تفصح يوميات اليمن خلال الاسبوع الماضي عن جملة من الاخبار التي يمكن تصنيفها في خانتين الأولى تتصل بالحياة والأمل والعمران والثانية تتعلق بالخراب واليأس والموت. في الخانة الأولى نقرأ أن." الطفل اليمني الموهوب الشاعر علي احمد العفيف ( 11 عاما) يشارك في "الملتقى العاشر للطفل العربي " والذي يقام بإمارة الشارقة" ابتداء من السبت وحتى الخميس المقبل تحت شعار " من حقي أن أعيش بسلام " وتعتبر هذه المشاركة الأولى للشاعر العفيف في الملتقى الذي يجمع أطفالأ مبدعين من كل الدول العربية فضلا عن مشاركة طفلين يمنيين آخرين مبدعين في مجال الرسم والعزف والموسيقي " ويلقي العفيف في الملتقى عدداً من قصائده الشعرية الشعبية بينها قصيدة بعنوان " جنسيتي وهويتي عربية " و أخرى حول "حقوق الطفل العربي" وفي الخانة نفسها نقرأ ايضا عن انجاز أثري باهر لن يكون الاخير في اليمن حيث" كشفت أعمال المسوحات التنقيبية في موقع حمة ذياب الأقمر الأثري بمديرية ميفعة عنس ( 40كم شرق مدينة ذمار وسط اليمن) عن مبنى يعود إلى عهد الممالك العربية الجنوبية بالإضافة إلى تمثال من المرمر يمثل امرأة متربعة على كرسي العرش على صدرها نقوش بخط المسند و مجموعة من اللقي الأثرية التي تحمل رموزا تشير إلى معتقدات دينية منها لوحة على حجر من البلق مرسوم عليها ثورين متقابلين بينهما شجرة عرفت في الحضارة اليمنية أنها " شجرة الحياة " وفي السياق نشير الى الحراك الديموقراطي البارز الذي شهدته نقابة الصحافيين في صنعاء حيث توزعت الموالاة والمعارضة مقاعد مجلس النقابة وكما في الانتخابات السابقة شهدت الانتخابات الاخيرة سجالات واحتجاجات يبدو انها صارت ملازمة لتظاهرة من هذا النوع لكن يبقى الاهم فيها هو ان الناجح يشعر بطعم الفوز في معركة حقيقية والخاسر يخسرمعركة وليس حرباً فلا تعيين يمنح لأعضاء المجلس ونقيبهم ولا مقاعد فارغة في القاعة بسبب التعيين.هذا ولن يتأخر اليوم الذي نرى فيه خاسراً جيداً في مثل هذه المنافسات الانتخابية يتحمل مسؤولية خسارته ويفتخر بديموقراطية الانتخاب ورابحاً جيداً يعتبران فوزه هو فوز للديموقراطية ولكل المتنافسين دون استثناء، اقول هذا مع بعض الحذر لانني لم اتابع بالتفصيل تعليقات الفائزين والخاسرين في هذه المعركة النقابية المشرفة. اما في الخانة الثانية فنقرأ في " وكالة الصحافة الفرنسية" تصريحاً منسوباً لمصدر دبلوماسي غربي في اليمن "شجاع" الى حد انه رفض الاشارة الى هويته و"شجاع" أيضا الى حد انه حكم سلباً على مستقبل الوحدة بسبب ما دار في صعدة وتحركات المتقاعدين في عدن ....والتفجيرات الانتحارية التي تقع أحيانا هنا وهناك. و"شجاع" ثالثاً لانه تبنى عمداً لغة بعض المتضررين المحليين و توقعاتهم التي ما انفكت منذ بدء التاريخ الوحدوي تنشرالاحباط واليأس وتبشر بخراب ثانٍ لسد مأرب و"تشتت اليمنيين ايادي سبأ" فيما الوقائع تذهب باتجاه آخر يعرفه المصدر ومن يقف معه او وراءه. يطرح هذا النوع من الاخبار مشكلة ليست خطيرة للغاية فالمصدر الغربي يريد إيصال رسالة للحكومة عبر هذا النوع من التصريحات المغفلة وذلك ليس بهدف التنبيه الى مخاطر تعرف الحكومة طبيعتها اكثر منه وانما للضغط من أجل مصالح خاصة به وببلاده أو للحؤول دون اتمام عقد ما أو لشيء آخر لا علاقة له بالمصلحة الوطنية اليمنية، يبقى أن هذا النوع من التصريحات يشجع سواء رغب المصدر "المحترم" او لم يرغب بعض السذج هنا وهناك على المضي في سذاجتهم السياسية التي تترجم احياناً بكلفة دموية عالية لاتصيب إلاَّ اهل البلد ومصالحهم هذا اذا أردنا حسن النية وبالتالي استبعاد التزامن بين تصريح المصدر الغربي المغفل والتفجير الانتحاري الأخير. وبعد تعطيك هذه المصادر المغفلة والمعلومة دروساً في الحكم الرشيد و السلوك السياسي القويم وما الى ذلك من الخزعبلات والخطب المتورمة ب "العلو الشاهق " و"الانا الحضارية" المأزومة هذه الايام بالاسهم الفاسدة. بين خانتي الأمل واليأس يبدو ان خيار اليمنيين الحاسم هو التمسك بالأمل والشعر والأدب واستثمار الثروات الطبيعية وتعمير المدن وشق الطرق والبحث عن الفرح رغم المصاعب والمخاطر. بين خانتي الأمل واليأس يسجل اليمنيون عاماً بعد عام الكثير من التقدم في العديد من المجالات وربما تكون انجازاتهم اقل من طموحاتهم غير انها كافية كي لا يسود الظلام ويعم الخراب هذه البلاد التي كانت ذات يوم تحظى دون غيرها من البلدان بوصف.... السعيدة. ماركس..كوميديا افادت "سي بي اس" أن "رأس المال" الكتاب الأهم لكارل ماركس سيكون موضوعاً لكوميديا غنائية مسرحية عملاقة يعمل الصينيون على اعدادها هذه الايام وستكون جاهزة للعرض في العام المقبل وهذه ليست المحاولة الأولى لتحويل "راس المال" الى عمل فني فقد جرب من قبل المخرج الماركسي ايزنشتاين صاحب "الدارعة بوتمكين" تحويل الكتاب الى فيلم سينمائي، بيد ان محاولته لم تكتمل الى ان بادر مؤخراً مخرج الماني الى اكمالها، لكن الفيلم امتد الى عشر ساعات وهو يحتاج الى نفس طويل ودوافع قوية لمتابعته.والمدهش في المبادرة الصينية انها تتم في بلد ما عادت فيه قواعد "رأس المال" الماركسي هي السائدة في الاقتصاد وانما قواعد السوق الرأسمالي ما يعني ان الكوميديا المنتظرة قد لا تلقى تعاطفاً كبيراً من غير الحزبيين خصوصاً اذا ما اتصفت بوعظ ايديولوجي مضجر واذا ما استغرق عرضها وقتا طويلا. والملفت في هذا المجال ان ازمة الأسواق العالمية أعادت ماركس وكتابه "رأس المال" الى واجهة المكتبات الغربية بوصفه صاحب الرؤية الصائبة منذ اكثر من قرن للأزمات البنيوية الدورية التي ترافق نمو الرأسمالية لكن يخشى من ان تكون عودته كعودة تشي غيفارا الذي تحول الى ايقونة يتداولها خصومه المفترضين اكثر من رفاقه التاريخيين.علما ان العودة في الحالتين الماركسية والغيفارية تتم من باب الكوميديا السينمائية أو الغنائية.