يستحيل أن تكون هناك علاقة من أي نوع بين الفكر المنغلق على الماضي المتخلف وتوجه الحداثة المعني بتحقيق النهضة الوطنية الشاملة، وتبدو ملامح الافتراق والتصادم بين الحالتين واضحة في ممارسات تلك العقليات الانتهازية والمريضة الساعية لاستعادة وضع خلا من أي معلم يبعث على الفخار وامتلائه بكل ما يبعث على الخجل. ونتيجة عدم تصالح هذه العقليات الموبوءة مع واقع العصر فإن التصنيف التشخيصي يضعها في خانة الأقزام الذين يحاولون نخر قيم الثورة كما هو شأن أولئك الذين يتآمرون اليوم على الوحدة اليمنية كما تآمروا في السابق على ثورة الرابع عشر من اكتوبر وسعوا إلى إفراغها من مضمونها القيمي والوحدوي والوطني، ولذلك فإن الدفاع عن الحق النهضوي هو من يفرض على كافة مكونات المجتمع التصدي لجرائم التمرد والتخريب ومحاولات إثارة الفتن من قبل العناصر المفسدة والانفصالية التي حملت معول الهدم ضد هذا الوطن ومسيرته التنموية الحافلة بالخير والعطاء والنماء. ولا يحتاج الأمر لكثير من العناء لإظهار فظاعة الجريمة المقترفة بحق الوطن والمجتمع من قبل المتمردين والمخربين الذين تكفلوا بتقديم الأدلة العملية على فعلتهم النكراء حين تمترسوا في المدارس وعملوا على هدم المراكز الصحية والمرافق الاتصالية وعبثوا بالممتلكات الخاصة والعامة وعملوا على تخريبها ونهبها. ولجريمة الخروج على النظام والقانون والدستور تداعياتها وتأثيراتها على حركة السياحة والاستثمار وحرمان الدولة وقطاعات واسعة من الناشطين في المجال السياحي ومئات آلاف العاطلين المعلقين آمالهم على الاستثمارات القادمة بفرص العمل وتأمين الاحتياج المعيشي وتحسين المستوى العام للحياة. ويحول الهوس الذهني والفكري والانقطاع عن مجريات العصر الجديد دون تمكن أولئك الذين أعمى الله بصرهم وبصيرتهم من الأقزام وأمراض النفوس من إدراكهم لفداحة الضرر وقسوة المعاناة التي تلحق بكل الوطن ومواطنيه جراء أفعالهم المنفلتة أو المتمردة على كل قيم ومبادئ البناء والقيام للكيان السياسي والاجتماعي للدولة والوطن. وأهم ما تبرزه التداعيات التخريبية والخروج على النظام والقانون والتعدي على الشرعية الديمقراطية أن من يقترفون هذه الممارسات صاروا في عداء مع الشعب اليمني كله بعد أن صار عداؤهم للديمقراطية ثابتاً بخرقهم لمبدئها السلمي في التعبير السياسي عن المطالب والمواقف، وبالتالي فإن الأولى بهذه العناصر التي دأبت على إشعال الحرائق وافتعال الأزمات أن تراجع نفسها وأن تعود إلى رشدها حتى يتسنى لها الإسهام في النهوض بالوطن. ولاشك في أن المخربين يدركون أن المجتمع لن يوافقهم على أفعالهم المسيئة للوطن ومواطنيه بل هو الذي سيقاومهم ولذلك هم يلجأون إلى الخارج توسلاً وتسولاً لما يدعم موقفهم وقد خذلهم هذا الخارج حين نصحهم إلى البحث عن الحل في إطار الشرعية الديمقراطية الوحدوية وكأنه الذي يقول لهم: الحل بين ظهرانيكم.. فهل أنتم منتهون؟؟