صرح الدكتور عادل عدوي، مساعد وزير الصحة للشئون العلاجية، بأن إجمالي المصابين من أحداث العباسية، التي وقعت مساء امس السبت، بلغ حتى الآن 143مصابا، تم إسعاف 49 من بينهم في موقع الحادث، وتم تحويل 6 حالات إلى 3 مستشفيات حتى الآن. وأوضح الدكتور عدوي، أنه تم تحويل حالة إلى مستشفى عين شمس التخصصي، وحالة إلى مستشفى القبة العسكري، و4 حالات إلى مستشفى الدمرداش، مشيرا إلى أن الإصابات كانت ما بين إصابات في الرأس وجروح كدمات، وقامت فرق المسعفين بتقديم الإسعافات اللازمة لهم، كما قامت الفرق الطبية بالمستشفيات بتقديم الرعاية اللازمة لهم. وأوضح أنه فور وقوع الأحداث، تم دفع 16 سيارة إسعاف مجهزة بالمستلزمات الطبية، كما تم دفع العيادات المتنقلة التي قامت بتقديم الإسعافات اللازمة للمصابين في موقع الحادث، ونقل الحالات التي تستدعى النقل إلى المستشفيات القريبة في منطقة العباسية. فيما استقبل مستشفى الدمرداش عشرات المصابين في أحداث الاشتباكات التي شهدها ميدان العباسية، يوم أمس السبت، واكد مدير المستشفى . أن المستشفى استقبل 70 حالة، خرج منهم 58 بعد تلقيهم العلاج، بينما بقي 12 آخرون لتلقي الرعاية الطبية بعد الاشتباه في إصابتهم بارتجاج في المخ، ومن بينهم حالتان دخلتا غرف العمليات على الفور. لم يجد أحد النشطاء المشاركين في المسيرة التي كانت مقررة أمس السبت إلى مقر المجلس العسكري، والتي منعت بسبب اشتباكات عنيفة فيما سمي ب(موقعة العباسية)، كلمات أخرى للتعبير عن الأحداث التي مرت بهم خلال ساعات عصيبة، قضوها في حصار تام بين مجموعات قالوا إنهم بلطجية، وأهالي المنطقة، والشرطة العسكرية. و فسر شهود عيان ما حدث أمس السبت، بأنه سوء فهم سببه البلطجية، الذين تم دسهم بين أهالي العباسية منذ الساعات المبكرة من صباح أمس السبت، والذين قاموا بقذف الحجارة على المسيرة، وهو ما دفع الشباب للرد بالمثل، فاعتقد أهالي المنطقة أن الشباب يعتدون على منازلهم، فتصدوا للمتظاهرين بأنفسهم، وهو ما توقف عندما أدرك الأهالي الغرض الحقيقي للمظاهرات. مسافة طويلة قطعها المتظاهرون في طريق عودتهم من ميدان العباسية، حيث جرت مصادمات قوية بينهم وبين الأهالي، ومجموعات وصفوها بالبلطجية بالأسلحة البيضاء والحجارة وقنابل المولوتوف، إلى ميدان التحرير، حيث يستكملون اعتصامهم في أسبوعه الرابع سعيا لاستكمال تحقيق أهداف الثورة. في الشوارع المظلمة، التي امتدت من مدخل العباسية، وصولا إلى مدخل منطقة غمرة، سار النشطاء مرددين هتافات تنادي القصاص، وبإشعال الثورة من جديد لإسقاط نظام لم يسقط بعد، ومنددين بما حدث في العباسية أمس الجمعة واليوم السبت، وسط تعاطف واضح من الأهالي، ونداءات من المتظاهرين بانضمام الشباب من المنازل، حتى تزداد الأعداد. ما أن اقتربت المسيرة من غمرة، حتى ساد الحذر الشديد بين جميع من شارك في المسيرة، أكثر من مائة شاب وفتاة، يجمعون بعضهم البعض لكي يدخلوا ميدان رمسيس سويا، حتى لا ينفرد مخبرو أمن الدولة بهم، وكأنهم لم يعترفوا بأن هذا الجهاز الذي عانوا منه لسنوات تم حله بعد ثورة 25 يناير، التي يؤكدون أنها لم تكتمل بعد. مشهد غريب لسيارات إسعاف مسرعة باتجاه رمسيس والتحرير، كان كجرس الإنذار لمزيد من الاستعداد بينهم، جلسة راحة قصيرة، تبعها تنظيم الصفوف، ودخول رمسيس بصورة جماعية منظمة، وهكذا استمرت المسيرة عائدة إلى ميدان التحرير، وسط هتافات تؤكد أن مسيرتهم التي لم تكتمل حققت هدفها الأهم.. "دي رسالة الغضب.. هنعلمهم الأدب". كما أكد نشطاء ومدونون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أن عمرو غريبة، أحد النشطاء المشاركين في مسيرة المجلس العسكري، والتي أوقفتها الشرطة العسكرية في ميدان العباسية يوم أمس السبت، تعرض للاختطاف في شارع أحمد لطفي السيد، بالقرب من كلية طب عين شمس، بعد أن تجمع حوله أعداد من الشاب، وقالوا إنه واحد من "شباب حركة 6 أبريل العملاء. وروت الناشطة عالية الحسيني، في تدوينة لها على موقع فيس بوك: "مسكوا عمرو من رقبته وبيقولوا ده من 6 أبريل وجاسوس، وبيشدوه من شعره. سألوه عن بطاقته فقال لهم: "مانتوا أخذتوها!"، واحد من الشباب، شكله صغير (17 سنة مثلاً) بس صوته عالي، قعد يقول لعمرو إنه محدش هيأذيه، بس يمشي معاه محترم ويسلم نفسه لشرطة المترو. قعد يقول شوية "شرطة المترو" وشوية "الشرطة العسكرية"، وبعدين بعد شوية رسي على شرطة المترو. قال: "هاسلمك ليهم وهما يقرروا يقبضوا عليك ولا لأ! يا سيدي أنا هاسلم نفسي معاك". واستطردت عالية: " طلعنا من الناحية الثانية من المحطة، يعني في الشارع الموازي للمترو بس الناحية الثانية من الشريط. وهنا الشاب اللي كان بيتكلم ده طلع كاميرا فيديو وابتدى يصور عمرو وهما بيشدوا شعره وبيقولوا "الجاسوس أهوه!"، مشينا في الشارع ده في اتجاه العباسية، والشباب اللي ماسكينا يسألوا المواطنين الشرفاء (اللي المجلس بيشكرهم في بياناته دول) عن أقرب نقطة للشرطة العسكرية، ولما كانوا الناس في الشارع يسألوا إيه اللي بيحصل كانوا بيقولولهم إن عمرو جاسوس وإنهم فتشوه ولاقوا معاه "بودرة" وإنه من 6 أبريل. وبعدين مواطن شريف تاني وقفلهم بعربيته عشان يوصلهم للشرطة العسكرية، وهنا ماعرفتش أمشي وراهم". وحتى هذه اللحظات، مازال مصير الناشط غريبة مجهولا، فيما نشر نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، أن من ألقى القبض عليه هو مخبر يعمل في جهاز أمن الدولة المنحل ويسكن في منطقة الوايلي، دون أن يتمكن المحامون والنشطاء من التعرف على مكانه حتى الآن. الناس اللي كانت في الشارع بتتفرج جات تسألني إيه اللي بيحصل وقلتلهم: "أخدوه وعايزين يسلموه للشرطة العسكرية وبيقولوا معاه بودرة وهو ما معاهوش حاجة." كان فيه ناس من الحتة، وبينهم شاب قال لي إنه ضابط جيش، وقال لي إنه هايروح وراهم ويخليهم يطلعوا عمرو. المحامين لسه بيدوروا على عمرو. فيما أكد الدكتور أحمد عكاشة- أستاذ الطب النفسي بجامعة عين شمس ورئيس الجمعية المصرية للطب النفسي، أن السلطة لا تكون مرضاً نفسياً إذا كان هناك مساءلة، وإذا لم يكن هناك حساب للمسئول وطالت مدة توليه منصب الحاكم يحدث لديه ما يسمى في علم النفس بمتلازمة الغطرسة، لأن المسؤول الذي يتولى منصب مدة طويلة يحدث لديه توحد مع المنصب، ولكن كل دساتير العالم والقوانين العادلة تشير إلى أنه يجب ألا يظل المسئول على الكرسي أكثر من 3 أو 4 سنوات، طول مدة السلطة تغير من شخصية الحاكم في أي مكان في العالم. وأشار عكاشة، في لقاء مع برنامج "الحياة اليوم" على تلفزيون الحياة، إلى أن الاكتئاب يزيد لدى أي شعب إذا كان هناك فقر وبطالة وكبت حرية، لكن ثورة 25 يناير وهى ثورة الكرامة المتميزة المتفردة والتي قام بها المصريون والمثقفون والشباب أزالت الاكتئاب وأعطت المصريين الأمل، غير أن الأزمة في الانفلات الإعلامي الذي هو أخطر من الانفلات الأمني والذي يجبه الانفلات الأخلاقي. و يوضح أن عدم مصداقية الإعلام أصابت المصريين بحالة من عدم الأمن وتشوش الفكر وفقد الثقة وضبابية المستقبل، مضيفًا أن ما يحدث الآن لا علاقة له بما قام به شباب ثورة 25 يناير من قدوة في العمل الجماعي وتحمل المسئولية وهو ما أذهل العالم، أما ما ركب هذه الثورة الآن من أجندات خاصة وتفتت وبلطجة فهو ما يجب التعامل معه بحزم وشفافية ورؤية مستقبلية ليكون ذلك هو هدفنا الأول ليعقبه محاسبة الفاسدين، فالهدم أسهل كثيرًا من البناء.