على الأرض اليمنية شهد العالم أول ثورة عربية في وجه الملكية الإمامية الكهنوتية، والمطالبة بدستور وعدالة وتحديث في الإدارة، كان ذلك في عام 1948م وإذا كان النجاح لم يحالف هذه الثورة، فإن سيف الإمام الملك، او الملك الإمام أحمد حميد الدين.. لم يفرق كما لم تفرق سجونه الرهيبة بين عالم وأديب من شريحة الهاشميين او القضاة، ولا بين شيخ وشيخ حاشدياً كان أم بكيلياً.. زيدياً أم شافعياً، بل حصد وسجن نخبة من خيرة رجالات اليمن دونما تمييز.. باعتبار أن قادة الثورة كانوا من مختلف اليمانيين بغض النظر عن شريحة اجتماعية او مذهب، كون الظلم والتخلف كان واقعاً على الجميع. ولو كانت ثورة ال26 من سبتمبر1962 قد فشلت لحصد سيف الإمام الملك رؤوسا من مختلف شرائح ومناطق اليمن، إلا أن النجاح كان حليفها وكانت إرادة الله مع إرادة الشعب.. فكان ميلاد اليمن الجمهوري على هدى الأهداف الستة للثورة. وهنا نتساءل كما تساءل الصديق علي سيف حسن، ونقول: هل من المنطقي ان نستمع وبعد سبعة وأربعين عاماً على قيام الثورة ورسوخ الجمهورية من يتحدث عن ملكية او إمامة؟!!. نعود ونقول: كانت الإذاعة اليمنية، في شعر الأستاذ عبدالله البردوني وكتابات وصوتي الأستاذين محمد عبده نعمان وعبدالله حمران أول إذاعة عربية تدعو الى مقاومة المستعمر وإلى وحدة اليمن أرضا وإنسانا، وبعد مرور أكثر من نصف قرن على ذلك وأكثر من خمس وأربعين سنة على الثورة اليمنية (سبتمبر وأكتوبر) وقرابة تسع عشرة سنة على استعادة اليمانيين للوحدة السياسية لأرضهم او هويتهم السياسية الواحدة (كون الشعب كان موحداً بثقافته ووجدانه ...الخ) هل من المعقول والمنطقي أن نستمع الى من يتحدث عن إعادة تشطير الأرض اليمنية.. او من يتحدث عن سلطنات ومشيخات وإمارات خلفها المستعمر؟!! نعود ثانية ونقول: بعد استعادة الوحدة والهوية السياسية الواحدة لليمن في الثاني والعشرين من مايو 1990م على أسس الديمقراطية والحقوق والحريات.. وبعد ما شهدته اليمن من خطوات ديمقراطية وتشريعات وقوانين ذات صلة بالحقوق والحريات.. هل من المعقول والمنطقي أن نستمع الى من يتحدث عن سلاليات ومناطقيات وعن مذاهب، ومالا يتناسب مع هويتنا السياسية الجديدة وتصنيف اليمن ضمن البلدان السائرة على النهج الديمقراطي.. والنظر الى تجربتنا في هذا المجال كديمقراطية ناشئة وسابقة لتجارب من حولنا؟!!. ماذا حدث؟!.. أين يكمن الخطأ؟!.. ما الذي جعل تلك الأصوات ترتفع بما تنادي به؟!.. ثم ما علينا أن نستدركه ونقوم به لنحمي الوحدة بالوحدة والديمقراطية بالديمقراطية والثورة بأهدافها ومبادئها.. ونحمي اليمن بكل ما أحرزه من مكاسب ومنجزات بالمشروع الوطني التقدمي؟!.. وندرك تماما أن الظلامية لا تواجه بظلامية أخرى بل بالنور.. وأن عدو الجديد لا يواجه بمن يعاديه او يختلف معه في المفهوم او الطريقة لأنهما قد يلتقيان او تجمعهما المصلحة في صف واحد وجبهة واحدة, ولكن يواجه بالجدية في التجديد والبناء والتحديث والتخلص من الرواسب الهدامة.. اسئلة نطرحها أمام كل من على السفينة.