ما يمر به اليمن اليوم من ظلم كبير وقتل عظيم لم يستثن منه أحد - أطفالاً ونساءً ورجالاً - بدون ذنب اقترفوه أو جريمة ارتكبوها سوى انهم آمنوا بالله العزيز وحده ورفضوا الخضوع والذل لمن جعلوا من أنفسهم آلهة من دون الله، يذكرنا بما حصل في التاريخ الإسلامي القريب العهد من رسول الله (صلى الله عليه وآله) وما يحصل في اليمن من قتل كبير للمؤمنين على أيدي عملاء الصهاينة والأمريكان الذين يدعون الإسلام وفي شهر محرم الحرام الذي حرم الله فيه القتال، فشهر المحرم يذكرنا بذكرى أليمة وواقعة لم يشهد لها التاريخ مثيلاً ولا تقل بشاعة عن جريمة كربلاء في العاشر من محرم عام 61ه، إنها جريمة استهداف وقتل وذبح وتنكيل وصلب لأطهر إنسان في ذلك التاريخ من العام 122هجرية سواء من حيث المكانة العلمية أو الجهادية أو السلالية الطاهرة، فهو حفيد الإمام الحسين (عليه السلام) وربيب القرآن وحامل لواء الإسلام الذي عاش مع القرآن أعواماً كثيرة حتى لقب بحليف القرآن. ذلك هو الإمام الشهيد زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الذي جعل القرآن منهجه وحياته وسيرته، فقاوم الظلم والطغيان الأموي المتسلط على رقاب العباد آنذاك والذي وصل بهم الأمر إلى قطع لسان الكميت شاعر أهل بيت رسول الله وهدم داره والتضييق الشديد على بني هاشم خاصة المؤمنين منهم الملتزمين بكتاب الله وسنة رسوله محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وحصارهم لبني هاشم المتواجدين في المدينةالمنورة مدينة جدهم محمد بن عبدالله النبي الأكرم. فجعل من الإمام زيد شعلة تتوقد وحركة لا تعرف السكون رغم منزلته العلمية الرفيعة بين علماء الأمة إلا أنه لم يجد له عذراً شرعياً للبقاء في منزله والسكوت على الظلم والفساد والطغيان فقام مجاهراً بالحق صادعاً به رافضاً للظلم والطغيان معلناً الجهاد في سبيل الله كما أعلنه قبل ذلك جده النبي وجده علي وجده الحسين عليهم صلوات الله وسلامه، غير مكترث بقوة الطغاة وسطوتهم وجبروتهم فأحيا في نفوس الأمة هذا الباب الكبير الذي أغلقه بنو أمية بقتل الإمام الحسين (عليه السلام) وهو الجهاد في سبيل الله والسعي لتحقيق إحدى الحسنين إما النصر أو الشهادة في سبيل الله مكرراً مقالاته المشهورة «من أحب الحياة عاش ذليلا. ، ووددت لو أن يدي ملصقة بالثريا وأقع حيث أقع واتقطع قطعة قطعة على أن يصلح الله بي أمة محمد(ص)، وما كره قوم الجهاد إلا ذلوا» فكان كلامه يطابق أفعاله لله وفي سبيل الله ومن أجل الله، فنال الشهادة في سبيله. لذلك كان التنكيل بجثته شديداً من قبل الأعداء فقد تم نبش قبره واستخراج جثته وفصل رأسه الشريف عن جسده والتعزير به على معظم البلدان الإسلامية وصلب جثته أربع سنوات في الكناسة بالكوفة لأنه أصبح رمزاً للأمة وقائداً لها للجهاد في سبيل الله. لذلك كانت الزيدية المعروفة في اليمن وفي كثير من البلدان هي التي نهجت نهجه والتزمت تعاليمه بإعلان الجهاد في سبيل الله والالتزام بكتاب الله قولاً وعملاً، وها هي اليوم هذه الفئة العظيمة في اليمن تمشي على خطاه وتحيي ذكراه ليس بالصراخ والعويل والويل والثبور وإنما بالجهاد في سبيل الله وإعلان الولاء لله ولرسوله وللمؤمنين، فهاهم يسطرون أقوى الدروس في الصبر والثبات والجهاد في سبيل الله ورفض الرضوخ للباطل والظلم والطغيان فهو امتداد لحركة الإسلام التي أسسها محمد بن عبدالله «ص» وما النصر إلا من عند الله القوي العزيز.