نجح اليمانيون في مؤتمر حوارهم الوطني رغم الصعوبات والتحديات.. رغم المعضلات والعراقيل والإعاقات الموضوعية والذاتية.. مسقطين كل رهانات الفشل.. مستوعبين أن لا خيار أمامهم إلاَّ النجاح وإيصال سفينة اليمن بقيادة الأخ المناضل عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية– رئيس مؤتمر الحوار الوطني إلى بر الآمان الذي تحمل مسؤولية قيادة الوطن في فترة استثنائية ولحظة فارقة كان فيها الوطن على حافة السقوط في مهاوي كارثة الصراعات والاحتراب الداخلي والخراب والدمار والفرقة والتشظي, نذر مآسيها وويلاتها كانت شاخصة في تلك المواجهات التي جسدت انقساماً حاداً طال بنية الجيش والأمن والمجتمع بحيث لم يبق للتفاهم إلاَّ قرقعة السلاح وصليل جنازير الدبابات ودوي المدافع وأزيز الرصاص لتنتشر المتاريس مقسمة العاصمة والمدن الرئيسية بين معسكرين، لتصل أوضاع وظروف الوطن والمواطن الأمنية والاقتصادية والمعيشية والخدمية إلى مستويات لا تطاق, فتنسد الأفاق ولم يكن أمام الجميع إلاَّ الذهاب إلى المجهول أو تغليب منطق العقل على منطق سفك الدماء والفوضى والعمل من كل الخيرين في هذا الوطن على إيجاد مسار ينقذ اليمن الوطن والشعب.. وكان دعم الأشقاء والأصدقاء لهذا التوجه.. وكانت التسوية السياسية للمبادرة الخليجية التي شكلت خارطة الطريق للخروج من النفق المظلم ليكن التوافق والحوار, ويقبل الرئيس هادي من موقع استشعار المسؤولية والحرص على اليمن ووحدته وأمنه واستقراره التصدي لهذه المهمة بقبوله الإمساك بدفة قيادة سفينة اليمن التي تتقاذفها عواصف أخطار قادمة من الماضي القريب والبعيد راكمت أخطاؤها أزمات. وها هو بشجاعته وحكمته وصبره ورباطة جأشه يرسو بها على شواطئ مستقبل اليمن الجديد الآمن المستقر المزدهر. إن نجاح الحوار إنجاز عظيم حققه اليمنيون، أهميته التاريخية مستمدة من إغلاق كل صفحات الماضي والعمل بصدق وجد وإخلاص لتحويل مخرجاته إلى واقع يتجسد في تفرغ اليمنيين بكافة فئاتهم وأطيافهم وقواهم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية لبناء دولة اليمن الاتحادية التي توافقوا عليها القوية القادرة العادلة إنطلاقاً من إيمان وقناعة راسخة أن مصلحتنا جميعاً في هذا الوطن في قيامها, ويتوجب فهم واستيعاب أن بناء اليمن الجديد ليس مزحة.. وأن نظام الأقاليم الاتحادي الفدرالي يعني التنافس والتكامل التطوري المؤدي إلى شراكة حقيقية يضع منظومتها دستورٍ إتحادي، الجميع فيه يخضعون لسيادة القانون الذي لا مجال فيه إلاَّ للأصلح والأفضل والأكثر عطاءً وإبداعاً ونزاهة, فيه تكون مساحة التباري الإيجابي الخلاق الذي حصاد ثماره تصب في مصلحة الوطن والمواطن وغد الأجيال القادمة, ومن هنا فإن دولة اليمن الاتحادية تبنيها عقلية جديدة منغلقة على مآسي ومساوي, منفتحة على الآتي المشرق الوضاء, فلا يمكن بناؤها بوسائل وأساليب العقل والتفكير ألإقصائي المتخلف الفاسد القديم القائم على المركزية المهيمنة المستحوذة المستبدة. وفي هذا السياق لا معنى لما يقال ويطرح تحت سقف الخشية والخوف على الوحدة من كلام أن الدولة الاتحادية ستؤدي إلى تقسيم اليمن, في حين أنهم هم من كادوا يدمرون اليمن وهويته ووحدة أبنائه الوطنية بممارساتهم وسلوكهم التدميري, غير مستوعبين أنهم أكثر من لهم مصلحة في تشييد الدولة الاتحادية لأنها ستتجاوز مساوئهم وسلبياتهم. وتفتح أمامهم آفاقاً ليتغيروا ويسهموا بعملية التغيير والتحولات التي تطلع ويتطلع إليها شعبنا في أن يكون جميعهم مواطنين متساوين أمام القانون في الحقوق والواجبات وينعمون بالحرية والعدالة والحكم الرشيد. , وهذا لا تحققه إلاَّ الدولة الاتحادية التي هي خلاصة نقاشات ومداولات وتوافقات واتفاقات حوارهم الوطني.