من خيال الصحفي الاستاذ سعيد ثابت سعيد علي صفحته على الفيس بوك: عندما كنت صغيرا.. كان يروقني جدا أن أحضر الاعراس في قريتي.. ولطالما لفت نظري تجمع الأعداد الكبيرة من الكلاب الشاردة في القرية حول بقايا الطعام الذي يتركه المشاركون في ولائم الأعراس.. كانت الكلاب تشتبك مع بعضها صراعا من أجل انتزاع عظمة أو بقية لحمة أو شحمة.. ويظل العراك والنباح يملأ آفاق قريتي طوال الليل وحتى تسلل أول خيوط الفجر الصادق.. ... في أحد الأعراس، قررت، وأنا طقل لم يتجاوز عمري عشر سنوات، أن أخطو أول خطواتي باتجاه الوصول الى السلطة والأضواء والزعامة!! يومها كانت الوليمة عامرة باللحوم والأطعمة المختلفة.. جمعت أكبر عدد من العظام وبقايا اللحم والشحم.. وما أن غادر معظم المدعوين.. حتى بدأت ألقي بعظمة واحدة باتجاه تلك الكلاب لتندلع معركة طاحنة بينها، ولأنها عظْمة واحدة فقد كان النباح والعراك العنيف يملأ الآفاق.. توافد أهالي القرية الى حيث الوليمة ليشهدوا المعركة غير المسبوقة.. ضحكوا..انبسطوا.. استمتعوا من المعركة والدماء النازفة.. أعجبوا بعبقريتي ونباهتي في ابتكار طريقة لتسليتهم لم تخطر في بال أحدهم.. منذ ذلك اليوم أصبحت مركز الاهتمام في كل وليمة.. كلهم يسألون عني ويطلبونني لكي أختم الوليمة إقامة حلبة صراع وقتال الكلاب بالقاء عظْمة واحدة على تجمعها لتتقاتل وتدمي بعضها.. ثم ألقي عظْمة الثاني لتندلع معركة أشد ضراوة.. أصبح سلوكي هذا عادة وخبرة متراكمة لازمتني طوال فترة مكوثي في القرية، ثم عندما التحقت في الجيش.. ولما توليت كرسي الحكم.. نقلت خبرتي هذه الى الوطن الكبير.. تعاملت مع كل منصب أو منجز أو مال أو عقار أو غيرها مجرد عظْمة ألقي بها الى الناس وقياداتهم الاجتماعية والحزبية والعسكرية والاقتصادية والدينية والثقافية لأستمتع بصراعاتهم وقتالهم ومكطايداتهم ضد بعضهم.. مرّ ت عقود وأنا أحيل، بصبر ودأب، الدولة ومؤسساتها الى مزرعة خاصة أملكها أنا وأفراد عائلتي.. بفضل تلك الخبرة والعادة(العظْمة والكلاب).. فجأة!! انتفض الشعب ضدي.. واكتشفت ولكن متأخرا أن المناصب والأموال والعقارات لن تكون عظْمة.. وأن الشعب ونخبه وأحزابه لن يكونوا قطعان كلاب متقاتلة طوال الوقت!!!!!