يثير طلب تقدم به اسلاميون الى النائب العام بمصادرة كتاب "ألف ليلة وليلة" الذي يعد من أهم مؤلفات التراث العربي لاحتوائه عبارات "جنسية صريحة" تدعو الى "الفجور" غضب المثقفين المصريين الذين رأوا ان هذه الخطوة "لا تقل عن الأعمال الإرهابية". وجاء آخر ردود الفعل على بلاغ الاسلاميين من اتحاد الكتاب المصريين صدر فى ختام مؤتمر بعنوان "ألف ليلة وليلة ومستويات التلقي"، طالب بأن يكون 2010 عام "ألف ليلة وليلة" وأكد أنه سيقدم بلاغا مضادا. وقال البيان الذي تلاه رئيس اللجنة الثقافية في الاتحاد عبد الحافظ ناصف، ان الاتحاد يشعر "بغضب شديد إزاء ما يحدث من هجمة شرسة تجاه الكتاب التراثي البديع "ألف ليلة وليلة"". واكد الاتحاد انه "سيقوم بتقديم بلاغ للنائب العام ضد من قدموا البلاغ ضد نشر الكتاب لوقوفهم ضد تراث وحضارة العرب والاسلام بالمخالفة للقانون الذى حظر مصادرة الكتب الا بحكم قضائي". كما اكد الاتحاد "تضامنه الكامل ووقوفه مع اعضاء الاتحاد الذين قدم ضدهم بلاغ للنائب العام بشأن نشر الكتاب عن الهيئة العامة لقصور الثقافة"، داعيا الى "حماية التراث واصدار تشريع قانوني يمنع التطاول على المبدعين". وكانت جماعة "محامون بلا قيود" التي تضم محامين اسلاميين تقدموا ببلاغ للنائب العام يطالب بمصادرة "الف ليلة وليلة" الذي صدر عن سلسلة الذخائر في هيئة قصور الثقافة مطلع العام الجاري.. ويشرف على هذه السلسلة الروائي المصري جمال الغيطاني منذ اكثر من 15 عاما. ورأى المحامون الاسلاميون أن الكتاب يحوي "كما هائلا من العبارات الجنسية الصريحة المتدنية والقميئة والداعية الى الفجور والفسق واشاعة الفاحشة وازدراء الاديان والعديد من الجرائم المعاقب عليها طبقا لنصوص قانون العقوبات".. وتضمنت الدعوى ارقام الصفحات والفصول التي تضم مثل هذه العبارات الجنسية. كما تضمنت الدعوى اسماء رئيس هيئة قصور الثقافة احمد مجاهد ورئيس اصدار سلسلة الذخائر التي يشرف عليها الغيطاني وعدد من المشرفين على النشر في الهيئة. واكد اتحاد الكتاب في البيان "وقوفه مع كل الكتاب والمثقفين الذين سيتعرضون لمثل تلك البلاغات التى تستهدف ثقافتنا وحضارتنا وتاريخنا ومستقبلنا". من جهته، قال الروائي جمال الغيطاني في ندوة في الهيئة المصرية العامة للكتاب لمناقشة كتاب "الف ليلة وليلة" للراحلة سهير القلماوي امس، انه "استرد حق الدولة المصرية من خلال اعادة طبع هذا الكتاب للرد على الفكر الاصولي الرجعي". وأضاف الغيطاني في الندوة التي حضرها عدد كبير من المثقفين المصريين انه "استغرب كثيرا من مهاجمي الثقافة والابداع كيف فوجئوا الان تحديدا ان الكتاب يروج لاباحية بعد مرور مئات السنين عليه". ورأى ان البلاغ الذي تقدم به المحامون الاسلاميون "لا يقل عن الأعمال الإرهابية المتطرفة وتفجيرات الحسين والازهر وحادثة "محاولة" اغتيال الاديب الراحل نجيب محفوظ". والفكرة نفسها عبر عنها رئيس اتحاد الكتاب المصريين محم سلماوي الذي شبه محامين بلا قيود "بجماعة طالبان". أما الناقد ورئيس المركز القومي للترجمة جابر عصفور فرأى في موقف الجماعة "هجمة شرسة من جانب خفافيش الظلام ضد كتاب يستحق ان يفخر به العرب لأنه تراث انساني حقيقي". واضاف ان "هؤلاء المتخلفين المتطرفين ظهروا من جديد في زي التيار السلفي الاصولي محملا باسوأ الافكار وزادوا من سيطرتهم لمحاربة كل انتاج ابداعي وعقلاني ينتسب الى المدينة". واشار الى "العقلية السلفية المتطرفة التي تطل برأسها كالافعى من وقت لاخر لتفسد حياتنا وتنال من عقلية المدينة".. ودعا الى "التصدي لهذا الفكر الوهابي الذي اقتحم حياتنا عن طريق اعارات دول الخليج". ورأى ان "هذه الدعوى التى تقدمت بها الرابطة غير جائزة قانونيا لانه سبق ان اصدر القضاء حكمه عام 1986 بعدم حظرها واباحة نشرها". واكد عصفور "لسنا نحن المصريين المدافعين فقط عن هذا الكتاب ولكن الانسانية كلها"، معتبرا ان "هذا الكتاب يجسد الفارق بين عقلية الريف التى تسعى لاحتقار المراة والتقليل من شانها وعقلية المدينة التي تبرز دور المراة فى المجتمع واهميتها". وكان المثقفون المصريون ايضا شاركوا في ندوات وتصريحات مختلفة هاجموا خلالها موقف مجموعة محامين بلاقيود التي وقفت وراء البلاغ للنائب العام. وقررت هيئة قصور الثقافة ان تعيد طباعة الكتاب وتقوم بتوزيعه على كل منافذ البيع التابعة لها تأكيدا على صحة موقفها بنشر هذا الكتاب التراثي.