كشفت الأحداث الأخيرة عن الأهمية البالغة التي يكتسبها أمن واستقرار اليمن على المستويين الإقليمي والدولي، والاهتمام الكبير الذي يوليه الأشقاء والأصدقاء لهذا الأمر الحيوي، الذي يمثل ضرورة ليس فقط لليمنيين بل ولكافة دول المنطقة والعالم، وذلك بحكم الموقع الاستراتيجي لهذا البلد الذي يطل على أهم الممرات المائية بالنسبة للتجارة العالمية، وتربطه أمومة الجغرافية بدول الجزيرة العربية والخليج ما يجعله يؤثر في هذا النسيج من الجوار ويتأثر به. وبالنظر إلى كل هذه العوامل فإن من الطبيعي أن يحظى أمن واستقرار اليمن بكل ذلك الاهتمام وأن يصبح موضع التزام من قبل الأشقاء والأصدقاء على حد سواء، وهو مايمكن الوقوف على دلالاته في الجهود التي اضطلع بها الإخوة في مجلس التعاون لدول الخليج العربية وفي مقدمتهم الأشقاء في المملكة العربية السعودية، وهي الجهود التي أفضت إلى التوقيع على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية في الرياض برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله عبدالعزيز آل سعود. وفي هذا الإطار يبرز أيضاً دور الأممالمتحدة ممثلة في الأمين العام بان كي مون ومبعوثه إلى اليمن جمال بن عمر، الذي لم يدخر جهداً ولا وسيلة من أجل التقريب بين الأطراف السياسية اليمنية، وهي المساعي التي تكللت ببدء الخطوات العملية في تنفيذ بنود المبادرة الخليجية وآليتها المزمّنة. والحق أن ما تحقق حتى هذه اللحظة على طريق الخروج من الأزمة الراهنة وتجاوز تداعياتها وانعكاساتها السلبية على الأوضاع السياسية والاقتصادية والتنموية والأمنية والاجتماعية، يعكس قناعة وطنية بإنجاز كل الخطوات المحددة في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وفق المواعيد الزمنية المبينة في الآلية. ومن المؤكد أن الإسراع في إعادة ترسيخ الأمن والاستقرار وإزالة كل أسباب التوتر سيسهم في طمأنة الدول الشقيقة والصديقة. والدفع بها إلى تقديم العون والمساعدات اللازمة التي تمكن حكومة الوفاق الوطني من النهوض بمهامها الاقتصادية والتنموية، والتخفيف من معاناة المواطنين وتحسين أوضاعهم المعيشية. حيث وأن جهود الحكومة لإعادة الإعمار ستظل مرهونة باستتباب الأمن والاستقرار وإنهاء كل المظاهر المؤثرة على السكينة العامة والسلم الاجتماعي. وإذا كان من المعول على الأشقاء والأصدقاء مد يد العون لليمن في هذه المرحلة الصعبة، ومساعدته حتى يتمكن من استنهاض قدراته وإعادة إعمار ما تخرب خلال أشهر الأزمة، وتلبية احتياجات أبنائه من الخدمات الأساسية والضرورية، والانتقال إلى مرحلة جديدة من البناء الوطني، فإن من المهم أن تدرك الأطراف السياسية أن الشعب اليمني ينتظر من كل منها الإيفاء بالتزاماته بدون تسويف أو تلكؤ، خاصة وأن الأممالمتحدة بل والعالم كله يراقبون تعامل كافة الأطراف المرتبطة بالأزمة ومدى تجاوبها مع الأسس الواردة في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2014 . ومن مصلحة هذه الأطراف التي أنجزت حتى الآن خطوات الانطلاق لتفكيك الأزمة، أن تعمل بجدية وبصدق ومسؤولية من أجل التنفيذ المثالي للمبادرة الخليجية وآليتها المزمَّنة، لارتباط ذلك بالأوضاع الحياتية والمعيشية للمواطنين. وما أحوجنا اليوم إلى تعزيز روح الوفاق والاتفاق والوئام والتسامح، والتمسك بهذه القيم ومعانيها الإنسانية الكريمة، فنحن في الأول والأخير أبناء شعب واحد وأسرة واحدة، ولا يمكن لأيٍّ منا أن يتنكر للآخر، وقدرنا أن نمضي معا ونعيش معا وأن نتكاتف من أجل بناء اليمن الذي يتسع لنا جميعاً ولا وطن لنا غيره.