احاطني الزملاء في هذه المطبوعة الغراء التي تحمل اسماً عزيزاً إلى قلوب اليمنيين والتي كان يطلق عليها شيخ الصحفيين اليمنيين الراحل صالح الدحان تسمية (ست الكل).. احاطوني بقلادة تكريم عندما وجهوا الدعوة لاستضافتي مجدداً للكتابة فيها إلى جانب كوكبة من الأقلام الرشيقة التي أثرت الحياة الفكرية والصحافية بزاد من المعرفة وبخاصة في تلك المرحلة التي كانت فيها الصحافة تمثل احد الروافد الأساسية للمعرفة . اسجل بعض هذه الانطباعات العابرة بمناسبة دخولها عاماً جديداً وهي تحمل هذا الاسم السبتمبري الساطع في حياة اليمنيين، حيث كانت هذه المطبوعة- ولا تزال- تنافح عن قيم الثورة وتمثل رافداً مهماً في رصد التحولات المتلاحقة في المجتمع. وبالطبع ، ليس جديداً القول بأن هذه المؤسسة الإعلامية قد اسهمت وغيرها في إدارة حوارات وطنية معمّقة تجاه رسم ملامح قيام الدولة الوطنية الواحدة والضامنة إمكانية القدرة على المساهمة في التخلص من رواسب الماضي والتفكير بشكل مغاير تجاه المستقبل. وللتاريخ فلا تزال الذاكرة تمتلئ بصور من جوانب تلك السجالات الوطنية، لعل في طليعتها.. أن هذه المطبوعة كانت ساحة لتفاعل الآراء والأفكار سواءً جاءت من عباءة السلطة أو من جيوب المعارضة قبل إعادة وحدة الوطن، حيث لم يكن ثمة منابر إعلامية للتيارات الدينية والقومية والاشتراكية والليبرالية. اما وقد عاشت هذه المطبوعة (شبه الرسمية) ظرف التحول الديمقراطي وشيوع مناخات التعددية فقد كان لزاماً عليها مجاراة هذا المتغير الذي لا استطيع القول بأنها قد خاضته بكامل اسلحتها، إذ لا تزال لديها ذخيرة تتكئ عليها من خلال تراكم خبراتها وتراثها الإعلامي الصحافي كمدرسة متميزة في بلاط صاحبة الجلالة.. وكذلك من خلال الدور الذي تضطلع به في إطار المساهمة لإعادة بناء منظومة المؤسسة العسكرية والأمنية والتي هي احوج ما تكون اليوم إلى الآراء البناءة والأفكار القيمة والطروحات الموضوعية، خاصة وهي في مرحلة استثنائية تتعرض فيها هذه المؤسسة إلى محاولات مستميته لهدمها. ولا أظن إلاّ ان تكون ( ست الكل ) في مقدمة حاملي راية إعادة البناء للدولة اليمنية الحديثة بما في ذلك بناء المؤسسة العسكرية على حد سواءً .. ذلك هو ديداَ ( ست الكل ) منذ أن عرفناها .