كلمة فخامة الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية القائد الاعلى للقوات المسلحة في اللقاء التشاوري الثالث لقادة القوات المسلحة و الامن المنعقد هذا العام تحت شعار (من اجل تواصل جهود التنمية والبناء والتحديث وتقييم مستوى الاداء) رسمت اتجاهات المسارات التي يتوجب ان تتخذها عملية التدريب والتأهيل لتحقق ارتقاء الى مستوى البناء النوعي لهذه المؤسسة الوطنية الكبرى، وبما يلبي متطلبات مهامها وواجباتها الوطنية المقدسة في الدفاع عن سيادة الوطن وصون مكاسب وانجازات ثورته ووحدته المباركة وتأمين مسيرة التنمية ونهوض الوطن الشامل.. مشيداً فخامته بالنجاحات المحرزة على صعيد انجاز مهام العام التدريبي المنصرم التي تجلت في اليقظة والجاهزية العالية المعبر عنها في الكفاءة والاقتدار العالي على القيام بالواجبات الموكلة في حماية الامن والاستقرار ومكافحة الارهاب والقرصنة البحرية والجريمة بشكل عام. منبهاً في هذا المنحى بضرورة تعزيز الايجابيات، وتلافي السلبيات في العام التدريبي 2009م لتكون القوات المسلحة والأمن كما كانت دوماً حزب الوطن الكبير، وصمام أمان حاضره ومستقبل أجياله. ان كلمة فخامة الأخ الرئيس في هذا اللقاء التشاوري جاءت في ظل العدوان الهمجي الوحشي لجيش الاحتلال الاسرائيلي على ابناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، فقد حدد في حديثه رؤية الجمهورية اليمنية بشكل صريح وواضح تجاه الوضع المأساوي الذي يعيش جحيمه الأبرياء من اطفال ونساء وشيوخ غزة في هذه الحرب الاجرامية التي تشنها اسرائيل وكان يتوجب من اليوم الاول لها ان يعلن المجتمع الدولي جدياً بوقفها.. معيداً التأكيد في هذا السياق على هذه الرؤية اليمنية التي وضعها بنقاطها الثمان برسم الدول الكبرى الولاياتالمتحدة والاتحاد الاوروبي عند استقباله سفرائها المعتمدين لدى اليمن لافتاً فخامته الى ان ما يرتكب في غزة من مجازر وحشية وحرب ابادة وارهاب دولة تمارسه اسرائيل في ظل صمت دولي مشين، وغير انساني ومخيب للامال محدداً رؤية اليمن امام السفراء، مطالباً المجتمع الدولي وعلى رأسه دول الاتحاد الاوروبي والولاياتالمتحدة بالعمل على وقف العدوان وانهاء الحصار، وفتح المعابر وانسحاب قوات الاحتلال الاسرائيلي من غزة ومحاكمة القيادات الاسرائيلية المسؤولة عن ارتكاب تلك المجازر في غزة امام محكمة الجنايات الدولية، وقطع العلاقات الدولية مع اسرائيل وفرض الحصار عليها ومنع توريد الاسلحة الى هذه الدولة الاجرامية الارهابية. وهذا اقل ما يمكن القيام به لأن ما يرتكب ضد الشعب الفلسطيني الاعزل والمحتلة ارضه ويتعرض ابناؤه من الاطفال والنساء والشيوخ لمذابح جماعية.. معتبراً أن اتخاذ موقف لهذا يتماشى مع ما تدعيه هذه الدول الرافعة لشعارات الحرية والدفاع عن حقوق الانسان. فلا يجوز ابداً ان يبقى المجتمع الدولي المفترض به تجسيد قيم العدالة والمساواة والسلام في موقفه ليس فقط المحايد، ولكن المنحاز الى اسرائيل، وهي تمارس حرب ابادة على الشعب الفلسطيني وعلى هذا النحو من العدوانية البربرية على مدى عشرين يوماً بشكل متصل ليل نهار مستخدمة كل ما تملكه ترسانتها العسكرية الضخمة بما في ذلك المحرمة دولياً والتي تقذفها من البر والبحر والجو وهي اسلحة تظهر لاول مرة محولة أبناء غزة المحاصرون الى حقل تجارب تحصد أرواحهم وتسلخ جلودهم وتحرق عظامهم مولدة مآسي مؤلمة لايمكن وصفها الا بانها محرقة ترتكب ضد الانسانية.. ومن المشين ان يبقى المجتمع الدولي يتعاطى مع حرب كهذه على ما هو معتاد منه في تطبيق سياسة الكيل بمكيالين مستخدماً معاييره المزدوجة تجاه اسرائيل التي اعتادت ان تسخر من قرارات الشرعية الدولية لتكافأ على ذلك بالمزيد من الدعم والتغطية لحروبها العدوانية على الشعب الفلسطيني والشعوب العربية. ان هذه المطالب ليست مطالب اليمن بل هي مطالب الشارع العربي والاسلامي وكل ذوي الضمائر الحية في العالم .. والمفترض من الولاياتالمتحدة والدول الاوروبية ان تكون مواقفها منسجمة مع ما تدعو اليه من احترام لحقوق الانسان، ومحاربة الارهاب، وان الابقاء على هذه الازدواجية سيكون له عواقب وخيمة في الشارع العربي والاسلامي تترتب عليه نتائج خطيرة تبرر انتشار ثقافة الكراهية والاحقاد التي لن تبقي على توجهات التعايش وجهود السلام في المنطقة، و سيكون لها انعكاسات على الامن والاستقرار الدولي بشكل عام. هذه هي الرؤية اليمنية للمخاطر التي يمكن ان تنجم عن عدم التسريع في ايقاف الحرب على ابناء الشعب الفلسطيني في غزة التي تشنها اسرائيل لليوم العشرين على التوالي التي استمرارها سوف يكون له امتدادات الى حدٍ يمكن التنبؤ باتساعاتها والاتجاهات التي ستأخذها وعلى نحو لن يترك اسرائيل تنجو بفعلتها دون عقاب على ما اقترفته من جرائم ضد اطفال ونساء وشيوخ ابرياء بحيث لا تكررها مرة اخرى.. وهكذا نستعيد للقيم والمبادئ الانسانية اعتبارها والضمير الانساني صحوته وجوهره الاخلاقي. وعلى جانب آخر فان اليمن ظلت وماتزال حريصة على الوفاق والتضامن العربي وعدم حدوث اي انقسام جديد في الصف العربي كما حدث في الماضي وحيث ينبغي علينا جميعاً تجنب تكرار الانقسام والاتعاظ من الدروس والعبر التي أفرزتها تلك الانقسامات والتي لازالت تنعكس بآثارها السلبية على الوضع العربي الراهن المتردي وعلى الاحداث الجارية في غزة نفسها وحيث ان مثل ذلك الانقسام اذا ماحدث- لاسمح الله- لن يخدم مصلحة الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة ومصلحة الأمة عموماً، ولهذا فان على العقلاء في الأمة البحث عن الوفاق بدلاً من الاختلاف وان يعطى الوقت الكافي لمزيد من التشاور بين القادة العرب وبمايكفل الخروج بموقف عربي موحد وفعال يحقق الأهداف المنشودة.