مؤسسة الصالح الاجتماعية للتنمية على حداثة انشائها مطلع هذا العام 2004م حققت نجاحات وانجازات خيرية انسانية خدماتية وتنموية متعددة الابعاد في اتجاهات وتوجهات تجعل عطاءاتها نهراً خيراً متدفقاً دائم الجريان من خلال اكتساب عملها الخيري طابعاً مؤسسياً يتعدى مجرد البر والاحسان الى عمل اجتماعي تنموي منه يستمد تجاوزه لانية الزمان ومحدودية المكان.. ذلك لان فكرتها منبثقة من روح مؤمنة عطوفة ونبيلة تفيض انسانية جبلت على الرحمة والتسامح وحب الخير لذاته، ومن عقل يفيض حكمة، فكانت مؤسسة الصالح على الصورة الابوية لفخامة الرئيس علي عبدالله صالح معطية القدوة والمثال في صدق اهدافها ومقاصدها لتشمل كل اليمن باسطة اياديها البيضاء على ابنائه من الفقراء والمساكين والمعوزين من ذوي الحاجة والاحتياج تقوم على رؤية خيرة تسمو فوق المصالح والغايات الدنيوية بتجاوزها النطاقات المناطقية والمرامي الحزبية الضيقة منطلقة من قناعة راسخة تنظر الى الخير بتجرد.. خالص لله سبحانه وتعالى معتبر خروجه عن هذا الاطار خروجاً عن المعاني الاسلامية الايمانية التعبدية، في هذا السياق يتجلى مفهوم الخير في معناه المتكامل الاوسع والارقى والاشمل فلايكون عملاً موسمياً يقتصر على المناسبات الدينية بل نشاطاً له بعده الاجتماعي التنموي.. اذ لايكفي ان تحسن وتبر باليتيم والفقير والمحتاج لمدة واحدة ولكن ينبغي ان يأخذ الخير مساراً مستمراً، وهذا ما يتجلى في توجهات مؤسسة الصالح التي بدأت مشاريعها على هذا النحو من تشييدها لدور الأيتام ومراكز الرعاية الاجتماعية التي تخفف من وطأة اليتم والفقر بتقديم ما يعين على مواجهات الظروف الصعبة لكنها تهيئ ظروف تعليمية وتأهيلية تجعلهم جزءاً من المجتمع وأعضاء متسلحين بكل مستلزمات ومواجهات الحياة بحيث يكونوا قادرين على العطاء ونافعين لوطنهم خالين من اية عقد قد تنشأ عن ظروف الفقر واليتم في دلالات ما يعنيه من حرمان وبؤس. في هذا الاتجاه يمكن القول إن برامج مؤسسة الصالح لا تقف عند حدود توفير المأكل والمشرب والإعالة الجسدية بل تتعدى ذلك الى تهيئة مناخات التأهيل والتعليم منتشلة هذه الفئة من المجتمع من دروب الضياع إلى حياة جديدة تنشأ فيها إمكانية أسوة بأقرانهم في المجتمع.. نفس الشيء ينطلق على معاناة التشرد لأطفال في عمر الزهور الذين انفصلوا عن أسرهم لأسباب وظروف مختلفة اجتماعية وأسرية قاهرة وجدوا أنفسهم يهيمون على وجههم في دروب الحياة الوعرة والصعبة في سن لايقوون على مواجهة مصاعبها فيجدون انفسهم في اتونها لا يد لهم في الأوضاع البائسة التي قذفوا إليها لتضعهم على طريق الانحراف قسراً.. لامثال هؤلاء تكون دور مراكز الايواء والتأهيل بمثابة طوق النجاة يعيد اليهم الأمل في حياة انسانية لائقة كادوا ان يفقدوه ويفتقدوا العيش الطبيعي في وسط المجتمع، معيدة لهم الثقة بانفسهم وبمجتمعهم وبالمستقبل، ومن المهم هنا الإشارة إلى أن مؤسسة الصالح تجاههم لاتقوم فقط بإيوائهم وإعادة تأهيلهم بل ويمتد إلى إعادة دمجهم بأسرهم متى ما كان ذلك ممكناً. ليس هذا بعد كل شيء فنحن لم نتحدث هنا الا على جزء يسير من اعمال وانشطة هذه المؤسسة التي على قصر فترة بدء نشاطها استطاعت تحقيق الكثير واضعة في صدارة اهتماماتها الخيرة إفساح حيز واسع لفئات المعاقين من ذوي الاحتياجات الخاصة، منطلقة في ذلك من ان رعاية هذه الشريحة من المجتمع هو حق علينا في هذا الاتجاه تضمن برامج مؤسسة الصالح الاجتماعية للتنمية تطوير مراكز المعاقين الموجود وتوسيعها وإقامة مراكز جديدة في مختلف محافظات الجمهورية مزودة بكل مستلزمات هذه الفئة على اختلاف احتياجات إعاقتها بحيث يتمكنون من التأهيل بصورة تمكنهم من تأدية أعمال وأنشطة تعطيهم حالة الإحباط التي تولدها لديهم الاعاقة محولين شعور النقص المتكون بسببها الى تحد حقيقي يدفعهم للقيام بأعمال متميزة لا يستطيع ولا حتى الاسوياء جسدياً من القيام بها من خلالها يشعرون انهم نافعون لنفسهم ومجتمعهم ووطنهم. ولعل أكثر ما يتجلى الدور الريادي لمؤسسة الصالح في ذلك الاهتمام الذي يعد نشاطاً جديداً في مضمار العمل الخيري التنموي والذي يتمثل في الاهتمام بالفتيات في دور الأيتام وكذا مراكز الرعاية الاجتماعية ومراكز ذوي الاحتياجات الخاصة. إن استرسالنا في الحديث عن مشاريع مؤسسة الصالح في هذه الجوانب إنما يرجع إلى اهتمامها المتكامل على هذا النحو الشمولي غير المسبوق لكن هذا لا يعني مطلقاً أن المؤسسة لا تهتم بجوانب خيرية خدماتية وتنموية اخرى، فهي تقوم بإعانة أكثر من 350 ألف أسرة من خلال مدها بالمواد الغذائية بصورة شهرية وفصلية حسب الظروف وحالة الاحتياج على امتداد مساحة الوطن اليمني، وهذا بحد ذاته يؤكد النجاح الذي حققته المؤسسة في زمن قياسي لا يتعدى الأشهر. واذا تحدثنا عن مشروع افطار الصائم الذي اقامته في شهر رمضان المبارك فإنه وحده كافٍ لاستشفاف تميزها ومدى ابتعاد القائمين عليها عن المباهة والاستعراض الذي يقوم به البعض الذين لاغاية لهم الا ان يقال عنهم بأنهم خيرين غير مدركين أن ذلك يفرغ عمل الخير من محتواه فلم، تقم المؤسسة مآدب إفطارها في الأماكن التي تعطيه شهرة لكن اقامتها في أماكن استحقاقها، ونعني دور الأيتام ومراكز الرعاية الاجتماعية انطلاقاً من النهج الذي اخطته لنفسها والثواب والإحسان يجب ان يؤديا لمستحقيه ويوضع في اماكن الخير فعلاً.. مدركين أهمية ذلك الإحساس الايجابي لدى هذه الفئة من المجتمع ومدى مضاعفة احاسيسها ومشاعرها وكونهم يقعون في صدارة اهتمام المجتمع اليمني المسلم وهذا التوجه الخير يبين بوضوح مدى انسجام الفعل الخير مع العمل المؤسسي وبالتالي الدلالات والمعاني المعبرة لمفهوم فعل الخير تجاه هذه الفئة من المجتمع والذي يقتضي القيام به في كل وقت وحين بصفة عامة وفي الشهر الكريم بصفة خاصة. لقد جسّدت مؤسسة الصالح الاجتماعية للتنمية أنشطتها وأعمالها الخدماتية التنموية الخيرية الجانب القيمي الإسلامي مسهمة في ترسيخه داخل المجتمع اليمني ليبرز ذلك في مشاريع الزواج الجماعي الذي رؤيتها له مبنية على جملة من المبادئ القائمة على اسس دينية واجتماعية اخلاقية مدركة ومستوعبة ماآل عدم مقدرة الشباب اكمال نصف دينهم مدى المفاسد التي تنشأ داخل المجتمع من جراء ذلك لاسيما عند تحول العزوف عن الزواج إلى ظاهرة بسبب عدم قدرة الإيفاء بالتزاماته بعد أن أعطى بعض كبراء القوم القدوة السيئة للمجتمع في مباهاتهم المغالية في دفع المهور وإقامة الإعراس غير مبالين بانعكاسات أفعالهم تلك على المجتمع وبالتالي على قدرة الشباب في الإيفاء بهذه الالتزامات ليؤدي إلى عنوسة الفتيات، ولمواجهة هذا كله كان الإسهام في تيسير الزواج في طليعة أهداف مؤسسة الصالح من اقامة العرس الجماعي ل 160 عريساً في محافظة ذمار و44 عريساً في محافظة المهرة، واختيار هاتين المحافظتين لم يكن محض مصادفة.. فهاتان المحافظتان من أكثر محافظات الجمهورية مغالاة في المهور وارتفاع في تكاليف احتفالاتها، وهذا ما تجلى في العرس الجماعي الذي أقامته مؤسسة الصالح معطية القدوة في ضرورة تيسير الزواج مبينة على الكيفية التي بها يمكن للمجتمع موّطنه النزوع الى الخير في قلوب الآباء لتيسير سبل الزواج والمستوحى من إبعاد مضامين ودلالات إقامة مثل هذه المشاريع التي تقيمها المؤسسة لتزويج الشباب. بكل تأكيد ليس هذا إلا غيض من فيض، مما قامت وتقوم به مؤسسة الصالح الاجتماعية للتنمية ومنها نستشرف ما يمكن ان تقوم به في المستقبل خصوصاً وان لدى المؤسسة توجه استثماري عائداته ستوجه للارتقاء بأعمال الخير إلى مستويات مؤسسية تسهم من خلاله في مكافحة الفقر والعوز والبطالة عبر إقامة مشاريع تنموية جادة بحيث لا تعتمد فقط على تبرعات الميسورين بل كذلك عائدات أنشطتها الاستثمارية ومعه تتنامى وتتطور عطاءاتها الخيرية والخدماتية والتنموية.