جددت ليبيا مطالبها الثابتة بإصلاح منظمة الأممالمتحدة ونقل مقر إقامتها إلى خارج الولاياتالمتحدةالأمريكية وذلك من أجل أن تعود المنظمة الأممية لخدمة السلام الدولي وتستجيب لاحتياجات جميع شعوب الدول الأعضاء فيها دون تمييز أو ظلم. وجاء تجديد الجماهيرية لهذه المطالب في كلمتها التي ألقاها موسى كوسا أمين اللجنة الشعبية العامة للاتصال الخارجي والتعاون الدولي الثلاثاء، في الدورة الخامسة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة. وقال كوسا إن الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، لن يتحقق ما لم يتخلص العالم كلياً من كافة أسلحة الدمار الشامل؛ وتطبيق أحكام معاهدة عدم إنتشار الأسلحة النووية على الجميع وبدون تمييز. وذكّر باقتراح ليبيا تعديل معاهدة عدم الإنتشار بما يُمذكن الوكالة الدولية للطاقة الذرية من أداء مهامها، والتحقق من تخفيض الترسانات النووية التي يشكل وجودها أخطر تهديد للجنس البشري. ودعا كوسا جميع الدول التي تمتلك اسلحة نووية إلى التخلي عنها وعن جميع الأنشطة المتعلقة بإنتاج المواد المحظورة طوعيا اقتداء بالمبادرة الليبية. وقال إن هذه المبادرة "يجب أن تكون نموذجاً يُحتذى به من جانب الدول الحائزة أو الساعية إلى حيازة الأسلحة النووية". وأكد أمين الخارجية الليبي على الضرورة الملحة لإصلاح الأممالمتحدة قائلا "لو قوّمنا وضع هذه المنظمة الأممية بدقة ونزاهة - رغم الإنجازات التي حققتها -، ووقفنا بشيء من الأناة حيال المقترحات السديدة التي اقترحها الزعيم الليبي معمر القذافي في خطابه الأربعيني الشهير خلال الدورة الرابعة والستين للجمعية العامة، نجد أن لا مفر أمامنا من أن نجتمع على مساندتها بكل عزم ممكن". وقال "إن الأممالمتحدة في مفترق الطرق، ويلزم إصلاحها لتصبح أمما متحدة لكل الدول على قدم المساواة.. وإن الإصلاح الذي ننشده ونتوق إلى تحقيقه ونتشبث به، هو أن تصبح الجمعية العامة المشرّع الحقيقي، وتكون قراراتها ملزمة بإعتبارها تمثل واقعيا برلمان العالم، وأن يصبح مجلس الأمن - خلافا للصيغة المفروضة حاليا -، مجرد أداة تنفيذية لقرارات الجمعية العامة". وفي هذا الصدد اكد كوسا أن لدعوة المتكررة لمنح العضوية الدائمة لدول معينة، من شأنه أن يُمّكن الدول الكبرى؛ من تأكيد هيمنتها وديكتاتوريتها على الدول الصغرى التي ستجد نفسها تعارض ذلك بشدة. وذكّر بموقف ليبيا من هذه القضية قائلا: "إن الحل الأمثل؛ هو أن تكون العضوية الدائمة في المجلس للإتحادات الإقليمية.. وبهذه الكيفية نضمن تمثيل كافة شعوب الأرض، ولن يستأثر أحد بحق النقض المحبط والمنافي للديمقراطية.. وإن المطالبة بمنح مقعد دائم وبصورة فورية وبكافة الإمتيازات لإفريقيا؛ التي حُرمت ظلماً لعقود طويلة من حق التمثيل العادل في المجلس المذكور، هو مطلب واقعي ومشروع؛ سيضع القارة على قدم المساواة مع باقي المجموعات الجغرافية والإقليمية". ودعا إلى تعزيز التعاون الدولي في إطار شراكة حقيقية جديدة وفاعلة لتسريع وتيرة النمو في البلدان النامية؛ وتضييق الفجوة المؤلمة بينها وبين الدول المتقدمة. وطالب كوسا الدول الغنية إلى ألاّ تغفل حقيقة انها هي السبب في تخلف وفقر أغلب الشعوب؛ التي ماتزال تعاني من مخلفات آثار الاستعمار والنهب والاستنزاف غير المشروع لمواردها وثرواتها. وجدد دعوة بلاده لهذه الدول الاستعمارية إلى تقديم الاعتذار ودفع التعويضات العادلة والمناسبة للشعوب والبلدان التي استعمرتها. وأشار كوسا إلى أن الشعوب عانت من ويلات الحربين الكونيتين، و"استمرت المآسي والمعاناة حتى بعد إنشاء منظمة الأممالمتحدة، إذ شهد العالم حروباً عدوانية وتدخلات غير مشروعة؛ تمثل خرقا فاضحا لكل المواثيق والأعراف الدولية، مستشهدا بغزو العراق، ك"نموذج مخز لمثل هذه الحروب الفظيعة الظالمة". ودعا إلى التحقيق في أسبابها وظروفها؛ لأن "عدم اتخاذ التدابير الرادعة ضد من أشعلها، يعد تقاعسا غير مبرر". وقال إن تحقيق العدالة الدولية، يتطلب من الأممالمتحدة "تشكيل فريق تحقيق دولي، للوقوف على دوافع الغزو؛ وعمليات القتل الجماعي؛ وإعدامات أسرى الحرب التي طالت حتى رئيس دولة". وذكّر كوسا بما أثاره الزعيم الليبي معمر القذافي العام المنقضي من على نفس المنبر فيما بتعلق بملف الاغتيالات السياسية التي ارتكبت ضد رموز وزعامات وشخصيات عالمية مرموقة، أمثال "داج همرشولد"؛ و "جون كيندي"؛ و "باترس لومومبا"؛ و"مارتن لوثر كينغ"؛ و"موريس بيشوب"؛ وعددا من قيادات حركة التحرر الوطني الفلسطيني. وقال إن ليبيا تهيب بإعتماد آلية دولية فعالة، تكفل التحقيق النزيه والجاد؛ للكشف عن ظروف وملابسات هذه الاغتيالات ومن كان وراءها، حتى لا يفلت "المجرمون من الملاحقة والعقاب". كما جدد أمين الخارجية الليبية دعوة بلاده إلى البحث عن مقر بديل للمقر الحالي للمنظمة الدولية التي قال عنها إن الظروف والعوامل التاريخية الاستثنائية، التي لعبت دوراً أساسياً في اختيار البلد المضيف للمقر قد تغيرت وبات من الضروري لحسن أداء وسير أعمال المنظمة والبعثات الدبلوماسية المعتمدة لديها، العمل على نقل مقرها إلى بلد آخر. وأدان كوسا الخلط المتعمد بين بشاعة ظاهرة الإرهاب؛ والتشويه المتحيز لنضال الشعوب المستعمَرة. وقال إن "مقاومة الإحتلال هو حق مشروع، وأن الزج بحركات التحرير الشريفة وإدراجها في خانة المنظمات الإرهابية، هو تكريس للفوضى والغموض والضبابية. وأكد أن وصف كفاح الشعب الفلسطيني بالإرهاب، "يُعد تحاملا ضد النضال المشروع؛ تغذيه عقيدة عنصرية تنكر حق هذا الشعب المضطهد في الوجود وتقرير المصير". وجدد التذكير بقناعة ليبيا بأن "هذه القضية لا يمكن حلها عن طريق ما يسمى بعملية السلام؛ التي يبدو أنها ستمتد إلى ما لا نهاية، وإنما يكمن حلها في إقامة دولة ديمقراطية واحدة يتعايش فيها الجميع دون تمييز، وذلك وفق ما يطرحه الكتاب الأبيض "إسراطين" للزعيم الليبي معمر القذافي