يستحق أبطال القوات المسلحة والأمن الذين يضطلعون بمسؤوليات الدفاع عن أمن الوطن واستقراره والحفاظ على ثوابته ومكاسبه وإنجازات ثورته المتمثلة في الحرية والوحدة والديمقراطية والتنمية الشاملة كل معاني التقدير والشكر والعرفان والتحايا الخالصة من كل أبناء الوطن الذين يشعرون أنه لولا تضحيات أولئك الأبطال المرابطين في الثغور والجبال والوديان والصحاري والجزر والسواحل ومنافذ الطرقات وغيرها من مواقع الشرف والفداء، لما تحقق للوطن كل ما ينعم به اليوم من تقدم ورخاء وازدهار وأمن واستقرار وحرية وديمقراطية وتعددية سياسية وتحولات حضارية شملت مختلف جوانب الحياة. من حق هؤلاء الأبطال أن يتلقوا أكثر من تحية وامتنان وهم يسطرون ملحمة جديدة في مواجهة عناصر التمرد والتخريب والخارجين على النظام والقانون ومشعلي الفتنة الخسيسة في بعض مديريات محافظة صعدة، قادتهم نوازعهم المريضة إلى سلوك الدرب الإجرامي ومحاولة الانقلاب على الثوابت الوطنية والشرعية الدستورية والديمقراطية، متوهمين أنهم ومن خلال أعمال التمرد والعصيان سيتمكنون من إعادة عقارب الساعة إلى الوراء والارتداد بالوطن إلى عهود الكهنوت الإمامي وعصور التخلف والاستعباد التي قبرها شعبنا اليمني الحر ووضع نهايتها بانتصار ثورته المباركة وإقامة نظامه الجمهوري وتثبيت مداميك عهده الجديد الذي صار فيه الشعب يحكم نفسه بنفسه. وفي مثل هذه الحال فإن عبارات الثناء والتقدير هي أبسط ما يمكن التعبير به تجاه أولئك الرجال الصناديد من أبناء قواتنا المسلحة والأمن الذين يفتدون الأهداف الوطنية بأرواحهم الطاهرة ودمائهم الزكية، ليؤكدوا أنهم بالفعل رموز البذل والتضحية والإيثار دون توقف أو انقطاع بداية من قطرات العرق في ميادين التدريب، وانتهاء بقطرات الدم في مواقع البطولة، وبين هذا وذاك ما يقدمونه من العطاء السخي في الدفاع عن أمن واستقرار الوطن والحفاظ على السكينة العامة والسلم الاجتماعي، حيث يسهرون في وقت ينام فيه الجميع ويرفعون مستوى جاهزيتهم حينما يكون غيرهم من الناس في حالة من الاسترخاء. وكلمة حق تُقال أن أولئك الأبطال من أبناء القوات المسلحة والأمن هم الذين يعلموننا كل يوم درساً جديداً من دروس الوطنية وحب الوطن، فقد تعلمنا منهم أن الوطنية ليست شعاراً يُرفع أو يُقال في خطاب سياسي، وأن الانتماء الوطني الصادق ليس فقط بطاقة نحملها أو هوية نتظاهر بها، بل إنه المفهوم الذي نستمد منه وجودنا وكرامتنا وكل تطلعاتنا في الحياة، وها هم أبناء هذه المدرسة الوطنية من أبناء القوات المسلحة والأمن يجسدون دلالات هذا المعنى على الواقع العملي بأداء واجباتهم ومسؤولياتهم في التصدي لعناصر التمرد والتخريب من بقايا فلول الإمامة في بعض مديريات صعدة، ويعملون بكل شجاعة واستبسال على اجتثاث ذلك الوباء الذي أطل برأسه من جديد، محاولاً النخر في جسد وطن ال22 من مايو بأفكار عنصرية متخلفة مازال أصحابها يحنون للماضي الأسود إلى درجة غاب عنهم أن ما يحلمون به هو المستحيل بعينه.. وأن ما أشعلوا الفتنة من أجله ليس أكثر من وهم عشعش في أذهانهم السقيمة التي عجزت عن أن تستوعب أن يمن الثورة والجمهورية والوحدة والديمقراطية قد تحرر من جاهلية العصور المظلمة وانتقل إلى رحاب عصر العلم والمعرفة، وامتلك إرادته وسيادته، وأصبحت له مؤسساته الحديثة التي تدير شؤونه ومسارات حياته، كما أنه الذي صارت له مؤسسة عسكرية وأمنية قوية قادرة على ردع كل من تسول له نفسه المساس بثوابته ومنجزاته أو إعاقة مسيرة تطوره وازدهاره، أو القفز على إرادته وتطلعاته، وهي الصورة التي تتجلى واضحة في ما حققه أبناء القوات المسلحة والأمن من إنجازات وانتصارات على الأرض، وهم يدكون معاقل وتحصينات فلول التمرد والتخريب والإرهاب وتطهير المديريات التي جعلت منها عناصر الإجرام مسرحاً لأفعالها العدوانية وممارساتها الإرهابية. والأجلى من كل ذلك ما أظهره أبناء القوات المسلحة والأمن من التزام قيمي وأخلاقي وهم يطاردون تلك العناصر، حيث حرص أولئك الأبطال على تجنيب المواطنين أي ضرر قد يطالهم جراء المواجهة أو أثناء ملاحقة تلك العناصر الإجرامية، وهو العامل الذي ربما اقتضى منهم التريث في مهاجمة بعض التجمعات لعناصر التخريب التي سعت في كثير من المرات للاحتماء بالقرى الآهلة بالسكان وجعل المواطنين الأبرياء والأطفال والنساء دروعا بشرية، ومراعاة لكل ذلك كان لابد لأبناء القوات المسلحة والأمن من اتباع الوسائل التي لا تؤثر على حياة المواطنين أو تعرضهم للخطر ولولا تلك العوامل لكان حسم التمرد الذي بات يلفظ أنفاسه الأخيرة في أيام معدودات. وفيما عكس أبناء قواتنا المسلحة والأمن بهذا الالتزام القيمي والأخلاقي التربية الوطنية التي تربوا عليها، والتي أعدتهم وأهلتهم ليكونوا حماة للشعب وحراساً أمناء على حياته وعرضه ودمه ومصالحه، فإن المواجهة ذاتها قد كشفت أن القوى التي ظلت تتربص بالثورة والجمهورية والوحدة والديمقراطية لم تستفد من عبر وعظات الماضي، وما أتيح لها من فرص للتطبع مع الواقع الجديد ومبادئ الحياة الديمقراطية، ولا ندري كيف فات على هذه العناصر أن مجرد تفريطهم بكل تلك الفرص التي وُضِعَتْ بين ايديهم لإعادة تصحيح مواقفهم يكفي وحده لتعريضهم للمساءلة عن كل الآثام التي ارتكبوها في حق هذا الشعب. ومن خلال ذلك يتضح تماماً أننا أمام عقليات تأبى الخروج من دائرة الجمود والضلال، ومن يبدي مثل هذا الإصرار ومواصلة السير نحو التهلكة فإنه لا يتعدى كونه مجنوناً أو منحرفاً أو استولى عليه الشيطان ليضع نهايته وخاتمته المخزية بنفسه ودون أن يختارها له أحد وتلك عاقبة كل من ضل طريق الحق والصواب واستسلم لنوازع الحقد والإجرام، وصدق الله العظيم القائل «من عمل صالحاً فلنفسه ومن أساء فعليها».