لكل دولة من دول العالم الثالث مشاكلها المختلفة التي لايمكن حلها بالسهولة التي يتصورها البعض، بل أن بعض تلك البلدان تحيط بمشاكل تعتبر بالنسبة لها في حكم المستعصي على الحل بإمكاناتها وقدراتها الذاتية، وبقدر ماتعتبر هذه الحقيقة، امراً متفقاً عليه، هناك حقيقة متفق عليها هي الاخرى, ومفادها، أن أي بلد نام، من بلدان العالم الثالث، مهما كانت مشاكله وإحباطاته، يستطيع أن يتجاوز أو يحل نصفها، بمجرد اقدامه الجاد والعملي على اتخاذ خطوة واحدة. قد يتساءل قائل: وما هذه الخطوة السحرية القادرة على حل نصف مشاكل المجتمع أو الدولة مهما كان نوعها، وطبيعتها المستعصية؟.. للرد على ذلك باختصار نقول، هذه الخطوة ليست سحرية أو خرافية، بل هي الاكثر عملية وواقعية.. انها الخطوة الجادة لاتخاذ النهج الديمقراطي، سلوكاً وممارسة ومبدأً شريفاً، فالديمقراطية الحقة المتكاملة التي لا تظهر أو تطلع كالوجه الحسن من ازرار الثوب المتسخ على البدن الاجرب، لكنها تظهر على المجتمع من تفاعلاته الايجابية وتطلع عليه كالشعاع المنتشر من توهج الأهداف والمبادئ النبيلة هي ماتمكن المجتمع من حل نصف مشاكله والتغلب على نصف إحباطاته، وبمجرد اتخاذها هدفاً ومبدأً لا تفريط فيه، لايقبل المساومة عليه. لماذا تمتلك الديمقراطية كل هذه القوة الخارقة؟ لن نضيف جديداً عندما نقول لأن الديمقراطية هي التي توجد الإنسان الحر والإنسان الحر غير المحبط بالغير والتسلط، هو القادر على بناء المجتمع وتقدمه، ولأن الديمقراطية هي التي توجد التلاحم القيادي الجماهيري، وهذا التلاحم متى ماتم، تكون الشعوب قادرة على أن تحقق ماكان في حكم المستحيل. ولأن الديمقراطية هي التي تنقل المجتمعات الى مرحلة القيادة الجماعية، والرأي الجماعي، وتجنبها استبداد الفرد، سواء كان ديكتاتوراً متحكماً، أو حزباً متسلطاً اذ لا تشقى الشعوب كشقائها برأي الفرد. والديمقراطية هي التي تصنع الفرد أو المواطن المتفاعل باستجابة مع ماحوله المليء بثقة مشاركته في صنع القرار المؤمن بواجبه المقدس نحو مصلحة مجتمعه المستعد للتضحية والفداء من أجل ارض هو عليها السيد الحاصل على حقوقه السياسية والمدنية والاقتصادية، لأن الملتزم بواجباته نحو وطنه ومن حوله. نكتفي بهذا لأنا مهما اطلنا الحديث عن الديمقراطية ومكاسبها، لن نضيف جديداً على ماتتحدث به عن نفسها. وفي الختام نقول: كم نحن على ثقة عندما نشعر بأن ما حققه شعبنا بوحدته واختياره للنهج الديمقراطي الحق، وقد مكنه من حل نصف مشاكله، والمضي نحو النصف المتبقي منها.. بروح العمل الجماعي والتلاحم القيادي القاعدي القادر على قهر الصعاب وتجاوز الاحباطات.