عندما تغيب الدولة يزدهر الشر.. .. فلزمن طويل غابت الدولة، او جرى تغييبها.. وبرزت «دولة السلطة» وغابت «سلطة الدولة».. لا نستطيع اليوم ان ندعي بان الماضي قد غادرنا تماماً، فلا زال الماضي القريب يعيش بيننا، بثقيل تركاته وفساد سياساته، وليس من الحكمة ان ننسى هذا الماضي ولا نذكر اخطاءه وخطاياه، فلا زال بتداعياته يتحرك في واقعنا.. فهذه الظواهر مثل حركات الارهاب والتمرد المسلح وجرائمها، وجرائم قطع الطرق والاعتداءات المستمرة على الكهرباء وانابيب نقل النفط والغاز، والاختطافات..إلخ، كل هذه الظواهر ما هي الا من نتاج الادارة السابقة. ان وظيفة الدولة اي دولة هي بدرجة اساس تحقيق العدل والامن والاستقرار الشعب يريد لسلطة الدولة ان تسود عدلاً وامناً وسلاماً. دولة السلطة دالت ويجب ان تدول، وعلينا كشعب ان نحتشد ارادة وممارسة اسناداً او دعماًً للقيادة الوطنية الجديدة الرئيس عبدربه منصور هادي وحكومة الوفاق الوطني في تحقيق الامن والسلام الاجتماعي والاستقرار، وبذلك يسهل تحقيق تحولات اليمن الجديد. في المشهد اليمني تستوقفنا تجربتان في تحقيق الامن والسلام، احداهما تعود الى الفترة الامامية، اسلتفتت هارولدا نجرامز الذي زار مملكة يحيى عام 1941م وكان حينذاك الوكيل الاول لحكومة عدن (المستعمرة)، حيث تحدث عن «الامن والسلام الذي قامت بتأمينه وفرضه سلطة صارمة على شعب مفطور على الانقسام (...) وبالتالي التميز الواضح عن حالة الفوضى التي كانت تطبع وتسود المحمية».. اما التجربة الثانية فهي حالة الامن والاستقرار التي سادت الشطر الجنوبي طوال فترة حكم الحزب الاشتراكي حتى تحقيق الوحدة 1990م. قد يجادل البعض ان القمع كان الوسيلة لتحقيق الامن في التجربتين، فنقول مع اختلاف التجربتين قد يكون للقمع حضوره النسبي هنا أو هناك، ولا نستطيع تبرأة الماضي القريب من استخدام القمع ونشر الفوضى والفساد. ان تحقيق الأمن والاستقرار كاولوية اليوم يأتي بحضور الدولة في كل جغرافية الوطن سيادة للقانون والعدل، ويتأتي ذلك بأن تتطهر الدولة من كل ما يعيقها عن التغيير ويقاوم التغيير، ويعطل الدولة عن اداء وظائفها.. لا بد من التخلص من التراكمات الثقيلة التي ما زالت تؤثر في حاضر ومستقبل اليمن الجديد. لا للانتقام او اثارة الضغائن، ولا للابقار المقدسة، وانما مواطنة متساوية، وبالمواطنة يغادرنا الماضي ونغادره، وتحظى الدولة قوة وآمناً وسلاماً وتنمية وعدالة وديمقراطية. هذه هي ارادة العهد الجديد.