الاجواء والمناخات التي سادت المشهد الديمقراطي لانتخاب الصحفيين نقيبهم الجديد جسدت جدية المساحات الواسعة للمارسة الديمقراطية والحريات الاعلامية الواسعة المتاحة في اليمن والمعبر عنها في وجود اكثر من 150 مطبوعة صحفية ومساحة واسعة لا حدود لها في المناخ الديمقراطي الحر, ما جعل اليمن تنفرد بهذه الميزة وسط مثيلاتها من دول المنطقة والعالم وكل ذلك يمثل تعبيراً مكثفاً لحرية الرأي والتعبير والتعددية السياسية والحزبية والتداول السلمي للسلطة واحترام حقوق الانسان في ارقى تجليات معانيها المستجيبة لدور منظمات المجتمع المدني في ترسيخ الممارسة الديمقراطية الناضجة المستوعبة لمسؤولياتها في تعميق نهجها في واقع اليمن الجديد، معطيين بذلك -دون شك الصحفيين اليمنيين- صورة حيوية بالغة الدلالة لرحابة مجمل المشهد الديمقراطي في الساحة الوطنية.. خصوصاً إذا عرفنا ان المعايير والمتطلبات المهنية هي التي ميزت هذه الانتخابات وليس التعصب الحزبي والجهوي الذي وجوده في مناسبة كهذه انما يكون على حساب حقوق ومصالح الصحفيين الذين وجوباً ينبغي عليهم جعل الانتماء للسلطة الرابعة هي القاعدة التي تجمعهم تحت سقف بيتهم الكبير- نقابة الصحفيين اليمنيين- وماعداها استثناء.. وهذا فعلاً ماكان يوم امس في قاعة المركز الثقافي بصنعاء، فالشعور الطاغي على الجميع هو الاحساس بالمسؤولية نحو نقابتهم كأطار جامع لهم على اساس مهني.. اذ لم يكن هناك وجود الا للاختيار الحر عبر صناديق الاقتراع لنقيبهم. وبعيداً عن مفاهيم التصنيف للصحفيين في السلطة، والمعارضة، فالجميع ينتمي لمهنة الصحافة بدون استدراك تمييز لها، وهنا يكمن المؤشر الأهم لمدى التأثير الايجابي الفاعل للحريات الصحفية في انضاج وعي المشتغلين بالعمل الصحفي حتى ان اليمن بمايحقق في هذا المضمار جعلته من الدول القلائل التي أخذت فيها الكلمة هذه الرحابة من مساحات التعبير الحر عن الرأي في طرح وتناول كافة القضايا والموضوعات دون ضغوط أو خوف حتى مع وجود الكثير من الشطح والشطط الذي وصل الى مخالفة القانون وتجاوز الاعراف والقيم الأخلاقية لممارسة مهنة الصحافة من قبل بعض الساعين الى لفت الانظار اليهم اعتقاداً منهم ان ذلك يحقق لهم الشهرة، غير مستوعبين مترتبات ذلك على مصداقية ومكانة ودور الصحافة التي الحفاظ عليها يقتضي إدراك العلاقة الوثيقة بين الحرية والمسؤولية التي ينبغي ان تكون مسؤولية مضاعفة تقع على عاتق الصحفيين باعتبار ان رسالة الصحافة تتمثل في كونها مرآة المجتمع التي ينبغي أن تعكس هموم وقضايا الناس بصدق ووضوح ودون مبالغة أو مزايدة أو تجني وتجريح للاشخاص وبدون ان تكون وسيلة للمكايدة وتصفية الحسابات بين الاحزاب والتنظيمات السياسية والتي كان التغاضي عنها انما يأتي من باب الحرص المسؤول على الديمقراطية ومن موقع القناعة بأن الوقت كفيل بترشيدها وتشذيبها ليتصحح مسارها تلقائياً في سياق تحولات التطور الديمقراطي للصحافة الذي يأتي ماشهدناه في انتخابات نقيب الصحفيين بمثابة تأكيد لصحة مثل هذا الاعتقاد، ليضعنا امام مرحلة جديدة تنتقل اليها الصحافة والصحافيين، تتسم بادراك مسؤولية حرية الكلمة عن الديمقراطية والتي كلما كانت صادقة وواضحة وشفافة.. ناقدة وبناءه كانت اقوى تأثيراً وأبعد اثراً لصالح التغيير الايجابي، مسهمة بفعالية في بناء الوطن وتطور المجتمع سياسياً واقتصادياً وديمقراطياً وتنموياً في ظل الديمقراطية مجسدة سلوكاً وممارسة ذلك النمو الذي ينم عن وعي ديمقراطي رفيع تجلى في انتخاب الصحافيين اليمنيين نقيبهم الجديد وحرصهم على ممارسة الديمقراطية وفقاً لخياراتهم الحرة.. وهي شهادة لليمن الجديد تبعث على الاعتزاز والفخر في قلب كل يمني ويمنية أين ما كانوا