اكدت صحيفة الثورة أنه ليس هناك أي نوع من التناقض إذا ما تم انتقاد بعض مواقف المعارضة والإشادة بمواقف أخرى لها، واشارت في افتتاحيتها اليوم الجمعة إن ذلك هو ما نحتاجه بالضبط أن يكون معياراً نحتكم إليه في تعاملاتنا وعلاقاتنا، سلطة ومعارضة، ولما من شأنه تضييق الهوة وتقريب المسافات بين مكونات العملية السياسية والحزبية التي تجمعها قواسم مشتركة يتصدرها العمل من أجل بناء الوطن والتنافس الشريف في خدمة المواطنين والارتقاء بأوضاعهم في مختلف المجالات. واضافت الصحيفة : نجد في هذا المنحى أن المنطق وعوامل الصدق مع النفس تفرض علينا أن ننتقد مواقف الخطأ، وأن نشيد بكل ما هو صائب وإيجابي تتخذه المعارضة باعتبار ذلك يفرضه الالتزام بالموضوعية، وغير ذلك إنما هو الخطأ بعينه. واعتبرت أن هذا المعيار هو ما ينبغي أن تحتكم إليه المعارضة في تعاطيها مع المواقف التي تتخذها الحكومة بحيث تحفزها على المزيد من الإيجابيات وتقدم لها النصح والمشورة إذا ما رأت أي اعوجاج وذلك بطرح البدائل السليمة والممكنة التي تساعد على تجاوز أية ثغرات، وبذلك تثبت المعارضة أنها - فعلاً - الوجه الآخر للسلطة وأن كيلهما يحرص على الصالح العام واحترام الثوابت الوطنية وأنهما شركاء في المسؤوليات والواجبات. مضيفة : ومن هذا البُعد نجد أن من مصلحة المصفوفة السياسية والحزبية في السلطة والمعارضة أن تتحرك في اتجاه الاتفاق والتوافق على جعل الثوابت الوطنية والقضايا ذات الصلة بأمن الوطن والحفاظ على السلم الاجتماعي وتعزيز الوحدة الوطنية بمثابة العقد الاجتماعي الذي يعمل الجميع على حمايته وصيانته ورفض المساس به تحت أية حجة أو مبرر.. وبحيث يغدو هذا العقد هو القاسم المشترك الذي لا يقبل الاختلاف والتباين، وما دونه من الاجتهاد فليكن في محاور الأداء والقدرة على تبني البرامج التي تفتح أمام شعبنا الأبواب المشرعة لمزيد من التطور ومواكبة تحولات العصر والإطلالة على المستقبل بروح وثّابة وبيئة معافاة من كل مظاهر الاعتلال الناتجة عن موروثات التخلف ومحدودية الموارد والارتفاع المتصاعد في نسب النمو السكاني، وما يتركه هذا العامل من تأثيرات سلبية على الواقع الاجتماعي والأحوال المعيشية للمواطنين. وتصل الصحيفة إلى القول : وإذا ما تم استشراف هذا البعد واستلهام مدلولاته بواقعية وقناعة صادقة من قبل النخب السياسية والحزبية فسيصبح بوسع هذه النخب الاهتمام جدياً بعملية الدمقرطة الوطنية وبناء شراكة حقيقية تأخذ بعين الاعتبار تفعيل دور المعارضة الغائب في الشأن التنموي، إذ من المؤسف أن تتحول المعارضة في بلادنا إلى أداة ناقمة في معظم الأحيان، مع أن المعوَّل عليها الإسهام في معركة البناء والتنمية باعتبار أن ذلك مسؤولية تقع على الحكومة والمعارضة على حد سواء.. إلى جانب ما يمكن أن تلعبه المعارضة في مجال تشكيل الوعي الوطني على النطاق السلوكي والمجتمعي. وبولوج مكونات العملية السياسية والحزبية في السلطة والمعارضة هذا المسار فإنها لن تجد أية صعوبة أمام بلورة عقد وطني يستند إلى الالتزام الديمقراطي والأخلاقي ليصبح الخيمة التي يستظل بها كل أطياف المجتمع بل وتحويله إلى ساحة للالتقاء والتنافس الشريف في سبيل خدمة الوطن ونمائه وتطوره وإنجاز تطلعات أبنائه في الحاضر والمستقبل. واختتمت الثورة افتتاحيتها بالتأكيد على : كما أكدنا - بالأمس - فإن الطريق إلى هذه الغاية يبدأ بالفهم الواعي من أننا أبناء وطن واحد وأن مسؤولياتنا جميعاً تقتضي منا التلاحم وتعزيز تماسك الجبهة الداخلية لصون هذا الوطن من كل الدسائس وأية محاولة تضمر له الشر أو تسعى إلى خلخلة صفه الوطني واصطفافه الكبير.. تلك هي واجباتنا.. وعلينا القيام بها ولن نقبل أن يتخاذل أمامها أحد، فنحن شركاء ولسنا خصوماً، ومن موجبات الشراكة أن نكون على توافق في ما يعزز وحدة البناء وقوة الإرادة.