ضبط متهمين بقتل شخص وإصابة اثنين قرب قاعة الوشاح    الشورى يدعو لاجتماع طارئ لمواجهة تداعيات الاعتراف الصهيوني بأرض الصومال    مكونات حضرموت وشبوة تعلن تأييدها الكامل لقرارات الرئيس وتحمل الانتقالي المسؤولية عن أي تصعيد    مصدر بشرطة مأرب يستهجن أكاذيب ناطق المجلس الانتقالي    اللقاء الأسبوعي السادس بين الحكومة والقطاع الخاص يؤكد الشراكة في دعم الاقتصاد الوطني    عاجل: بيان صادر عن وزارة الدفاع في دولة الإمارات العربية المتحدة    أبو الغيط يدعو إلى الوقف الفوري للتصعيد وتغليب لغة الحوار في اليمن    لجنة معالجة قضايا السجون تواصل جهودها للإفراج عن سجناء الحقوق الخاصة    وزارة الاقتصاد والصناعة تحيي ذكرى جمعة رجب بفعالية خطابية وثقافية    خلال 8 أشهر.. تسجيل أكثر من 7300 حالة إصابة بالكوليرا في القاعدة جنوب إب    الأرصاد يحذر من تشكّل الصقيع ويدعو المزارعين لحماية محاصيلهم    انقسام داخل مجلس القيادة: نصف المجلس يعتبر قرارات العليمي غير دستورية    توجه حكومي لحماية الصناعة المحلية: تسجيل 100 مشروع جديد وفريق فني لحل إشكالات الضرائب    المعادن النفيسة تسترد عافيتها: الذهب يصعد 1% والفضة تقفز 3%    اعلان حالة الطوارئ واغلاق مختلف المنافذ ومنح محافظي حضرموت والمهرة صلاحيات واسعة    مكون الحراك الجنوبي يعلن تأييده لبيان قائد الثورة بشأن الصومال    تأهل 14 منتخبا إلى ثمن نهائي أمم أفريقيا.. ووداع 6    اتفاق الأسرى.. وخطورة المرحلة    أمريكا تزود الكيان بصفقة طائرات (اف 35)    الطيران السعودي ينفذ ضربة جوية في ميناء المكلا    نائب وزير الثقافة يزور الفنان محمد مقبل والمنشد محمد الحلبي    الصحة: العدوان استهدف 542 منشأة صحية وحرم 20 مليون يمني من الرعاية الطبية    الصحفي والأكاديمي القدير الدكتور عبد الملك الدناني    سفر الروح    بيان صادر عن الشبكة المدنية حول التقارير والادعاءات المتعلقة بالأوضاع في محافظتي حضرموت والمهرة    صنعاء: الاعلان عن موعد بدء صرف مرتبات نوفمبر 2025    صنعاء.. الحكومة تدرس مشروع برنامج استبدال سيارات المحروقات بالسيارات الكهربائية    الرئيس الزُبيدي يطّلع على سير العمل في وزارتي الشؤون الاجتماعية والعمل والخدمة المدنية والتأمينات    فريق السد مأرب يفلت من شبح الهبوط وأهلي تعز يزاحم على صدارة تجمع أبين    أذربيجان تؤكد دعمها لوحدة اليمن وسيادته وسلامة أراضيه    لملس يناقش أوضاع المياه والصرف الصحي ويطّلع على سير العمل في المشروع الاستراتيجي لخزان الضخ    التحالف الإسلامي ينظم دورة حول القانون الدولي الإنساني وعلاقته بمحاربة الإرهاب    إيران والسعودية تتباحثان حول اليمن ولبنان وتعزيز التعاون الإقليمي    النفط يرتفع في التعاملات المبكرة وبرنت يسجل 61.21 دولار للبرميل    صنعاء تحتضن أول بطولة لكرة القدم لمبتوري الأطراف من جرحى الحرب    لوحات طلابية تجسد فلسطين واليمن في المعرض التشكيلي الرابع    الصين تدعو إلى التمسك بسيادة اليمن ووحدة وسلامة أراضيه    تحذير أمريكي: تحولات شرق اليمن تهدد التهدئة وتفتح الباب لصراع إقليمي    إدارة أمن عدن تكشف حقيقة قضية الفتاة أبرار رضوان وتفند شائعات الاختطاف    صنعاء.. البنك المركزي يوقف التعامل مع خمس كيانات مصرفية    قراءة تحليلية لنص "من بوحي لهيفاء" ل"أحمد سيف حاشد"    بسبب جنى الأرباح.. هبوط جماعي لأسعار المعادن    المنتخبات المتأهلة إلى ثمن نهائي كأس الأمم الأفريقية 2025    تكريم البروفيسور محمد الشرجبي في ختام المؤتمر العالمي الرابع عشر لجراحة التجميل بموسكو    مرض الفشل الكلوي (34)    حين يكون الإيمان هوية يكون اليمن نموذجا    الهوية والوعي في مواجهة الاستكبار    فلسطين الوطن البشارة    المكلا حضرموت ينفرد بصدارة المجموعة الثالثة بدوري الدرجة الثانية لكرة القدم    وفاة المخرج المصري الكبير داوود عبد السيد    محمد صلاح يواصل تحطيم الأرقام القياسية في «كأس أمم إفريقيا»    ضربة بداية منافسات بطولة كأس العالم للشطرنج السريع والخاطف قطر 2025    اتحاد حضرموت بحافظ على صدارة المجموعة الثانية بدوري الدرجة الثانية    الكشف عن عدد باصات النساء في صنعاء    الكتابُ.. ذلكَ المجهول    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    لملس والعاقل يدشنان مهرجان عدن الدولي للشعوب والتراث    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مرصد استانبول: هدم الرصد ورصد الهدم- قراءة في علوم الكون الإسلامية بعد كوبرنيكوس"
نشر في سما يوم 03 - 03 - 2011

قدم مركز تريم للعمارة والتراث محاضرة جديدة ضمن سلسلة محاضرات أربعاء تريم الثقافي والتي تعقد للسنة الرابعة على التوالي في الاربعاء الأول من كل شهر تحت رعاية وزراتي الثقافة والإعلام في مكتبة الأسد الوطنية بدمشق وذلك في مساء الأربعاء 2آذار 2011م.
ألقت المهندسة ريم عبد الغني كلمة ترحيب أوضحت فيها أن اختيار الموضوع كان لدحض الشائع من أن علوم الحضارة الاسلامية قد اتجهت حصراً نحو الدراسات الدينية، أو العلوم الإنسانية، أو الدراسات الأدبية واللغوية، فهي في الحقيقة توزعت بغناها وتشعبها على كافة المعارف والعلوم والآداب، والجهد العلمي في الحضارة الإسلاميّة قد ركز على توفير فرص البحث العلمي لسائر القادرين على ذلك ، مع دعم الحكومات باللازم من علماء وعاملين ومبان وأموال، وتساءلت في كلمتها: ألا يجدر بنا اليوم -بين أمور أخرى كثيرة- المناداة بأهمية التعريب وتعلّم اللغات الأجنبيّة ودعم التفوق العلمي لبلوغ الحد المطلوب من الثقة بالنفس والتقدم والتواجد المشرف بين الأمم مجدداً؟.
ويذكر أن مركز تريم للعمارة والتراث مؤسسة غير حكومية، مركزها دمشق، أسستها المهندسة ريم عبد الغني في كانون الثاني -يناير 2004 م، تُعنى بالتراث والعمارة في العالم العربي من خلال التوثيق والدراسة والنشر والإنتاج الفني وتنفيذ المشاريع الهندسية وإكمال الحفاظ والترميم وتبادل الخبرات مع المؤسسات والهيئات والمراكز المماثلة في العالم.
ألقى المحاضرة التي دارت حول: مرصد استانبول: هدم الرصد ورصد الهدم- قراءة في علوم الكون الإسلامية بعد كوبرنيكوس الأستاذ الدكتور سامر عكاش عميد كلية الهندسة المعمارية في الجامعة العربية الدولية، المدير المؤسس لمركز عمارة آسيا والشرق الأوسط في جامعة أدلايد – استراليا
حضر الندوة الرئيس علي ناصر محمد ووزير النقل الدكتور يعرب بدر والدكتور عبد الحافظ نعمان والدكتور أحمد الحسن عضوا القيادة القومية والسفير الياس نجمة وبعض أعضاء السلك الدبلوماسي في سورية وممثلين عن بعض الوزارات وعدد كبير من المسؤولين والأكاديميين والمثقفين والإعلاميين وجمهور كبير من المهتمين من دمشق والمحافظات السورية ومن خارج سورية أيضاً.
في محاضرته، اعتبر الدكتور عكاش ظهور العلوم الحديثة في أوروبا في القرنين السابع عشر والثامن عشر الميلاديين من أهم الأحداث التي غيرت مسيرة التطور الإنساني، ووجهتها نحو العالم الذي نعيشه اليوم بكل إيجابياته وسلبياته. بينما يعتبر كثيرٌ من المؤرخين اكتشاف كوبرنيكوس لنظرية مركزية الشمس الحدث الأهم على الإطلاق الذي مهد لظهور العلوم الحديثة، حيث تمخض عنه صراع مرير وطويل بين علماء الدين وعلماء الطبيعة، دام أكثر من قرنين، حُرق فيه علماء كجيوردانو برونو(ت1600)، الذي اعتُبر شهيد العلم بامتياز، وحُوكم آخرون كغاليليو غاليلي (ت 1642)، الذي أجبر على إنكار أفكاره الجريئة وعلى التخلي عن فضوله العلمي. ولكن سلطة الكنيسة انهارت في النهاية وحسم الصراع لصالح علماء الطبيعة. بالمقابل على الطرف العربي- العثماني تبدو هذه الفترة، بحسب الرواية المتداولة، أنها مرت مرور الكرام دون أحداث تذكر، وذلك لأن شعلة الفضول العلمي كانت قد انطفأت منذ زمن بعيد، ولأن العلماء العرب والمسلمين لم يتعرفوا على نظرية كوبرنيكوس حتى منتصف القرن التاسع عشر. هذا ما روجت له الرواية الرسمية الشائعة التي ألقت باللوم على العثمانيين لتبرير تراجع العلوم عند العرب.
وأكد عكاش أن الدراسات الجديدة في مجالي تاريخ الفكر وتاريخ العلوم تشير إلى سذاجة الرواية الشائعة في ضوء ظهور معطيات جديدة تقتضي منا إعادة النظر في تاريخ تلك الحقبة المهمة. من أهم هذه المعطيات هو أن تطور العلوم عند العرب استمر حتى نهاية القرن السادس عشر، وهي المحطة التي تساوى عندها التقدم العلمي في كل حضارات العالم وقتها، بما في ذلك الحضارة العربية، قبل أن تنفرد أوروبا بعدها بشق منحى خاص بها تميزت به عن الحضارات الأخرى. في العالم العربي-العثماني تزامنت هذه المحطة مع حدث خطير، لا يقل خطورة من حيث الفعل والدلالة عن حرق برونو ومحاكمة غاليليو، ألا هو هدم مرصد استانبول في عام 1580م من قبل السلطان سليم الثالث. يطرح هذا الحدث أسئلة كثيرة ومحيّرة لا أجوبة شافية لها، أهمها: لماذا هدم السلطان سليم الثالث مرصد استانبول وقد شارف على الانتهاء؟ لماذا هدمه مع أنه هو نفسه الذي تبنّاه منذ البداية، وأنفق على بنائه، ونصّب عليه ألمع الفلكيين، وجهزّه بأحدث الآلات الرصديّة؟ ما الذي تغيّر حينئذٍ حتى قلب السلطان موقفه بهذه الطريقة الجذرية؟ ما الذي كان يأمل السلطان تحقيقه عندما قرر إنشاء المرصد، وما الذي أصبح يخشاه حين قرر هدمه؟ ما تأثير هذه الحادثة الخطيرة على مسيرة العلوم عند العرب، ولماذا لم تحظى باهتمام الباحثين ومؤرخي العلوم؟ لماذا لم تُرصَد أسباب ونتائج الهدم من قبل علماء الفلك والدين العرب؟ ولماذا لم تُرسّخ دلالات "هدم الرصد" في الذاكرة الجمعية العربية كما رُسخت دلالات حرق برونو ومحاكمة غاليليو في الذاكرة الجمعية الغربية؟ هل كان لظهور نظرية كوبرنيكوس دور في هدم المرصد؟ وكيف تعامل علماء الدين المسلمين مع نظرية مركزية الشمس؟ وكيف تطورت علوم الكون الإسلامية بعد ظهور نظرية كوبرنيكوس؟
ناقش المحاضر أن المعطيات الجديدة طرحت حزمة أخرى من التساؤلات المحيِّرة التي لا أجوبة شافية لها أيضاً. فبعد الاعتقاد التام ولزمن طويل بانفراد أوروبا في صناعة الإنجاز الكوبرنيكي، قدمت لنا الدراسات الجديدة تصورات مختلفة. فقد أصبح من شبه المُسلّم به اليوم أن كوبرنيكوس استخدم في كتابه في دوران الأفلاك السماوية الرياضيات التي طورها روّاد الفلك المسلمين لحل مشاكل الهيئة البطلمية، وبالتحديد تلك التي استخدمها كل من مؤيد الدين العُرضي (ت 1266) ونصير الدين الطوسي (ت 1274) وابن الشاطر (ت 1375). وقد بينت الدراسات مدى التطابق بين رياضيات كوبرنيكوس ورياضيات علماء الهيئة المسلمين، ليس فقط في النهج الرياضي العام وإنما في تفاصيل الأشكال الهندسية المستخدمة، وحتى في الرموز الحرفية، لدرجة أنه لم يعد هناك شك اليوم في أن كوبرنيكوس استند في وضع نظرياته الفلكية على المصادر العربية، ونقل منها في بعض الأماكن نقلاً حرفياً. ولم يعد السؤال الأساسي اليوم هو: هل أو كيف أثّرت رياضيات الفلكيين المسلمين بنظرية كوبرنيكوس، وإنما ماهو الطريق التي وصلت عبره المصادر الإسلامية إلى كوبرنيكوس؟
فلمّا بات من المؤكد اليوم أن الفلكيين المسلمين قد توصلوا إلى تصور لنظام فلكي معادل رياضياً لنظام كوبرنيكوس، قبل الأخير بحوالي قرنين على الأقل، فما الذي منعهم من محاولة استكشاف حلول شاذة عن النظام الأرسطي-البطلمي؟ لماذا لم يدفعهم فضولهم العلمي، وهم على علمهم العميق بمشاكل نظام مركزية الأرض، إلى البحث عن تصورات جديدة تُغيّر النظام الكوني؟ ولمّا بات من المؤكد اليوم أن الإنجاز الكوبرنيكي في الحقيقة ليس إنجازاً ونقلة علمية على المستوى الرياضي، وإنما على المستوى الفكري والديني بالدرجة الأولى، فما هو العائق الذي وقف في وجه علماء المسلمين على مدى قرنين وحال دون حدوث هذه النقلة الفكرية والدينية؟ ولما بات من المؤكد أيضاً أن علماء المسلمين كانوا يراوحون على عتبة أهم تحول في تاريخ البشرية الحديث، فما الذي أعاقهم عن التخلي عن العبئ اليوناني الإشكالي القديم، وعبور العتبة، وتبني ولادة العالم الحديث؟ خاصة وأننا نتحدث عن أسبقية للفلكيين للمسلمين بفاصل زمني لا يقل عن مئتي عام، فهل يُعقل أن يخلو المشهد الإسلامي طوال هذه الفترة تماماً من الأفكار الجريئة أو الشاذة، بالرغم من القلق المستمر حول مشاكل النظام الكوني البطلمي؟ هل كانت هناك محاولات متطرفة لم نكتشفها بعد، وأصوات تُنذر بتغيير لم يصلنا صداها بعد؟ ليس لدينا معلومات كافية لتقديم إجابات يقينية عن هذه الأسئلة الخطيرة، ولكن المحاضرة كانت محاولة لاستقراء ظنّي لبعض الأحداث المهمة التي تزامنت مع ظهور نظرية كوبرنيكوس، والتي يعتقد أن لها علاقة بهدم مرصد استانبول.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.