ليس اجمل ولا اروع من لحظات العناق والدفء الانساني التي تلتقي وتجمع عندها الشعوب وبصدق القول والفعل ويتبادلون فيها انبل اورقى مايحس به المرء من مشاعر انسانية نبيلة تلامس شفاف القلوب وتجليات المهج، ، ودواخل نسيج العقل وتوهجاته الذهنية الوجدانية تماماً مثلما هي اللحظات التي احاطت فخامة الرئيس علي عبدالله صالح بالتكريم بوسام حوار الحضارات لعام 4002م من مركز مجد روسيا القومي والتي اكدت بعمق الدلالة وصميم المعنى للعلاقات اليمنية الروسية المتجذرة في اعماق التاريخ وتماماً مثلما هي كذلك لحظات عناق ودفء انساني صادق تجمع شعب اليمن بشعب روسيا الصديق ، وبقائده السياسي المحنك الرئيس فلاديميربوتين وفخامة الرئيس علي عبدالله صالح اللذين يشكلان ثنائية نضالية ويرتبطان بصداقة شخصية حميمة من حق الشعبين الصديقين الاعتزازبهما وهذا ماجعل من فخامة الرئيس علي عبدالله صالح ان يقولها بكل اعتزاز وشفافية وروح مخلصة عطفاً على تكريمه من مركز مجد روسيا ان فخري واعتزازي بهذا التكريم يتعاظمان اكثر، عندما يأتي من مؤسسة كهذه ، تعبر عن النبض الحضاري والقيمي للامة الروسية العظيمة التي طالما غذت البشرية بدفقات المحبة ونور السلام والتآخي ، ولعبت دوراً مهماً في صياغة مفردات الحضارة الانسانية المعاصرة.» ان هذا الوسام الرفيع والذي كُرَّم به فخامة رئيس الجمهورية وحسب تعبيره يعتبر وساماً على صدر الشعب اليمني، وشهادة امتياز لكفاحه الطويل وانتصاراته وانجازاته الكبرى، في تحقيقه السلام الاجتماعي الوطني ، وديمقراطية الوفاق ، والتنمية والوحدة وترسيخ مفاهيم الحوار والتسامح، وإشاعة مناخات الديمقراطية والتعددية والحريات العامة وحقوق الانسان.. وكذا تعبير صميمي عن دور اليمن الفاعل في تعزير الحوار بين الثقافات والحضارات ، وتأكيد على متانةالعلاقات الحميمة والمتميزة بين الشعبين الصديقين اليمني والروسي.. لهذا الاعتبار والاعتزاز فإنه بذات القدر، يمثل حافزاً على بذل المزيد من الجهود في تدعيم جسور هذه العلاقات ، وكذا مضاعفة العمل على نشر مبادئ السلام والمحبة والتعايش ، وتأصيل ثقافة الحوار والتفاهم في كل جماع النسيج المجتمعي القيمي والحضاري للبشرية امماً وشعوباً.. وجدير بناء في هذا اللقاء الحضاري الانساني الاشارة الى ان المسيرة الشاقة والشائكة المصاعب والتعقيدات، التي خاضها شعبنا اليمني لم تكن هينة او يسيرة المهام، بالنظر الى المخاطر والتناقضات والنزاعات التأججة بين القوى والتيارات المختلفة، التي كانت تعج بها الساحة اليمنية،وتنخر في ثنايا السلطة والمجتمع على حد سواء.. الا ان الارادة السياسية التي اعتمدت فلسفة الحوار والتسامح بمنظومتها القيمية الوطنية والاخلاقية والانسانية.. منهجاً وسلوكاً وممارسة، قد استطاعت تجاوز هذه التحديات، وبعبقرية الحوار امكن لها من احتواء المتناقضات المختلفة، وتحقيق التوازن على اساس الثوابت الوطنية الروحية،والفكر الوطني المشترك، الذي فتح ابواب ديمقراطية الوفاق والمصالحة وتحقيق السلام الاجتماعي والاستقرار وتهيئة بيئة التنمية والبناء الاقتصادي. فعلى اساس المشروع الوطني للحوار الوفاق ، وسياسة التوازن ، مع القوى السياسية، وكذا الاجتماعية والقبلية وضبط ايقاع العملية السياسية والديمقراطية، انصهر الجميع في بوتقة الوحدة الوطنية التي شكلت عاملاً جوهرياً للأمن والاستقرار واضطراد حركية التنمية. والحقيقة الماثلة اليوم في جوهر تجربتنا هوالقوانين العلمية لمنطق العقل ، ومنطق العصر لنلتمس اقصر الطرق الى اللحاق بالركب، ومواكبة المتغيرات المعاصرة كفاعلين ومنتجين، وليس فقط كمنفعلين ومستهلكين.. وسواء تعلق الامر بالافكار والاتجاهات، او بالنظم والمؤسسات، فان منهجية الحوار والاعتدال، مع الداخل بين اطراف العمل الوطني، او مع الخارج، قد افضت الى تبيئتها في وسطنا واستنباتها في تربتنا، بما ينسجم مع الثوابت والواقع وتحصينات مقوماته الفكرية والثقافية.. وهكذا اثبتت التجربة ان خيار الحوار هو الرافعة لاي مجتمع يتطلع للتغيير والخلاص من وهدته.. وهكذا ايضاً كان هذا سبيلنا الذي حققنا من خلاله كل المنجزات التي توجت بالمنجز الوحدوي التاريخي العظيم في 22 مايو 0991م.. وببناء دولة المؤسسات والدولة المعاصرة.. وبترسيخ تجربة ديمقراطية فريدة في المنطقة.. وبعد ترسيخ المفاهيم والقيم يتأكد لنا ان فلسفة الحوار المؤسسة في الوعي الوطني، فضلاً عن تأصيلها في السلوك والممارسة، انعكست بكل تجلياتها في سياستنا الخارجية، ومن ثمارها ان بلادنا استطاعت ان تنهي جميع مشكلاتها الحدودية بفضل حكمة وحنكة القيادة السياسية ممثلة بفخامة الرئيس علي عبدالله صالح واصبحت اول دولة في المنطقة ليس لها مشاكل حدودية مع الغير.. مثلما ليس لها اي خلافات او منازعات مع اي من الدول الشقيقة والصديقة.. مما اكسبها احترام الجميع، وافسح المجال لأن تلعب دوراً اقليميا ودولياً ازاء اقضايا والمستجدات التي تهم المجتمع الدولي، وتخدم العلاقات الدولية وسبل التعاون وتعزيز السلام العالمي.. ولعل نجاحها في محاربة الارهاب واجتثاث هذه الظاهرة من جذورها وتجفيف منابعها، كان ايضاً من ثمار منهجية الحوار، حيث تميزت بلادنا بأن قدمت نموذجاً متفرادً باحتواء الجماعات والعناصر المغرر بها عن طريق الحوا ر معها عبر العلماء المرشدين، واعادة هذه العناصر الى جادة الصواب ومن ثم ادماجها في المجتمع لتشارك في عملية البناء والتنمية.. واصبحت اليمن من خلال هذا المسلك الحواري ان تكون نموذجاً تحظى بتقدير واحترام المجتمع الدولي، بعد ان وفرت الاستقرار لشعبها. ولأننا سلمنا ونسلم ومقتنعون ان الحوار حقيقة وجودية، وعنصر من عناصر الطبيعة البشرية.. فإن هذه القناعة قد الزمتنا ان نعطي لحق الاختلاف والحوار مضمونه البناء الايجابي، الذي ينمي التنوع ويخصب منابت الابتكار والخلق والإبداع.. وانطلاقاً من إيماننا هذا، فقد احتضنت بلادنا عدداً من الفعاليات والمؤتمرات والندوات الإقليمية والدولية الخاصة بحوار الحضارات والثقافات، والمقاربات الديمقراطية والنيابية وفعاليات منظمات المجتمع المدني، وابعاد ودلالات حقوق الإنسان والحريات العامة.. فإن قيادتنا السياسية ممثلة بفخامة الرئيس علي عبدالله صالح قد عمدت الى دعم وتشجيع هذا التواصل والتثاقف والتلاقح الحضاري والثقافي، وتبادل الخبرات والتجارب، بما ينفع شعوب العالم في تفتحها على المتغيرات المعاصرة، وعلى الاصلاحات السياسية والاقتصادية والثقافية.. وصولاً الى ترسيخ أسس السلام العالمي ومد جسور التعاون والتكامل والعلاقات المتبادلة والمتكافئة بين الشعوب. ان تمسكنا بمفهوم حوار الحضارات والثقافات ينبع من وعينا بأن القوانين العلمية التي تجمع شتات الظواهر في علاقة كلية ثابتة ومطردة، كونها المعبرةعن حقائق ومعطيات ومتطلبات الراهن.. تعني ان ثمة في الحياة الإنسانية ماهو بمثابة جوهرها وقانونها الكلي: انه المثل العليا التي تتصف بالعالمية، التي يجدها الانسان والشعوب في كل مكان- في الشرق وفي الغرب- لدى الشعوب المتحضرة والمتقدمة، كما لدى الشعوب النامية.. وهنا تبرز القيم العالمية المحددة للمثل الاعلى، والتي يجب السعي الى تكريسها. لعل هذه الأسس هي لغة مشتركة بين الشعبين الصديقين- اليمني والروسي- ونشعر اننا معاً من جملة المنافحين عن المفاهيم والقيم الحضارية، وهذا مايوجب علينا مسؤولية مشتركة من اجل ان نكرس عملية تأصيل ثقافي وفكري للحوار الحضاري والثقافي بمفردات الفكر المعاصر، حتى تكتسب عملية التأصيل بعداً تأسيسياً، نظرياً وفلسفياً، وعلمياً وعملياً.. في اطار عالمي يؤسس بعدها التاريخي الحقيق.. والبعد الذي نصنعه نحن، وليس الذي يصنعه التاريخ ويصنعنا..! ان تلك الموجبات واللغة المشتركة تفرض علينا ان نتمسك بمفهوم حوار الحضارات والثقافات.. المفهوم الذي ينتمي الى عصرنا ومشاغلنا الراهنة.. والمنبثق من حقل ثقافي وحضاري، ربما يشكل الآن جزءاً لايتجزأ من حاضرنا، ولكنه بالتأكيد يشكل كل مستقبلنا..! ولن يثنينا تكور (البعض) وتقوقعهم في دوائر الماضي ومعتقداته الدغمائية البالية.. اولئك الذين هم، حسب قول الشاعر الروسي الكبير الكسندر بلك «امسكوا بيدهم البشرية الصغيرة على العجلة التي يسبر بها تاريخ البشرية..»..! فالحضارة في عصرنا الراهن، مع العولمة والتواصل وتكنولوجيا المعلومات، لم تعد ملكاً محصوراً على احد بذاته، وانما هي ملك البشرية جمعاء.. والذين يقولون بحتمية جعل معتقداتهم المهترئة بين حيطان او سياج دائرية، يحموها من رياح التغيير العاصفة، انما يبعثون على الحيرة والغرابة «وان ذلك بحسب تعبير الفيلسوف الالماني شتاملير- امر غريب بنفس غرابة انشاء حزب لاجل مساعدة كسوفات القمر المحتومة فلكياً..»..! ربما لانشك في ان احداً يجادل في ان المد الحواري بين الحضارات والثقافات لايعرف تراجعاً او انكماشاً بعد الآن.. لكن علينا ان نتيقن بأن ثمة قوى اقليمية ودولية ماتزال تعمل على افراغ هذا المفهوم من مضمونه القيمي والاخلاقي والانساني.. وتحاول أن تجعل منه وسيلة للهيمنة وفرض الاحادية القطبية وفرض قيم حضارة على حساب ابتلاع حضارات وثقافات اخرى..! هذه حقيقة يجب استحضارها دائماً.. والحقيقة الاكثر اهمية، هي ان تتحمل كل القوى المحبة للسلام والتعاون والتواصل بين شعوب العالم، مسؤولياتها التاريخية في التصدي لكل محاولات التحريف والالتفاف والهيمنة.. وفي الطليعة نعلن أمالنا الكبار على مركز مجد روسيا القومي، هذه المؤسسة العلمية العريقة، بروافدها الاجتماعية ومفاهيمها القيمية والانسانية، في ان تضطلع بمهامها في فضح محاولات الهيمنة من قبل قوى الهيمنة والاستعمار الجديد وان تعزز من دورها في ازالة التناقضات ومحو الخلافات بين الدول، مثلما نتطلع بثقة إلى دور فاعل لروسيا الصديقة.. الدولة العظمى، لان تحافظ على مكانتها الريادية ودورها الطلائعي في الساحة الدولية، لتحقيق قدر من التوازن في العلاقات الدولية وتبادل المصالح المشتركة بين دول وشعوب العالم.. وتعزيز حوار الحضارات والثقافات بين المجتمعات.