التسوية السياسية طبقاً للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة، نجاحها يتوقف على نجاح مؤتمر الحوار الوطني، وهذا الاستحقاق التاريخي ليس منوطاً فقط بالقوى الاجتماعية السياسية والاقتصادية والثقافية والفكرية ولا بجدية المتحاورين وصدق نواياهم في الوصول الى الحلول المتجاوزة لأوضاع اليمن الراهنة البائسة على كافة الصعد نتيجة تراكمات أخطاء وأحداث شهدها اليمن في كثير من المراحل والفترات القريبة والبعيدة،بل هو مرتبط ايضاً بتوفر جملةً من الظروف والعوامل الموضوعية والذاتية التي تجعل كل الاطراف على قناعة ان لاخيارات اخرى امامها إلا الحوار خصوصاً تلك التي كان لها ارتباط ومسؤولية مباشرة بالخلافات والصراعات السياسية والحروب التي أدت الى ما نحن فيه من غياب للدولة الوطنية وتدمير كل امكانية تحقيق الحد الأدنى من الأمن والاستقرار من خلال الاستهداف لمؤسسة الوطن الدفاعية والأمنية وصولاً الى الانقسام الذي عقد وعمق الأزمة وجعل حلها بالغ الصعوبة ان لم يكن في حكم المستحيل..لذا فإن توحيد القوات المسلحة والامن أولوية محورية لنجاح الحوار وبلوغ التسوية السياسية للمبادرة الخليجية غاياتها في اخراج اليمن من ازمته وبناء دولته الموحدة الديمقراطية المؤسسية الحديثة.. دولة النظام والقانون والمواطنة المتساوية0 هذه المعاني التي حملتها كلمة الأخ عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية في اجتماعه باللجنة العسكرية المكلفة بإعادة هيكلة القوات المسلحة يوم أمس الاول الثلاثاء لتكتسب اشارته في سياق حديثه عن عدم توحيد القوات المسلحة والأمن بعد قيام الوحدة اليمنية دلالات وابعاداً لاسيما اذا ما اخذنا في الاعتبار ما كان لذلك من وتأثير سلبي على الاحداث التي افرزتها الازمة السياسية والعسكرية والامنية التي شهدتها البلاد لتصل الى الحرب والمواجهة صيف 1994 وتستمر بأشكال اخرى بعدها لتتضح الصورة، فخضم الاحداث التي شهدها الوطن في 2011 والذي فيه انقسمت القوات المسلحة والامن الى طرفي صراع وانقسام، وهو وضع غير سوي ينبغي ان ينتهي باستعادة وحدة هذه المؤسسة الوطنية التي ينصهر في بوتقتها كل ابناء اليمن، واعادة هيكلتها على اسس علمية حديثة مواكبة لمتطلبات مهامها وواجباتها الدفاعية والأمنية لتكون تجسيداً لوحدتهم الذائدة عن حياض وطنهم وسيادته وأمنه واستقراره وتأمين مسارات نهوض اليمن من كبوته.. والتوجه بثقة ورؤية نحو بنائه على أسس جديدة تلبي طموحات وتطلعات التغيير لشعبنا وفي طليعته الشباب من جيل الحاضر والاجيال القادمة. في هذا المنحى ينبغي التأكيد على حقيقة ان مصلحة كل الاطراف التى لها علاقة بأحداث الأزمة تكمن في وحدة القوات المسلحة والأمن لأن في ذلك مصلحة اليمن الوطن والشعب وهم جزء منه، وان الأوان ليعوا أن المصالح الفردية والشخصية والحزبية والقبلية والمناطقية والطائفية والمذهبية المتخلفة هي التي أوصلتنا الى حافة الكارثة وكان يفترض ان نتعلم من أخطاء الماضي ونتعظ ونستوعب مما مر بنا لنأخذ من متاعبه ومشاكله العبرة والدرس.. لا أن نضع العوائق والعراقيل امام جهود توحيد القوات المسلحة والامن.. والحوار الوطني الذي سيخرجنا الى بر الأمان وسيوصلنا الى اليمن الجديد المتطور المتقدم المزدهر إلى الواعد والمنشود وفي هذا مصلحتنا جميعاً.