أثبت اليمنيون من خلال التوقيع على وثيقة الحل العادل للقضية الجنوبية من كافة مكونات مؤتمر الحوار الوطني قدرتهم على المواكبة لمتطلبات الألفية الثالثة.. حيث جسدوا بجلاء روح المسؤولية الوطنية تجاه اليمن ووحدته وأمنه واستقراره في هذه المرحلة الصعبة والدقيقة.. مدركين أن الخروج منها وتجاوزها إلى بناء اليمن الجديد لا يمكن أن يكون إلاَّ بتغليب التلاقي والتوافق على ما سواهما من خيارات الشتات والتمزق.. وبإستكمال التوقيع على حلَّ القضية المحورية- حلول وضمانات القضية الجنوبية- أرسى اليمنيون المحددات الرئيسية لمسار نجاحهم..مؤكدين الانتصار لقضايا وطنهم وشعبهم عبر الحوار الواعي والعميق.. والمضي قدماً نحو البناء الذي نستطيع اليوم أن نقول أنه قد وصل إلى نهايته وحقق غايته بإبحار سفينة الوطن في خضم عواصف الأزمات عابرة خلافات وصراعات الماضي لترسو على شواطئ المستقبل الآمن المستقر المزدهر.. وفي هذا السياق لابد من التأكيد على أهمية قيادة الأخ المناضل عبدربه منصور هادي لهذه الفترة الحرجة التي أدارها بصبر وحكمة مكنت أبناء اليمن من مواجهة تحدياتها وأخطارها وإنجاز متطلباتها واستحقاقاتها بوعيٍ يستوعب حقيقة أن مصلحة الأشخاص والأحزاب وكل القوى السياسية والاجتماعية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بمصلحة اليمن (الوطن والشعب).. لكن هذا لا يمنع أن تبرز من قبل البعض مخاوف وشكوك ناجمة عن سوء فهم بكل تأكيد تبديدها احتاج إلى بذل جهود كبيرة لاسيما وأن الموضوع يتعلق بقضية تتوقف عليها وحدة وطن وهوية ومصير شعب حضاري عريق وهو ما قام به الأخ رئيس الجمهورية- رئيس مؤتمر الحوار الوطني مطمئناً الجميع أنه لن يكون هناك تعارض بين مخرجات مؤتمر الحوار والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة، وأن التوافق والتوقيع على وثيقة حلول وضمانات القضية الجنوبية لن يؤسس بأي حال من الأحوال لأية كيانات شطرية أو طائفية تهدد وحدة تراب اليمن وأمنه واستقراره وغد أجياله, وسينص على ذلك العقد الاجتماعي التي تشكل مخرجات الحوار محددات له.. ومن الدستور تكتسب الدولة اليمنية الإتحادية القادمة شخصيتها القانونية والاعتبارية الدولية المانعة لأية تجزئة أو تقسيم لليمن, بل تتجسد فيها الشراكة الحقيقية المبنية على العدالة الاجتماعية والمواطنة المتساوية, وهو ما سيفتح آفاقاً رحبة أمامنا جميعاً للتنمية والبناء والتطور والتقدم والرقي.. إن المهمة الرئيسية بعد هذا التوافق الوصول بالحوار إلى النهاية المرجوة.. التي انتظرها اليمنيون طيلة تسعة أشهر سادتها نقاشات عميقة ومسؤولة وتجاذبات وتباينات وتوافقات في الرؤى والتصورات أكد فيها المتحاورون جديتهم الحريصة على الخروج بأفضل الحلول لقضايا ومشاكل وطنهم.. وقد أخذت القضية الجنوبية الحيز الأكبر من هذه السجالات والبحث والتقصي والدراسة والحوارات ليخلصوا في ختام المطاف إلى مخرجات تؤسس لواقع سياسي واقتصادي ينهض من خلاله اليمن واليمنيون من كل كبواتهم وعثراتهم وليصنعوا حياتهم الجديدة الخالية من الأحقاد والضغائن المبنية على المحبة والتسامح والوئام الذي به نودع الماضي بكل مساوئه وأخطائه التي يجب أن يكون لنا فيها العبرة والدرس حتى لا نكررها في الآتي, عندها فقط نستطيع أن نتفاخر بأننا شعب الحكمة والحضارة والتاريخ التليد.!!