إن إحياء ذكرى استشهاد أبي الأحرار هي إحياء لكل قيم الخير والعطاء والتضحية والفداء ووقفة وفاء وعرفان لمسيرة عظمائنا وما قدموه في سبيل الوطن والشعب كما أن إحياء مثل هذه المناسبات للآباء المؤسسين من المناضلين والثوار هي إحياء وتكريس وترسيخ وتجذير لمعاني وقيم الانتماء الوطني ولروح الانتماء لليمن الحر الواحد والمتحد ولمبادئ وأهداف الثورة والجمهورية الخالدة. إننا ونحن نحتفي بذكرى استشهاد أبي الأحرار نستحضر مسيرة حياته الاستثنائية وما قدمه من أجل وفي سبيل إحياء هذا الشعب وعتقه من ربقة العبودية وإخراجه إلى آفاق الحياة والحرية والتطور.. مسيرة رجل بعطاءاته الفذة وتضحياته الجليلة ومعاناته الدائمة بجلده الدؤوب، بإيمانه الواضح وبيقينه الجلي بسيرته النّقية وروحه الطاهرة بعبقريته الفذة، بشعره المزلزل لعروش الطغاة والمستبدين. إن الزبيري لم يكن مجرد ثائر وحسب لقد كان رسالة حرية باذخة العطاء وعنوان ثورة حقيقية حررت الذاكرة والوعي أولا والأرض والإنسان من عبودية العباد إلى عبادة رب العباد, إن على أجيال الحاضر والمستقبل أن تعي أن الزبيري ليس مجرد (شارع) يبدأ من خزيمة لينتهي بأطراف عاصمة وطن طالما مد له الزبيري من شرايينه دما لازالت وستظل ترتوي منه أصقاعه، مخلفا فينا كريات عز بيضاء بياض أرواح المجاهدين. نعم هو الزبيري أبو الأحرار والحرية آمن بوطنه وشعبه واهبا كل سني عمره نضالا وجهادا سجنا ومنافي تشردا وفرقة عن الأهل والأحباب دون أن يقر له قرار أو تعتريه لحظة ضعف أو وهن حتى تحققت إرادته وأثمر جهاده ونضاله بانبلاج فجر السادس والعشرين من سبتمبر وانتصار الثورة وقيام الجمهورية الخالدة مغيرا بذلك مجرى الدهر الذي لا يتغير ليتوج مسيرة النضال بما ينسجم مع مقدماتها واهبا في النهاية قلبه الدامي فداء لوطنه وشعبه ذلك القلب الأطهر الذي صار مشروع أنهر من ماء الحرية الزلال ,دون أن ينتظر عرفانا أو يبغي جاها أو يروم مصلحة فلم يكن له من هدف ولا غاية إلا إيمانه بحرية الإنسان وعتقه ليعيش في حرية وكرامه لا تحدها سلطة عبودية إلا للخالق عز وجل. إن أبا الأحرار والحرية الشهيد محمد محمود الزبيري قد انطلق ومنذ بواكير عمره من هموم ومعاناة أبناء وطنه فكان يجري الأسى في دمه لحالهم فها هو يمزق حذاءه الجديد الذي أهداه إياه أحد أقاربه مرددا بكل جوارحه الصادقة وهو الصادق دوما (كيف لي أن أمشي بحذاء جديد يلمع وسط رفقة وجيرة وسكان حمى وبالتالي شعب من الحفاة العراة), أن نرى الزبيري وقد أكلت المنافي ما أبقت السجون من عمره فهذا شيء طبيعي في تاريخ وسيرة ومسيرة رجل عظيم واستثنائي كان بيقينه بالنصر يدهش حتى قوانين الطبيعة نفسها ويربك حساباتها ويحطم قواعدها وقوانينها، فلقد حدد الاتجاه وصوب البوصلة حاملا زاده صلابة موقف ووضوح رؤية ورهان صائب ورابح وبإيمان غيبي مذهل ليعلم الأجيال والإنسانية عموما. إن الأحرار حينما يحملون أوطانا في قلوبهم وأمما وشعوبا في ضمائرهم فإنهم لا يساومون في قضاياهم وإنهم لأهدافهم محققون وإلى غاياتهم واصلون وان أرواحهم أرخص ما تكون في سبيل ذلك حين تحلق في علياء المجد؛ مجد التضحية لأجل الحُرية.. الحرية بكل معانيها. عذرا يا خالي العزيز.. عذرا يا أبا الأحرار والحُرية إن قصرت أمام هامتك وعظمتك كلماتي أو ارتعشت أناملي أو تهدج صوتي فمقام الاحتفاء بك واستحضار سيرتك العطرة تتقاصر أمامها الكلمات وتخر لها الهامات وتوجل من مهابتها القدرات.. عهدا أبا الأحرار أن نظل على خطك سائرون ولقيمك متمثلون وبأهداف ثورتنا التي صنعتها ونحتها أنت ورفاق دربك متمسكون وعن منجزاتها مدافعون ولمكتسباتها صائنون مهما ارتعب من تذكر الماضي البغيض الخائفون أو حن إليه الواهمون فقسما لن يعود لن يعود لن يعود.