حديث فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح أمام أخوانه الزعماء والقادة العرب ورؤساء الوفود المشاركة في قمة «سرت» مطلع هذا الأسبوع كان واضحاً وشفافاً في طرحه وتناوله للأسباب والعوامل التي أدت الى ذلك الانحدار الحاد في الوضع العربي والذي لم يعد يقتصر على التضامن ووحدة الصف والموقف تجاه ما تتعرض له الامة من تحديات وأخطار ، بل في انعكاسه على كل قطر عربي في أوضاعه الداخلية بدون استثناء . وان كان هناك تفاوت بهذا القدر أو ذاك بين هذا البلد وهذه الدولة أو تلك.. لتكون كلمته في مجملها عميقة المعنى والدلالة تحمل مضامينها أبعاداً يتلازم فيها الوطني بالقومي، والسياسي بالاقتصادي والأمني بالعسكري.. مبيناً مدى الترابط بين حال الأمة وما وصل إليه العمل العربي المشترك.. لقد كان الأخ الرئيس في رؤيته يجسد حقيقة ان اليمن حامل هم الأمة.. حريص على تعاضدها وتراصها وتماسكها الذي فيه تعزيز لقدرتها في التصدي لكل الشدائد والمحن لتخرج منها قوية عزيزة مهابة بين أمم وشعوب الأرض.. مستوعباً أن ماكان يمكن ان ينال منها أعداؤها لولا حالة الانقسام والتشتت التي تعيشها اليوم. ومن هنا تتضح لنا الصورة البائسة لأولئك الذين لا يستطيعون ان ينظروا الى أبعد من أرنبة أنوفهم.. متمحوراً دورانهم حول موطئ أقدامهم.. عاجزين عن كسر الدائرة التي وضعوها لأنفسهم والإنطلاق في تفكيرهم ليعوا ان الوحدة الوطنية على صعيد كل قطر عربي والإتحاد على مستوى كل شعوب الأمة هو من سيمنح العرب إمكانية التجاوز لأوضاعهم الراهنة المتسمة بأسوأ حالات الضعف والوهن والهوان ليصبحوا دولاً منفردة ومجتمعة موضوعاً لمشاريع الآخرين واطماعهم سواءً أكانوا إقليميين او دوليين، والمثال جلي في تلك الغطرسة والصلف الذي تمارسه إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني.. متصورة أنها كلما أثخنت الشعب الفلسطيني قتلاً وتنكيلاً وتشريداً وتعذيباً، ومصادرة للأرض وبناء المستوطنات تمهيداً لتدمير المقدسات الإسلامية والمسيحية لهذه الأمة كلما فرضت خياراتها على العرب.. هكذا هي تفهم أصرار العرب على مبادرتهم للسلام. من أجل هذا كله جاءت المبادرة اليمنية لتفعيل العمل العربي المشترك من خلال إحداث نقلة نوعية في منظومته من حالة الجامعة الى الوضع الاتحادي للدول العربية التي تحدث عنه فخامة الأخ الرئيس في كلمته أمام قمة «سرت»، فكان رد الفعل فورياً ومباشراً بتلك الهتافات التي دوت في أرجاء قاعة انعقاد القمة - شعب عربي واحد- معبرين أبناء الشعب الليبي الشقيق عن حقيقة مشاعر الشارع العربي من المحيط الى الخليج، وهذا واضح في التأييد الرسمي للمبادرة اليمنية داخل القمة وتأكيد هذا التأييد من قبل قيادات عدد من الدول الشقيقة. واللافت الاهم في هذه القمة هي تلك الكلمات التي أختزل بها قائد الثورة الليبية معمر القذافي رئيس القمة صمود الأخ الرئيس في مواجهة عواصف التحديات وأعاصير الأخطار التي جابهت اليمن بقيادته وانتصر عليها، ولن تستطيع النيل من مواقفه تجاه قضايا أمته وأكدتها كلمته والتي لم تفصل بين الوطني والقومي المنبثقة من رؤية استراتيجية لا يمكن لضيقي الأفق الذين انحصرت عقولهم في مشاريع تشظية الأوطان وتقسيم المقسم ومعهم أولئك المرتزقة الذين يعتاشون من التآمر على أوطانهم وشعوبهم وقضايا الأمة العربية.