ليس في وسع أحد إنكار سمة الانفتاح الديمقراطي الذي تميز به نهج القيادة السياسية بزعامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح رئىس الجمهورية والذي وجد طريقه إلى الترجمة الواقعية في عدة محطات تبرز أهم شواهدها في القبول بخيارات الائتلاف الحكومي والبرلماني على الرغم من الأغلبية التي تمنح المؤتمر الشعبي العام حق الانفراد بإدارة شئون الحكم والمجتمع، وهو التوجه الذي تلازم أيضاً مع الحرص الدائم على خلق حالة من التوافق بين أطراف العمل السياسي وتهيئة الفرص المتكافئة أمام كافة المصفوفة الحزبية. ولهذا النهج من الانفتاح الديمقراطي بوادره التي سبقت الأخذ بنظام التعددية الحزبية عقب إعادة وحدة الوطن وتجلت في تكريس مبادئ الحوار والشراكة في تحمل المسؤولية الوطنية. وظل الالتزام بهذا النهج متواصلاً على الرغم من كل المحاولات الاستفزازية التي طغت على مواقف بعض أحزاب المعارضة وعمدت من خلالها بشكل صارخ إلى استخدام وسائل إعلامها تسميم المناخ الديمقراطي بقلب الحقائق وتضليل أبناء المجتمع بما فيهم كوادر وقواعد تلك الأحزاب الذين ظل الكثير منهم يجهل خفايا تلك المحاولات التي كان من أولوياتها إفساد قنوات الحوار الهادفة إلى معالجة وتجاوز أية اشكالات عارضة أو استثنائية بتنكر وانقلاب هذه الأحزاب على اتفاقاتها مع الطرف الآخر في الحوار. ويفيد المنطق القويم أن الأحرى بهذه المعارضة أن لا تلتف على الحقيقة التي تشهد بأن العيب فيمن ينتهك التفاهمات ولا يراعي ان الحوار هو قيمة أخلاقية وحضارية سامية لا ينبغي التمرد عليها أو تحويلها إلى مطية للمساومة من أجل الحصول على بعض الامتيازات خارج الطريق الديمقراطي . وينسحب الأمر على قضية الثوابت الوطنية التي يجري رشقها بسهام الخطاب المأزوم وتشويه معانيها بغية التأثير على القناعة الجماهيرية الملتفة حولها وإحداث اختلال في الوعي الجمعي خدمة لمصالح وغايات مشبوهة. ولم يكن نهج الانفتاح والتقدم بالتجربة الديمقراطية إلى مراتب الارتقاء والاكتمال الواقعي كمنظومة شاملة للحياة اليمنية بالشأن الهين أو السهل إذ أنه الذي تطلب قدراً غير عادي من شجاعة في الانتصار لحق المجتمع في امتلاك إرادته وممارسة خياراته بعيداً عن أية مخاوف أو دواعٍ للتردد أو الارتداد عن كل ما تبلور وترسخ في القناعة الوطنية. ولقد كان لهذا التعامل الشجاع أثره البالغ في النهوض بالتجربة الديمقراطية اليمنية وارتياد مكانتها الرفيعة التي باتت تحظى بتقدير العالم، وتنم هذه التعبيرات عن حقيقة ما للمصلحة الوطنية من أسبقية على غيرها من المصالح وأنها الأساس الذي تبني عليه حسابات المكاسب الحزبية وتحقيقها من خلال خدمة وتأمين قضايا وتطلعات الشعب والوطن اليمني. ولا مجال في ضوء هذه الحقائق الناصعة للتشكيك في إمكانية التقدم الديمقراطي الطبيعي نحو التجسيد الكامل والنموذجي لمبدأ الشراكة في تحمل مسئوليات البناء الوطني ولا مجال أيضاً لترديد تلك الدعاوى الباطلة التي لم يعد أحد يصدقها وأي إصرار على المضي في هذا الأسلوب الأجوف إنما هو الذي سيفقد أصحابه ثقة الناس ويعري ممارساتهم غير المتصالحة مع قيم الديمقراطية وأخلاقيات العمل السياسي والحزبي. ويظل التعامل الديمقراطي المسئول مطلوباً من خلال الفهم الواعي بأن من يحكم ومن يعارض محكومان بإرادة الجماهير وبالنجاح في مخاطبتها وكسب ثقتها في صناديق الاقتراع باعتبار أن هذه المفردات هي الإطار الذي يتحدد في ضوئها المستقبل السياسي لكل طرف من أطراف العملية الديمقراطية وتكون المقولة الشهيرة أن الحكم مغرم لا مغنم أقوى تمكنا في الحياة السياسية من أية مفاهيم أخرى عاجزة بصورة مريعة عن تحديد ضوابط المسؤولية الوطنية. ويبقى المغنم الحقيقي في الالتزام الإيجابي بقواعد التنافس الشريف من أجل تقديم الأفضل للوطن والمواطن.