ليس من حق أية قوى سياسية ، حزبا كانت أو أحزابا، جماعة أو أفراداً، أن تحرم أبناءنا وبناتنا من التعليم وتلقي العلم، وأن تعتدي على المنشآت التعليمية من مدارس وجامعات وتنتهك حرمات هذه الصروح العلمية. وإن من يعطل مسيرة التعليم لا يمكن بأي حال من الأحوال، أن يكون مواطنا صالحا أو صاحب قضية وطنية أو يحمل مشروعا للبناء والنهوض بالوطن والشعب. كما أن من يعتدي على المدارس والجامعات ويسعى إلى تدمير مرافقها ويعمل على إفزاع مرتاديها من الطلبة والطالبات والمدرسين والمدرسات من خلال أفعال البلطجة والممارسات الصبيانية غير المسؤولة، يستحيل أن يقنع أحدا بأنه يحمل ذرة من عقل أو يملك قدراً من الرشد السياسي والتفكير السوي أو أن للأجيال حضورا في وجدانه ومشاريعه واهتماماته. إن من المخجل والمعيب أن تدعي قوى سياسية وحزبية أو تتمظهر بدعاوى الحرص على بناء الدولة المدنية الحديثة في الوقت الذي تقوم فيه بممارسات وتصرفات تجعلها على النقيض مما تدعيه وتتمظهر به. إذ كيف لمن ينادي ببناء الدولة المدنية الحديثة أن يجعل من نفسه معول هدم لمسيرة التعليم، الذي يعد فريضة من فرائض الدين وحقا من حقوق أي إنسان، وأن يغدو عدوا لهذه الفريضة التي لا يجوز تعطيلها تحت أي مبرر أو غاية سياسية أو حزبية أو ذاتية أو دنيوية. بل أن من يلجأ إلى هذا الفعل يرتكب جناية كبرى بحق الأجيال وبحق وطنه ومجتمعه وأمته ودينه يستحق عليها العقاب كجريمة لا تسقط بالتقادم. ومما سبق نخلص إلى أن أحزاب اللقاء المشترك بمحاولاتها البائسة، التي سعت من خلالها يوم أمس إلى تعطيل بداية العام الدراسي الجديد عن طريق تحريض بعض عناصرها على مهاجمة المنشآت التعليمية من مدارس وجامعات، قد ارتكبت حماقة ما بعدها حماقة، خاصة وأنه لا يليق بأحزاب أن تضع نفسها في مثل هذا الموضع، الذي برهنت به أنها غير واعية بما تقترفه من أفعال وممارسات خاطئة وآثمة. وهل هناك جهل أفظع من أن تنبري مثل هذه الأحزاب إلى التحريض ودفع الغوغائيين إلى اقتحام الفصول الدراسية وترويع الأطفال والطلاب والطالبات وإرغامهم على ترك فصولهم تحت التهديد والوعيد. وعلى ضوء ذلك نسأل قيادات تلك الأحزاب من أعطاها الحق في منع أبنائنا وبناتنا من الذهاب إلى مدارسهم وجامعاتهم؟ ومن فوض هذه القيادات كي تجعل من نفسها وصية على هذا الجيل الذي تسعى إلى تجهيله وتسميم حياته بالأفكار المتطرفة وتوجهاتها الحزبية المتعصبة؟ وهل من شروط الديمقراطية لدى أحزاب المشترك تسييس العملية التعليمية وتحويلها إلى أداة من أدوات الابتزاز للحزب الحاكم والمجتمع؟ وهل من شروط الديمقراطية لديها أيضا أن تنتهك صروح التعليم وتتوقف المسيرة التعليمية؟ لمجرد إرضاء مجموعة من المدرسين المتحزبين تركوا واجباتهم واتجهوا إلى ساحات الاعتصامات هربا من مسؤولياتهم التي يتقاضون عليها رواتب ومزايا شهرية على حساب هذا الجيل الذي فرطوا في أمانتهم نحوه، وهي الأمانة التي سيسألهم الله عنها يوم الحساب.. يوم لا ينفعهم حزب أو تنظيم أو جاه أو منفعة. فيا هؤلاء توقفوا عن هذا التمادي في الغي ولا تحرموا أبناءنا وبناتنا من تلقي العلم، فيكفي ما أضعتموه عليهم في العام الجامعي والدراسي الماضي، واعلموا أن لا أحد سيسمح لكم باستهداف الجيل في عامه الجديد. وما لم ترعووا فإنكم ستكونون في مواجهة صريحة ومفتوحة مع الشعب.