لا يخفى على أي متابع حصيف أن المواجهة العسكرية لأعمال التمرد والتخريب في محافظة صعدة كانت خيارا فرض على الحكومة من قبل عصابة التمرد الحوثية ، التي عملت على وأد كل فرص السلام وإفشال كل الجهود الخيّرة التي بذلت طوال أكثر من أربع سنوات من أجل إنهاء الفتنة التي أشعلتها تلك العصابة المارقة بالطرق السلمية. ولا يجهل أي متابع أيضا أن ما يجري اليوم في محافظة صعدة هو إجراء اضطرت إليه الحكومة دون أن تختاره ، بدليل أنها ظلت تتمسك بالحل السلمي في اللحظة التي كان فيها عناصر التمرد يوغلون في استفزازاتهم وجرائمهم وانتهاكاتهم لكل ما يتصل بذلك المسار السلمي ، الذي حرصت الحكومة على جعله قاعدة ارتكاز لتعاملها وتعاطيها مع أحداث ذلك التمرد. وكثيرة هي المؤشرات والشواهد التي تفيد بأن العناصر التخريبية هي التي حالت دون نجاح المساعي التي بذلتها اللجان المتعددة ، والمشكلة من الأحزاب والبرلمان والوجاهات الاجتماعية من أجل إحلال السلام ، وذلك بتنكر تلك العناصر ونكثها لكل ما يتم الاتفاق عليه. ولا يستطيع أحد إنكار حقيقة أن عصابة التمرد التي عملت في إطار ممنهج على نسف جهود لجان السلام ، هي نفسها من قامت بالالتفاف والارتداد على اتفاقية الدوحة في إطار نزوتها الشيطانية المدفوعة برغبة الاستمرار في مسلسل الفتنة ومشروعها التدميري. وتؤكد الحقائق الدامغة أن هذه العناصر ، وفي الوقت الذي بادرت فيه الدولة بالإجراءات الفعلية لتنفيذ تلك الاتفاقية بدءا بوقف العمليات العسكرية في جميع المناطق ، ومرورا بإطلاق العناصر المحتجزة على ذمة أحداث الفتنة ، وسحب طلب تسليم المدعو يحيى الحوثي من الشرطة الدولية ، وانتهاء بتشكيل لجنة رئاسية لمتابعة تنفيذ اتفاقية الدوحة ، نجد في المقابل أن العناصر الحوثية المتمردة عمدت إلى أسلوب المماطلة والتهرب من الإيفاء بالتزاماتها. ويتجلى هذا المسلك الشيطاني في رفضها النزول من جبل عزان وبقية الجبال والمواقع الأخرى ، على الرغم من التزام ممثل هذه العناصر الإرهابية المدعو صالح هبرة بإنهاء التمركز في تلك الجبال والمواقع الموزعة في ثماني مديريات. وإمعانا منها في نسف جهود السلام اتجهت إلى القتل الممنهج لاتفاقية الدوحة عبر إصرارها على تأجيل خروج عناصرها الإرهابية من منطقتي مطرة ونقعة وجبل عزان لتبرهن بذلك على نواياها السيئة، وأن ما تهدف إليه هو كسب الوقت لإعادة تنظيم صفوفها والتنصل من اتفاقية الدوحة والمضي في مشروعها الإجرامي الذي يعرض الوطن برمته لأخطار حقيقية تهدد أمنه واستقراره وسيادته ووحدته. وكيف لأحد أن يغفل أو يتغافل عن أن الحوثيين هم من أفشلوا كل بارقة أمل لإنهاء الفتنة وإحلال السلام بمحافظة صعدة؟ ألم يكن الحوثيون هم من انتهكوا بخروقاتهم المناخات التي أتاحها قرار رئيس الجمهورية في يوليو من العام الماضي بوقف العمليات العسكرية؟. ألم يكن الحوثيون الإرهابيون هم من لبسوا ثوب الباطل وزهوا به من خلال استباحة دماء المواطنين وأعراضهم وممارسة التصفيات الجسدية للمئات من المشايخ والوجهاء والمواطنين الأبرياء الذين يخالفون فكرهم الضلالي والظلامي؟ أليس الحوثيون المخربون هم من لجأوا إلى السلاح ومارسوا الاعتداءات على المواقع العسكرية والأمنية والاستيلاء على المنشآت التعليمية والصحية والخدمية والتقطع في الطرقات وسلب الممتلكات العامة والخاصة؟. أليست عناصر التمرد والإرهاب الحوثية من قامت بالاعتداء على الأطباء الأجانب وقتل ثلاثة منهم واختطاف تسعة آخرين لا يزال مصيرهم مجهولا حتى الآن ليضربوا بذلك السياحة الوافدة إلى اليمن؟. أليست هذه العناصر الإجرامية هي من اضطرت الدولة إلى المواجهة الأخيرة بعد أن وجدت نفسها تحت الضغط الشعبي ملزمة بالقيام بمسؤولياتها الدستورية والقانونية في الحفاظ على الأمن والاستقرار والسلم الاجتماعي وحماية مواطنيها من تلك الشرذمة الإرهابية والمتطرفة. أليست هذه الشرذمة الضالة هي من ناصبت الوطن العداء ورفعت السلاح في وجه المؤسسات الدستورية واتجهت لتوسيع أعمالها العدوانية إلى المحافظات المتاخمة لمحافظة صعدة فقامت بتشريد الآلاف من المواطنين من منازلهم وقراهم وتقوم اليوم بإعاقة أعمال الإغاثة لأولئك الذين دفعتهم إلى العراء ظلما وعدوانا؟ يعرف الجميع كل هذه الحقائق كما يعرفون أن اليمن قد بليت بهذه العناصر الإرهابية من بقايا عهود الكهنوت والجهالة الإمامية. كما أن الجميع يدرك أن الحكومة قد عملت كل ما في وسعها لمعالجة تلك الفتنة بالوسائل السلمية ، إلا أن تلك الجهود ظلت تصطدم بخروقات المارقين وعناصر الكهنوت الذين يستأسدون بماضيهم المتخلف والمريض. وإزاء ذلك لم يكن أمام القوات المسلحة والأمن سوى الاضطلاع بدورها لإجبار تلك العناصر الباغية على الاستسلام وإخماد الفتنة التي أشعلتها. وها هي تلك العناصر تتلقى الضربات الموجعة من قبل نسور الجو الأبطال وبقية مكونات المؤسسة العسكرية والأمنية التي لقنت فلول الإرهابيين دروسا لن ينسوها وعندما أحسوا بقرب نهايتهم لجأوا إلى ترديد الأكاذيب والدعاوى الباطلة في محاولة مكشوفة للزج بالأشقاء في المملكة العربية السعودية في المواجهات الجارية التي يسطر ملاحمها البطولية أبناء القوات المسلحة والأمن الذين رضعوا حب الوطن مع حليب امهاتهم ومعهم كل أبناء الشعب لقطع دابر تلك الفتنة الشريرة. وليس أمام تلك العصابة الإجرامية إلا التسليم والإذعان للنقاط الست ، التي حددتها اللجنة الأمنية العليا ، وأعاد التذكير بها فخامة الرئيس علي عبدالله صالح في خطابه بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك ، أو مواجهة مصيرها المحتوم على يد جنود الوطن الأشاوس العازمين على سحق الفتنة واستئصال شأفتها الخبيثة وإرغام عناصرها على الاستسلام والخضوع لشرع الله وأحكام العدالة والدستور والنظام والقانون. ف«الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها»!!.