ثمة ما يثير التساؤل وبمجرد الفضول ان لم نقل الاحساس بروح الوطنية التي رضعناها من حليب التراب والصخر - واخر ما يدعوك للاشمئزاز لاسباب ايضاً تصب في بوتقة الانتماء الوطني- وترى نفسك انت مرغماً للمشاركة والتعاطي مع ما يفتعل على الخارطة الوطنية وما يدلف على المسرح الوطني من مشاهد وتداعيات لا تخلو من نزعة انفصالية واخرى نبرة استهدافية وشخصياتية بعيدة كل البعد على ما يحفظ الحد الادنى من الحماية المكفولة للثوابت الوطنية والخطوط الحمراء في واقع يزداد اكثر دراماتيكية نزقة تفرزه وتبث سمومه هنا وهناك عمالات من لا يزالون موهومين او بالاصح مشدودين للماضي ولرغبات ذاتية ونزوات مختلطة بين فئات تحاول عاجزة استعادة مجدها السليب بطرق مشروحة واخرى تدعي ما لا تبطنه في حين ان المشهد الوطني يرصد ويراقب ما تخفيه تاليات ايامهم السوداوية ولم يدرك هؤلاء انهم اصلاً مكشوفون اذ لم يكن قانون الاحزاب للعام 93م، ادراك مسبق للقيادة السياسية بان قوى خفية تعمل في اماكن مشبوهة واوقات «ساعة الغفلة» وما كان الوطن مغفلاً ولتعلم المعارضة بمختلف الوانها واطيافها السياسية والفكرية انها لم تحسن صنعا لا في حق المواطن ولا في حق الوطن وهذا ليس انجراراً عاطفياً ولا جزافاً في حقهم بل اخذاً بحق الوطن واسداء النصح لرموز مناضلة ان ما شهده الوطن من مواقف وتداعيات اثرت في العمق واعاقت مسيرة التنمية والبناء في شتى مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية -تداعيات ومواقف لم تكن محض صدفة كون تلك التداعيات وليدة فترات ومراحل ما بعد تحقيق الوحدة اليمنية المباركة في ال22 مايو وحرب صيف 94- الحرب الاخلاقية المشروعة دفاعاً عن وحدة الانسان اليمني- ما يعني ان وراء تلك التداعيات ابتداء من حرب الردة الى حرب صعدة 2004م وبروز ظاهرة الحوثيين- بشكل صارخ لتجسيد ثقافة مسمومة عقيمة في الوقت ذاته بعيدة عن متطلبات المرحلة وقوانين ومتغيرات العصر الحديث ومن حرب صعدة الاولى والثانية والثالثة -الى مستجدات الاحداث في بعض المحافظات الجنوبية هذه الايام -ان جدلية الحديث عن المعارضة كاحزاب تنظيمية مؤطرة وفق برامج وافكار- يتضح وبجلاء حين نستقرء تاريخ الرصيد الوطني ان ما اقصده ان لم تكونوا مشاركين في مواقفكم من تداعيات ما بعد الوحدة وحتى اللحظة؟. لماذا تضج صحفكم بالمقالات الانشائية ولا تقدم حلولاً، ولا تدعو الى فعالية وطنية وفق قاعدة الحوار؟ - ان استقراء دور المعارضة ينطلق عبر مراحل وطنية وتلك المراحل هي وحدها شاهدة على اشكالية المعارضة اذ شهدت مرحلة 94م تداعيات كبرى فالوحدة اليمنية التي تحققت والتي من المفترض ان تتجاوز الامة ما فاتها في المسار الحضاري اثناء التشطير الا ان ما حدث هو الهرولة في الاتجاه المعاكس، وفي تلك المرحلة علامات مضيئة، تجسدت في قرارات العفو العام، العفو الرئاسي وتكريس مبدأ سياسة الاسترضاء واحتواء كل الاطراف بما ينطبق وقاعدة (لا ضرر ولا ضرار) الا ان المعارضة وان كانت لا تزال في المخاض العسير تبنت خطاباً سياسياً هاماً رسخت رؤى ومفاهيم تزيد من الاستلاب الوطني والتذمر لشرعية وحكومة دولة الوحدة -مستغلين التدهور الاقتصادي الذي شهدته تلك المرحلة تلتها قضية حنيش، والحدود مع دول الجوار الى نهاية مرحلة التسعينات وما شاب العملية السياسية الممثلة باول انتخابات برلمانية ورئاسية في 97-99م، من مقاطعات للانتخابات النيابية من قبل بعض الاحزاب وانشطار حزب الى عدة احزاب، كل تلك المرحلة اثبتت للمشهد الوطني ان المعارضة لا تختلف مع النظام السياسي من اجل قضايا وثوابت وطنية، وعلى نفس التدرج المرحلي- كشفت احداث صعدة منحنى آخر في منحدر المعارضة، بين من تثير النزعة الطائفية والمذهبية عبر حملات اعلامية منظمة، واخرى تدين بمواقف ضررها اكبر من نفعها- ويشهد الوطن زوبعة وحرب حقيقية داخل محافظة صعدة ورغم كل هذا ظل النظام السياسي سالكاً نفس النهج الانساني المتمثل في الافراج عن رموز الحوثية ولا تزال هذه الفئة الضالة رهينة لفكر مغلوط لا يتعارض مع ابجديات العصر وتلقى مستجدات الاحداث في بعض المناطق الجنوبية بظلالها على المشهد الاخير لمسرحية التآمر ضد الوطن والوحدة، الداعية الى تبنى ثقافة الانفصال واثارة الاستياء والتذمر وخلق مفردات همجية وشوارعية لا تنم عن نضج سياسي او انتماء وطني او حتى اخلاقي قيمي ومبدئي. هذا الدور المشلول يكشف حجم الهوية بين معارضتنا والمعارضة في العالم الاخر التي تسير وفق طريق وطني ولعل هذا الاستقراء المرحلي للمعارضة اليمنية هو جعلهم يسقطون من أف الماضي الى دبم الحاضر واذا كان الاستقراء منقوصاً ففي اعتقادي ان الاخذ بالاسلوب العام هو الانسب لمثل هذه الملفات وحرصاً على الوطن.