاسترشاد به في إصلاحاته الاقتصادية خلال العقد القادم بعد اجتماعات امتدت 4 أيام. وتروّج وسائل الإعلام الحكومية لثورة إصلاحات اقتصادية واسعة هي الأكبر منذ عام 1978 عندما بدأت الصين فتح أسواقها والسماح باقتصاد سوق محدودة بعد فترة من التشدد الماوي إبان الثورة الثقافية 1966-1976. وتشير عناوينها إلى "إصلاحات أعمق قادمة"، وإصلاحات جريئة و"شديدة". وتدشن الإصلاحات أول سياسة اقتصادية يقودها زعيم الحزب شي جين بينغ منذ خلافته لهو جينتاو في نوفمبر الماضي، وتتزامن مع حملة لمكافحة الفساد. ومن شأن الإصلاحات أن توسع وتسرع الكثير من السياسات القائمة للحزب والتي تطورت خلال العقد الماضي من أجل إعادة التوازن لثاني أكبر اقتصاد في العالم بعيدا عن اعتماده الطويل على الصادرات والاستثمار. كانت نخبة الحزب المؤلفة من 25 عضوا قد وافقت على حزمة الإصلاحات الشهر الماضي وعرضوها على اللجنة المركزية المؤلفة من 376 عضوا لبحثها والمصادقة عليها خلال الأيام الأربعة الماضية.