font, sans-serif" مرة أخرى نقول أننا ما زلنا نعول كثيراً على عقلاء اليمن إخراج الوطن من ظرفه الراهن المشحون ببوادر الفتن والشرور والأخطار.. لإيماننا الوثيق بأن مثل هؤلاء العقلاء هم الأقدر في أوقات الشدائد على تقديم الرؤى المتوازنة والطرح المعتدل والحلول والمعالجات الناضجة والحريصة على كل ما يجنب هذا الوطن وأبناءه ويلات المحن والعواصف المدمرة. إن الوطن اليمني يمر اليوم بلحظة دقيقة وحساسة ومعقدة، حيث تداهمه أخطار الفتنة الداخلية بقوة، وفي لحظة مفصلية كهذه لا ينبغي باي حال من الأحوال أن يتوارى أصحاب العقول الراجحة والمواقف النزيهة أو يتراجع دورهم تحت ضغط القضايا الخلافية، مهما كانت صعوبة هذه القضايا وما تتسم به من الإشكاليات، فمتى ما حل العقل واضطلاع العقلاء بدورهم ومسئولياتهم تجاه وطنهم ومجتمعهم، يسهل الوصول إلى الحلول التي تضمن لهذا الوطن الأمن والاستقرار والسلام. صحيح أن الوضع ليس سهلاً، ومع ذلك يبقى من المؤكد أن الأزمة الموجعة والمؤلمة التي تثقل اليوم كاهل هذا الوطن يمكن تخطيها وتجاوزها إذا ما سارع عقلاء اليمن إلى احتوائها بالحكمة والتعقل وروح المبادرة الصادقة، فالواقع أنه لا أحد ضد مطالب المعتصمين أمام بوابة جامعة صنعاء أو غيرها من الساحات ولا أحد ضد التغيير، باعتبار أن التغيير هو سنة الحياة، ولكن المشكلة تكمن في الخلاف على الطريقة الموصلة إلى هذا التغيير، حتى يكون التغيير إلى الأفضل وليس إلى الأسوأ. وما دمنا نتفق على المبدأ فليس من الواقعية والمصلحة الوطنية أن يتركز الخلاف على الوسيلة لبلوغ ذلك المبدأ أو الهدف. وعليه فإذا كنا قد أنجزنا ما يعتبر تقدماً قياسياً باتفاقنا على مبدأ التغيير باختيارنا نهج الديمقراطية والتعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة، فإن ذلك أدعى لكي نتفق أيضاً على الوسائل والآليات الكفيلة بالتداول السلمي للسلطة بطرق سلسة وديمقراطية وفي مناخات هادئة وصحية تسمح بهذا التداول بشكل حضاري، باعتبار أن ذلك هو أحد الموانع للحيلولة دون انجرار اليمن إلى صراعات دموية وفتن غائرة تفضي بنا إلى وطن كسيح ومشلول يتندر عليه وعلينا القاصي والداني. وعلى أي حال هاهي الأوضاع في اليمن تتجه صوب منحى خطير.. ونعول على عقلاء اليمن أن لا يتأخروا في القيام بما يجب أن يقوموا به لمنع الطوفان الذي يتهدد أمن وسلامة هذا الوطن ووحدته الوطنية وسلمه الاجتماعي.. والكل منتظر لهذا الموقف على أحرَّ من الجمر.