الموقف الوطني المسؤول لأحزاب المعارضة في قاعة مجلس النواب يوم أمس والذي عبرت عنه بالتصويت لرفع الحصانة البرلمانية عن الارهابي الفار يحيى الحوثي كان محل تقدير شعبنا وحظي بالتثمين العالي من الحكومة، وهو موقف يستحق الاحترام والإشادة كونه يأتي في سياق تأكيد نضج الوعي الديمقراطي وارتقائه إلى مستوى الإدراك القادر على التفريق بين المعارضة من أجل المعارضة والمعارضة كشريكة للسلطة تتساوى معها في المسؤولية تجاه الوطن وقضاياه. وبهكذا موقف تتجلى المعارضة الصحيحة والحقيقية ليمثل هذا التلاقي ظاهرة صحية في الحياة السياسية اليمنية، معطياً ملمحاً لما ينبغي أن تكون عليه العلاقة بين السلطة والمعارضة باعتبارهما الأساس لأية تجربة ديمقراطية فاعلة، ومن خلال اتفاقهما واختلافهما حول القضايا السياسية أو الاقتصادية يتجسد التمسك بالثوابت الوطنية واستعدادهما جميعاً للدفاع عنها وفي مقدمتها ما يتصل بتعزيز الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي. وإذا كان الاعتراف بالحق فضيلة فإنه من الانصاف الاشادة بكل ما هو ايجابي في أي جانب أو مجال سواء جاء من المعارضة أو من الحكومة على نحو يكفل تعزيزه وتنميته في ممارستنا وسلوكنا الديمقراطي وحياتنا السياسية.. وكذا تناول كل ما هو سلبي بالنقد أيًّا كان مصدره بهدف تجاوزه وصولاً الى الافضل لأنه لا ينبغي لأي طرف كان المكابرة في الاصرار على التمسك بالخطأ وأي شيء سلبي، ذلك أن الهدف الذي ينبغي أن يعمل الجميع من أجله هو تحقيق الأفضل والعمل على كل ما من شأنه خدمة الوطن وتحقيق مصالحه العليا والالتزام بالثوابت الوطنية باعتبارها القاسم المشترك بين الجميع، كما أنه وفي إطار الديمقراطية التعددية فإن الرأي والرأي الآخر ووجود بعض التباينات الحزبية إزاء أي من مسائل الحياة وأولوياتها أمر طبيعي ومشروع ويمكن تفهمه ولهذا إذا جاء أي موقف إيجابي من المعارضة فينبغي الإشادة به وتقديره والاستفادة منه لما يخدم مصلحة الوطن وكذلك الحال بالنسبة لموقف المعارضة إزاء أية خطوة إيجابية أو إنجاز تحققه الحكومة في اطار اضطلاعها بمهامها وواجباتها إذ أن من الإجحاف وعدم الانصاف والمنطق ألا يتم الاعتراف بذلك من جانب المعارضة، بل إن الواجب يقتضي من أحزاب المعارضة تشجيع الحكومة على تحقيق المزيد من الإيجابيات والانجازات التي تصب في مصلحتها النهائية لمصلحة اليمن وأبنائه.. وهكذا تبنى الأوطان وتتطور وتستقر وتتقدم وتزدهر سياسياً واقتصادياً وأمنياً وديمقراطياً وتنموياً. وما من شك فإن الموقف الوطني الإيجابي الذي سجلته المعارضة يوم أمس تحت قبة البرلمان يجسد حقيقة كيف أن المعارضة تكون الرديف القوي للسلطة وأن الجميع شركاء في الوطن والمسؤولية لما يصون أمنه واستقراره ويحافظ على مصالحه وإنجازاته ومكاسبه ويمتن من أواصر الإخاء والتعاون والتلاحم والوحدة الوطنية بين أبنائه، فالوطن ملك الجميع ومسؤولية بنائه مسؤولية الجميع دون استثناء.