الأمل يلوح في الأفق: روسيا تؤكد استمرار جهودها لدفع عملية السلام في اليمن    الوية العمالقة تصدر تحذيرا هاما    «كاك بنك» فرع شبوة يكرم شركتي العماري وابو سند وأولاده لشراكتهما المتميزة في صرف حوالات كاك حواله    صراعٌ جديدٌ يُهدد عدن: "الانتقالي" يُهاجم حكومة بن مبارك ويُطالب ب "محاسبة المتورطين" في "الفشل الذريع"    "صيف ساخن بلا كهرباء: حريق في محول كريتر يُغرق المنطقة في الظلام!"    "بعد وفاته... كاتبة صحفية تكشف تفاصيل تعرضها للأذى من قبل الشيخ الزنداني ومرافقيه!"    قيادة البعث القومي تعزي الإصلاح في رحيل الشيخ الزنداني وتشيد بأدواره المشهودة    الشعيبي: حضرموت تستعد للاحتفال بالذكرى الثامنة لتحرير ساحلها من الإرهاب    دوري ابطال آسيا: العين الاماراتي الى نهائي البطولة    دموع طفل تعز تسقي شجرة الموت الحوثي... هل من ينقذه؟!    تشييع مهيب للشيخ الزنداني شارك فيه الرئيس أردوغان وقيادات في الإصلاح    «كاك بنك» يكرم شركة المفلحي للصرافة تقديراً لشراكتها المتميزة في صرف الحوالات الصادرة عبر منتج كاك حوالة    كلية القيادة والأركان بالعاصمة عدن تمنح العقيد أديب العلوي درجة الماجستير في العلوم العسكرية    نزوح اكثر من 50 الف اثيوبي بسبب المعارك في شمال البلاد    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    بن دغر يوجه رسالة لقادة حزب الإصلاح بعد وفاة الشيخ عبدالمجيد الزنداني    إعلان موعد نهائي كأس إنجلترا بين مانشستر يونايتد وسيتي    مفسر أحلام يتوقع نتيجة مباراة الهلال السعودي والعين الإماراتي ويوجه نصيحة لمرضى القلب والسكر    مركز الملك سلمان يدشن توزيع المساعدات الإيوائية للمتضررين من السيول في الجوف    كان يدرسهم قبل 40 سنة.. وفاء نادر من معلم مصري لطلابه اليمنيين حينما عرف أنهم يتواجدون في مصر (صور)    رئيس مجلس القيادة يجدد الالتزام بخيار السلام وفقا للمرجعيات وخصوصا القرار 2216    الاعاصير والفيضانات والحد من اضرارها!!    إنزاجي يتفوق على مورينيو.. وينهي لعنة "سيد البطولات القصيرة"    "ريال مدريد سرق الفوز من برشلونة".. بيكيه يهاجم حكام الكلاسيكو    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و183    لابورتا بعد بيان ناري: في هذه الحالة سنطلب إعادة الكلاسيكو    انقطاع الشريان الوحيد المؤدي إلى مدينة تعز بسبب السيول وتضرر عدد من السيارات (صور)    السعودية تضع اشتراطات صارمة للسماح بدخول الحجاج إلى أراضيها هذا العام    مكان وموعد تشييع جثمان الشيخ عبدالمجيد الزنداني    قيادي حوثي يقتحم قاعة الأختبارات بإحدى الكليات بجامعة ذمار ويطرد الطلاب    التضامن يقترب من حسم بطاقة الصعود الثانية بفوز كبير على سمعون    مؤسسة دغسان تحمل أربع جهات حكومية بينها الأمن والمخابرات مسؤلية إدخال المبيدات السامة (وثائق)    ميلشيا الحوثي تشن حملة اعتقالات غير معلنة بصنعاء ومصادر تكشف السبب الصادم!    برئاسة القاضية سوسن الحوثي .. محاكمة صورية بصنعاء لقضية المبيدات السامة المتورط فيها اكثر من 25 متهم    دعاء مستجاب لكل شيء    - عاجل محكمة الاموال العامة برئاسة القاضية سوسن الحوثي تحاكم دغسان وعدد من التجار اليوم الثلاثاء بعد نشر الاوراق الاسبوع الماضي لاستدعاء المحكمة لهم عام2014ا وتجميدها    ديزل النجاة يُعيد عدن إلى الحياة    الزنداني كقائد جمهوري وفارس جماهيري    عودة الزحام لمنفذ الوديعة.. أزمة تتكرر مع كل موسم    رئيس مجلس النواب: الفقيد الزنداني شارك في العديد من المحطات السياسية منذ شبابه    من هو الشيخ عبدالمجيد الزنداني.. سيرة ذاتية    مستشار الرئيس الزبيدي: مصفاة نفط خاصة في شبوة مطلبا عادلًا وحقا مشروعا    ارتفاع الوفيات الناجمة عن السيول في حضرموت والمهرة    تراجع هجمات الحوثيين بالبحر الأحمر.. "كمل امكذب"!!    مع الوثائق عملا بحق الرد    لماذا يشجع معظم اليمنيين فريق (البرشا)؟    الزنداني يكذب على العالم باكتشاف علاج للإيدز ويرفض نشر معلوماته    الدعاء موقوف بين السماء والأرض حتى تفعل هذا الأمر    الحكومة تطالب بإدانة دولية لجريمة إغراق الحوثيين مناطق سيطرتهم بالمبيدات القاتلة    المواصفات والمقاييس تختتم برنامج التدريب على كفاءة الطاقة بالتعاون مع هيئة التقييس الخليجي    لحظة يازمن    بعد الهجمة الواسعة.. مسؤول سابق يعلق على عودة الفنان حسين محب إلى صنعاء    المساح واستيقاف الزمن    - عاجل فنان اليمن الكبير ايواب طارش يدخل غرفة العمليات اقرا السبب    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    الممثل صلاح الوافي : أزمة اليمن أثرت إيجابًا على الدراما (حوار)    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نص كلمة السيد في ذكرى استشهاد الإمام الأعظم زيد ابن علي عليهما السلام
نشر في يمنات يوم 11 - 12 - 2012

الحمد لله رب العالمين القائل في كتابه المبين "وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ" وصلوات الله وسلامه على عبده ورسوله وخاتم أنبيائه، البشير النذير والسراج المنير محمد بن عبد الله وعلى آله الطاهرين، ورضي الله عن صحبه المنتجبين.
أيها الإخوة الأعزاء .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وعظم لنا ولكم الأجر وأحسن لنا ولكم العزاء في هذه الذكرى والفاجعة الكبرى (ذكرى استشهاد الإمام الشهيد زيد ابن علي ابن الحسين ابن علي ابن أبي طالب سلام الله عليهم) في شهر محرم الحرام والذي كانت فيه الفاجعة والكارثة والمصيبة الكبيرة، التي هي ذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام كان فيه أيضاَ هذه الذكرى، ذكرى استشهاد حفيده زيد بن علي عليه السلام.
ونحن أيها الإخوة الأعزاء.. عندما نستذكر هذه الذكريات المريرة، والمؤلمة، والمحزنة، والمؤسفة، والموجعة في تاريخنا، لا نستذكرها فقط لنتسربل الأحزان، ولنعيش المأساة، ولنعيش الحزن من جديد فقط، إنما نعود إليها باعتبارها مدرسة كبرى، نأخذ منها الدروس والعبر التي نحن في أمس الحاجة إليها في عصرنا هذا، في ثوراتنا الكبرى، وفي مواجهة كل التحديات والأخطار التي تعيشها أمتنا، لقد كانت ثورة الإمام الشهيد زيد ابن علي عليه السلام امتداداً لثورة جده الحسين عليه السلام، وامتدادًا لحمل المشروع الرسالي، الإلهي الذي بلَّغه خاتم الأنبياء محمد صلوات الله عليه وعلى آله، وهكذا واصل الإمام زيد عليه السلام ذلك المشروع بروحه ومبادئه، ومواقفه، وأخلاقه، وحمل لواءه في الأمة منادياً ليبقى للحق صوته، وليبقى للحق امتداده، وليبقى للعدل حَمَلَتُه، وليبقى للنور الإلهي من يعملون على نشره في الأمة، وليبقى طريق ونهج الإصلاح لواقع الأمة والتصحيح لمسارها قائماً وممتداً عبر الأجيال، لا يوقفه زمن، ولا تقف بوجهه وتوءده تحدياتٌ أو أخطار، لأنه له حملةً عظماء، حملوا روحيته، حملوا مبادئه حملوه نوراً في قلوبهم، وحملوه إيماناً راسخاً في قلوبهم، وحملوا لواءه ورايته بكل ما هناك من تحديات وأخطار ونكبات كبيرة ومصائب مؤلمة وجارحة بثباته، بصلابته، بوهجه، وقوته، كانوا يتحركون من عصرٍ على عصر، من جيلٍ إلى جيل، من زمن إلى زمن، في مواجهة ألف يزيد.. وألف يزيد، وألف هشام .. وألف هشام.
من مدرستهم تلك أيها الإخوة الأعزاء ونحن في هذا العصر الذي عم فيه الطغيان على أمتنا، وشملها بلاء الطغاة، وظلمهم، وإجرامهم، وفسادهم، العصر الذي تعيش فيه أمتنا أكبر التحديات وأكبر الأخطار والأمم الأخرى تتكالب عليها مستهدفةً لها في دينها ومبادئها، ومستهدفةً لها في أرضها، وعرضها، وعزها، وشرفها وكل مقوماتها ومقومات وجودها.
نعود إلى تلك المدرسة إلى مدرس زيد تلميذ جده الحسين، إلى مدرسة عاشوراء، إلى المدرسة المحمدية الكبرى التي أنجبت أولئك العظماء، الذين حملوا راية الحق والعدل، وضحوا بأنفسهم وبالغالي والنفيس من أجل إنقاذ الأمة، من اجل إصلاح واقعها، من أجل استنقاذها من هيمنة الطغاة والمجرمين والمستبدين، نعود إلى تلك المدرسة في ثورتنا الشعبية السلمية في الوطن العربي في مواجهة الأخطار المتمثلة بالهجمة الأمريكية والإسرائيلية والخطر الأمريكي والإسرائيلي على شعبنا وعلى أمتنا، على دينا وعلى دنيانا، على مبادئنا وعلى أخلاقنا، على أمننا وعلى سلمنا، نعود إلى تلك المدرسة لنكسب من مجدها وعزها، لنتعلم كتلامذة في تلك المدرسة الكبرى لدى أولئك الأساتذة العظماء الأجلاء، نتعلم منهم العز، والثبات، واليقين، والبصيرة، والوعي، والإخلاص، نتعلم منهم الثبات في مواجهة التحديات، نتعلم منهم التضحية من أجل المبادئ العظيمة والسامة، نتعلم منهم كيف نستمر في حمل راية الحق والعدل لا نبالي لا بطغيان طغاة ولا بجبروت ظالمين ومستبدين، نتعلم منهم كيف نثبت على المبادئ حتى لو ارتد وتراجع عنها الكثير من الناس، كيف نحمل في قلوبنا ومشاعرنا عزة الإسلام، وكرامة الإسلام، والمبادئ الإلهية العظيمة التي بها شرف أمتنا وتمثل الأصالة الحقيقية للإنتماء الصادق إلى الإسلام العظيم وإلى قرآنه ونبيه، نعود إلى الإمام زيد عليه السلام من عصرنا ومن واقعنا من ظروفنا، ونحن نعيش كل التحديات ونرى كل المساوئ، كل الظلم، كل الطغيان، نعود إلى الإمام زيد عليه السلام الذي تحرك رغم سكوت الآخرين شق حالة الصمت، وحالة الجمود، وحالة الإذعان والاستسلام وتحرك في وسط جمهور الأمة ليستنهض الأمة من جديد مذكراً لها بكتاب الله سبحانه وتعالى وبالمبادئ العظيمة، يتحرك في تغيير ذلك الواقع الذي ملأه الظالمون بظلمهم والمفسدون بفسادهم وأفسدوا فيه واقع الأمة على كل المسارات وفي كل الإتجاهات وفي كل المجالات، تحرك الإمام زيد عليه السلام يحمل مشروع التغيير ويقف في وجه السلطان الجائر صادعاً بكلمة الحق، يحمل عزيمة الإيمان، وصلابة الإيمان، وثبات الإيمان، وبدأ يتحرك على كل المسارات ذهب إلى العاصمة الأموية إلى هشام مذكراً، ودخل إليه مذكراً له كما دخل موسى على فرعون مذكرا وموعظاً وساعياً للتغيير، وقال لهشام : (يا هشام اتق الله). اتق الله. مذكراً له فيما هو عليه من ظلم، وفساد، وطغيان، وإجرام، فكان أن قابل هذا النصح، وهذا التذكير، وهذا المسعى للتغيير، كان أن قابله بطغيان وبإجرام، النفسية والعقلية التي يحملها كل الطغاة في كل عصر وفي كل زمن فلا يستجيبون لنصح، ولا يتقبلون تذكيراً، ولا يتفاهمون مع أي مسعى لتصحيح سياساتهم وتوجهاتهم وتغيير ما يعملونه من سلوكيات ومظالم وجرائم بحق الأمة، بالعقلية التي حملها كل طاغيةٍ وكل مجرم، عقلية الإستكبار، النفسية المغرورة المتكبرة التي لا تبالي بالأمة ولا تعطي قدراً للإنسان ولا اعتباراً للناس قال له : أومثلك يوصني بتقوى الله.! قال له الإمام زيد عليه السلام : (ليس أحدٌ من عباد الله دون أن يوصي بتقوى الله ولا فوق أن يوصى بتقوى الله). تقوى الله هي أمر الله ووصيته لكل عباده، ليس هناك أحد في مرتبة لا تنتقد جرائمه ولا ينصح ولا يوجه ولا يذكر بتقوى الله سبحانه وتعالى، حتى النبيئين الله أوصى نبيه وأمره بالتقوى وقال له "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ" لكنها نفسية الطغاة، توجهاتهم، حالة الاستكبار والغرور والطغيان التي يتعاملون بها مع الأمة وينظرون بها إلى الواقع من حولهم، فلا ينفع فيهم النصح، ولا يجدي فيهم التذكير فحينها يتجه الناس إلى الوسيلة النافعة المفيدة، فيما إذا كان لم ينفع فيهم نصح، لم يجدي فيهم تذكير لم يرعوا عن طغيانهم ولا عن إجرامهم، يبقى هناك التحرك الصحيح تحرك الأمة بجد بثورة حقيقية لفرض حالة التغيير فرضاً، ومواجهة الظلم والطغيان، والعمل على إزالته ولو كان الثمن هو التضحيات فذلك أمرٌ عظيمٌ يستحق التضحية.
الإمام زيد عليه السلام في ذلك الواقع المتردي وهو يُقَيِّم واقع الأمة في ظل حكومةٍ، جائرةٍ، ظالمةٍ، مستبدةٍ، تقيم أمرها على الطغيان، ولا تقيمه لا على أساس من العدل، ولا على أساس من الحق، ولا على أساسٍ من الخير، وليس لديها مشروع لبناء الأمة، ولا لإصلاح واقع الأمة، ولا لإقامة الدين، ولا لصلاح الدنيا، الإمام زيد عليه السلام في ذلك الواقع المتردي الذي ضاع فيه لدى تلك الحكومة الجائرة الظالمة الدولة الأموية المستبدة التي لم يبقى لديها أي قيم ولا أخلاق ولا انتماء حقيقي للإسلام، حتى الإسلام حتى رموزه، حتى مقدساته، لم يبقى لديها أي قيمة لدى تلك الحكومة الجائرة، دخل الإمام زيد عليه السلام إلى مجلس هشام فإذا في ذلك المجلس يهويٌ يجالس هشام الوالي الأموي، والحاكم الأموي فإذا بذلك اليهودي يسب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، في محضر هشام الذي يلقب نفسه أمير المؤمنين ويعتبر نفسه حاكماً على الأمة الإسلامية، ذلك اليهودي يسب رسول الله ويستحقر رسول الله ويسيء إلى رسول الله في ظل حالة من المجاملة، وحالة من التملق والإحترام يبديها هشام لذلك اليهودي دون أي مبالاة بإساءته إلى الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فتحرك الإمام زيد وانتهر ذلك اليهودي وقال لذلك اليهودي كلمته المشهورة : (يا كافر أما والله لأن تمكنت منك لأختطفن روحك) فإذا بهشام يتوجه إلى الإمام زيد عليه السلام وقد غضب غضباً شديداً وهو يقول للإمام زيد عليه السلام : مهٍ يا زيد لا تؤذ جليسنا .. لا تؤذي جليسنا. هذا الواقع الذي نراه اليوم في الحكومات الجائرة المعاصرة، التي لم يعد عندها لا اهتمام بالأمة، ولا اعتبار ولا تقديس لمقدسات الأمة، كيف كان الموقف من الإساءة إلى نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، هل تحركت الحكومات العربية التي تحسب نفسها على الإسلام وقد أسيء إلى أقدس مقدسات الإسلام وهو الرسول والقرآن، هل نرى هذه الحكومات تحركت بموقفٍ صحيح يليق بانتمائها للإسلام وإلى مقدساته لتوقف تلك الإساءات أو لتعمل على وقف تلك الإساءات المتكررة.؟ أم أن تلك الحكومات الجائرة اتجهت إلى شعوبها لتكمم الأفواه، اتجهت إلى شعوبها لتفرض حالة الصمت، اتجهت شعوبها لإلهاء الشعوب عن هذا الأمر المهم الذي يطال مقدس من أقدس مقدساتها، الحالة نفسها واحدة، مدرسة الطغيان واحدة، وخريجوها على شاكلةٍ واحدة في كل عصر وفي كل زمن، مواقفهم متشابهة، ممارستهم متشابهة مواقفهم متشابهة، ولهذا يقول الله سبحانه وتعالى " أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ". بل هم قومٌ طاغون، والطغيان إنتاجه نتاجٌ واحد متشابه في الممارسة والسلوك والمواقف والأعمال، تحرك الإمام زيد عليه السلام في ذلك الواقع المتردي السيئ الذي عم فيه الظلم الأمة بكلها، والذي تعاني فيه الأمة من انحطاط في قيمها، وأخلاقها، ومبادئها، وخطورة كبيرة جداً على انتمائها السليم والأصيل للإسلام، تحرك يحمل مشروع الإسلام الذي هو قائمٌ على أساس إقامة العدل والحق في الحياة، تحرك يحمل لواء العدل منادياً في الأمة غير آبه بخذلان المتخاذلين، ولا بصمت الصامتين، ولا بخنوع الخانعين والجامدين، وتحرك من واقع المسؤولية وهو يحمل في قلبه الرحمة للأمة، الحرص على استنقاذها مما هي فيه، الحرص على إصلاح واقعها.
خرج ذات ليلة في منتصف الليل ومعه أحد أصحابه يسمى عبد الله بن مسلم البابكي، خرج الإمام زيد عليه السلام ذات ليلة في منتصف الليل ونظر إلى النجوم التي هي مجموعة الثريا فقال للبابكي : (يا بابكي أترى هذه النجوم، أترى هذه الثريا، أترى أحدًا ينالها) قلت : لا .. قال : والله لودت أن يد ملصقةُ بالثريا فأقع إلى الأرض أو حيث أقع فأتقطع قطعة قطعة وأن الله أصلح بي أمر أمة محمد) هذا الحرص وهذه الرحمة بالناس التي منشأُها أثر الإيمان العظيم، أثر الانتماء الأصيل للإسلام بأخلاقه ومبادئه، حملها الإمام زيد عليه السلام وتحرك في الأمة بكل هذا المخزون العظيم من القيم والأخلاق، وتحرك مستنهضاً للأمة بعد أن وجه رسالته الشهيرة إلى علماء الأمة ليقوموا بواجبهم وليؤدوا دورهم في استنهاض الأمة وفي العمل على تغير واقعها، وقد رأى الثر السيئ جداً الذي تركه علماء السوء، علماء البلاط الذين يقفون إلى جنب سلاطين الجَور يعينونهم ويدجنون لهم الأمة، ويجمدون الأمة لتذعن لهم، فنادى أولئك العلماء في رسالته الشهير قائلاً : (يا علماء السوء أنتم أعظم الخلق مصيبة وأشدهم عقوبة إن كنتم تعقلون، ذلك بأن الله قد احتج عليكم بما استحفظكم إذا جعل الأمور ترد إليكم وتصدر عنكم، الأحكام من قِبلكم تلتمس، والسنن من جهتكم تختبر، يقول المتَّبِعُون لكم أنت حجتنا بيننا وبين ربنا، فبأي منزلة نزلتم من العباد هذه المنزلة فوالذي نفس زيد ابن علي بيده لو بينتم للناس ما تعلمون، ودعوتموهم إلى الحق الذي تعرفون لتضعضع بنيان الجبارين، ولتهدم أساس الظالمين، ولكنكم اشتريتم بآيات الله ثمناً قيلاً، وأدهنتم في دينه وفارقتم كتابه) ثم يوجه نداءه إلى الأمة قائلاً : (عباد الله.. فأعينونا على من استعبد أمتنا، وأخرب أمانتنا، وعطل كتابنا) ثم تحرك عليه السلام مع قلة الناصر وقلة العدد والعدة كما تحرك جده الحسين عليه السلام مقتبساً أثرة سالكاً في دربه في ظل راية الإسلام ونور الإسلام، تحرك عليه السلام وهو ذلك الذي كان يحمل كل الألم وكل التوجع على أمة جده حينما يرى ظلم الظالمين، وجور الجائرين ويستشعر مسؤولية العالية، مسؤوليته الكبيرة تجاه ذلك فيقول : (والله ما يدعني كتاب الله أن أسكت، والله ما يدعني كتاب الله أن تكف يدي) يتحرك من واقع الشعور بالمسؤولية لا ملتمساً لشيءٍ من حطام الدنيا، ولا هادفاً إلى سلطة ولا إلى مَغنمٍ مادي، تحرك وهو يحمل عزة الإيمان ويدرك أنه في ظل واقعٍ كذلك الواقع والذي هو شبيه بواقع أمتنا اليوم، لا يجوز الجمود، ولا السكوت، ولا الصمت، ولا الإذعان، ولا الإستسلام، لأنه لا يؤدي إلا إلى المزيد من استحكام الظلم وسيطرة الطغاة وتحكمهم بالواقع، يهدمون أخلاق الأمة ويضيعون مبادئها ويعمونها بالفساد والشر والطغيان.
تحرك عليه السلام وهو يعرف أن الثمن هو التضحية وأنه لا بد من التضحية في ظل واقع كذلك، تحرك وهو يقول : (ما كره قومٌ حر السيوف إلا ذلوا). إلا ذلوا . تحرك وهو يدرك أنه من الواجب على الأمة أن تخلع عنها ثوب الذلة، وأن تتحرك دون أن تأبه لجبروت الظالمين وطغيانهم، ذلك أن ركائز الظلم التي يقيم من خلالها الظالمون سلطانهم ومن خلالها يتمكنون من استعباد الأمة والسيطرة عليها، هي ثلاث ركائز..
الركيزة الأولى هي التضليل والخداع ويتحركون بوسائل كثيرة في ظل هذه الركيزة من مثل علماء السوء الذين يشرعنون ظلمهم، ونرى كيف تحرك كثير من علماء السوء على مر التاريخ ليقولوا للأمة دائماً أنه من الواجب عليها طاعة الظالم، والإذعان للظالم، والخضوع للظالم، والاستسلام للظالم، بل جعلوا ذلك عبادة وقربه إلى الله سبحانه وتعالى، الله الذي لعن الظالمين في كتابه، الله الذي قال في كتابه "وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ" وقال"وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالَمِينَ" الله الذي قال لنبيه إبراهيم عليه السلام "لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ" أتى علماء السوء على مر التاريخ ووقفوا إلى جانب سلاطين الجور والحكام الظالمين والطغاة المستبدين ليظللوا الأمة وليجعلوا طاعة أولئك الظالمين الجائرين والقبول بفسادهم وظلمهم عبادة، عبادة من العبادات عليها أجر وعليها ثواب من الله سبحانه وتعالى.
الركيزة الثانية التي يتحرك من خلالها ويتمكن من خلالها الطغاة والظالمون لاستحكام أمرهم على الأمة وفي السيطرة على الأمة واستعباد الأمة هي الجبروت والبطش والطغيان، الترويع والإخافة واستعمال البطش بقسوة كبيرة وفضاعة ووحشية لا نظير لها، يقتلون، ويسجنون، ويدمرون، ويخربون، ويستبحون الدماء فيسفكونها بغير حق، ويزهقون الأرواح بغير حق، ويحاولون بذلك أن يعمموا حالة الخوف والفزع والجزع في نفوس الناس حتى لا يرفع أحدٌ له رأس، ولا يرفع له كلمة، ولا ينادي بحق، ولا يعارض باطلاً، هكذا كانوا يعملون وهذه الحالة تركت أثرها على الكثير من أبناء الأمة فكانوا مكبلين بقيود الخوف لا يجرئون على اتخاذ موقف ولا يجرئون على تحمل مسؤولياتهم في مواجهة الظلم والطغيان والفساد، والقليل القليل من صفوة الأمة كانوا متحررين من قيود الخوف فوقفوا بصدقٍ وثباتٍ وتضحية وفدائية لا نظير لها مع الإمام زيد عليه السلام وقبله مع الإمام الحسين عليه السلام وبعدهما مع كل الأحرار والعظماء الذين ثاروا وتحركوا في الأمة لإصلاح واقعها وتصحيح مسارها.
الإمام زيد عليه السلام كان يدرك خطورة الخوف وأثره السيئ في تجميد الأمة، وفي تكبيلها، وفي فرض حالة الإذلال عليها فقال هذه الكلمة ( ما كره قوم ٌ قط حر السيوف إلا ذلوا) نتيجة الخوف، نتيجة الإذعان لحالة الفزع والجزع من بطش الظالمين وجبروتهم، هي الذلة تفرض على الأمة حالة الذل والهوان والإستسلام والعجز، وإذا ذلة الأمة كان لديها القابلية أن تذعن لكل ما يعمله الطغاة فلا تقف في وجههم ولا ضد طغيانهم لو عملوا ما عملوا ولو فعلوا ما فعلوا، هي الحالة الطبيعة لحالة الذل ثم يقول عليه السلام (من أحب البقاء استدثر الذل إلى الفناء) من يصبح كل تعلقه بهذه الحياة والبقاء فيها فهو متشبث بالحياة وخوفه من أن يقتل نتيجة بطش الظالمين ويفارق هذه الحياة الفانية والزائلة نتيجة جبروتهم، يفرض عليه هذا الواقع هذه الحالة، حالة الذل فهو يتلبس بالذل ويتدثر به، ويقع رهينته، وأسيره، لا يقف موقفاً مشرفاً ولا موقف عزة إلى أن يفنا .
ثم ينادي في الأمة (البصيرة البصيرة) هكذا كان ينادي الأمة (عباد الله البصيرة البصيرة) لأن أول ما تحتاج إليه الأمة هو الوعي، الوعي والبصيرة فلا تضلل ولا تخادع ولا يؤثر فيها كل مساعِ المضلين والمجرين بكل وسائلهم وكل إمكانياتهم للتضليل والخداع وحين وقف في ساحة الجهاد وقد خفقت فوق رأسه الراية قال عليه السلام : (الحمد لله الذي أكمل لي ديني، لقد كنت استحي من جدي رسول الله صلى الله عليه وآله سلم أن أرد عليه يوم القيامة ولم آمر في أمته بمعروف ولم أنه عن منكر) هذه النظرة القرآنية هذه النظرة الصحيحة والسليمة إلى حقيقة الدين أن الدين بدون إقامة العدل بدون الوقوف في وجه الظلم يبقى ناقصاً، الإيمان يبقى ناقصاً، الإيمان يبقى ناقصاً غير مكتمل، لأن إقامة العدل هدفٌ أساسيٌ لرسالات الله بكلها، كل رسالات الله كانت من أهم أهدافها إنقاذ البشر وتخليصهم من استعباد الطواغيت، وإنقاذهم من سطوة الظالمين وطغيان الطغاة وفساد المفسدين، ولذلك يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم "لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ" فكانت إقامة القسط، إقامة العدل في واقع الحياة هدفاً أساسياً لرسالات الله سبحانه وتعالى، وإذا لم يبقَ هذا الهدف هدفاً للأمة، ومسعىً عملياً لها فإن دينها ناقص ولن يتم لها أبداً، يفرض عليها الباطل، وتضرب في أخلاقها وفي مبادئها وفي قيمها وتهون وتذل.
وهكذا يتحرك الإمام زيد عليه السلام بثبات وحين رأى تخاذل أهل الكوفة من جديد كما تخاذلوا مع جده الحسين عليه السلام قال لأحد القاعدة الأبطال المجاهدين معه نصر بن خزيمة قال له الإمام زيد عليه السلام : (أتخاف أهل الكوفة أن يكونوا فعلوها حسينية) ففعلوا معه ما فعلوا مع جده الحسين عليه السلام، لكن ذلك لم يثنه ولم يرده ولم يجعلوا يتراجع إلى الورى قِيد أنملة، بل ثبت على موقفه وثبت على مبدئه وهو الذي قال : (والله لو لم يخرج إلا أنا وابني يحيى لخرجت) لم يتراجع حتى لو لم يكن معه إلا ابنه يحيى ابن زيد عليه السلام، وخاض معركته الكبرى ومعركته الشهيرة في مواجهة المجرمين والطغاة بكل وحشيتهم بكل جبروتهم بكل طغيانهم، وحين أصيب بالسهم الغادر القاتل في جبهته الشريفة قال عليه السلام : ( الشهادة الشهادة الحمد الله الذي رزقنيها) في تلك اللحظات التي عاش فيها الشهادة وفراق هذه الحياة كان يعيش الشعور الذي عاشه قبله جده الإمام علي عليه السلام حينما قال (فزت ورب الكعبة) مطمئناً على الطريق الذي هو فيه وإلى مآله وإلى مساره وإلى نتيجته وعاقبته.
ولهذا أيها الأخوة الأعزاء نحن في هذا الزمن بكل ما فيه من تحديات بكل ما عانيناه ونعانيه من ظلم الظالمين وجور الجائرين في كل واقع حياتنا وهم يستهدفوننا وأمتنا في ديننا، في أخلاقنا، في مبادئنا، في مقدساتنا، يستهدفون واقع حياتنا بكله، وكل مقومات حياتنا، نحن في أمس الحاجة إلى أن نستفيد من تلك الذكريات العزيزة ذكريات المجد، الملاحم البطولية، والموقف العظيمة التي مثلت أصالت الإسلام، وإن مسؤوليتنا في هذا الزمن أن نحمل لواء العدل بروحيته بمبادئه بأخلاقه في مواجهة الظلم والظالمين والجور والجائرين بثبات وعزم لا نتراجع مهما كانت التحديات ومهما كان حجم التضحيات، نحن في هذا الزمن وفي هذا العصر نعيش الواقع الذي امتلأت فيه الدنيا ظلماً وجوراً، ورأينا أئمة الكفر وطغاة العالم يتكالبون على أمنتا، ما أحوجنا إلى تلك القيم، إلى تلك الروحية حتى لا تكون ثوراتنا الشعبية مجرد صرخات وتأوهات من الألم، صرخات غير واعية، يجب أن تكون صرخاتنا ثوراتنا هذه الشعبية السلمية، ثورات واعية هادفة نحمل فيها الروحية القوية والعالية لنستمر في طريقنا وفي نهجنا بثبات حتى نحقق الأهداف.
من المعلوم ومن الواضح أن الطغاة والمجرمين وأعداء الأمة يسعون بكل جهد وبكل الوسائل الأساليب إلى احتواء هذه الثورة والإلتفاف عليها وتفريغها من مضمونها دون أن تصل إلى نتيجة ودون أن تحقق هدفاً، يريدون أن يعطوا لهذه الأمة مسكنات، مسكنات تجعلها تصمت من خلال تغييرات جزئية وشكلية لا تحقق شيئاً من أهداف هذه الثورات، ولا تحقق للأمة ما تأمله من تغيير للواقع المذل المظلم القاسي والسيئ الذي جعل أمتنا تعاني من الشقاء، وتعاني من التخلف، وتعاني من المظلومية التي لا يساويها مظلومية على الأرض.
لقد آن الأوان أيها الإخوة العزاء إلى أن نسعى بكل جد وبمسئولية عالية لنعلم أنها مسؤولية علينا أمام الله سبحانه وتعالى، أمام انتمائنا للإسلام الذي ثمرته العدل، وإقامة الحق، وتغيير الواقع السيئ، ومواجهة الظلم والفساد، مسؤولية كبيرة علينا أن نواصل مشوارنا بجد في ثوراتنا بكل فاعلية مع دراسة كل الوسائل والأساليب المشروعة التي تزيد من فاعلية التحرك الشعبي وصولاً إلى الهدف المنشود في تغيير الواقع إلى واقعٍ سليم قائم على العدل، لا يجوز أن ننخدع ولا أن ينخدع شعبنا اليمني العزيز بكل المحاولات الزائفة التي تسعى إلى إقناعه بأن التغير قد حدث وأن النظام قد سقط، النظام لم يسقط بعد أحد أجنحته كان في النظام جناحان متصارعان أحدهما تغلب على الآخر واستأثر بالقدر الأوفر من السلطة أما الشعب فلا يزال خارج المعادلة بكلها.
ولذلك يجب على الشعب أن يبقى ثابتاً في ثورته رافضاً كل المحاولات لإفشال هذه الثورة أو احتوائها وتفرغها من مضمونها، وأن يدرس كل الأحرار داخل شعبنا الخيارات والمتاحة والمطلوبة المشروعة مع الحفاظ على سلمية الثورة من أجل الضغط المستمر حتى تتحقق أهداف هذه الثورة، أما الواقع القائم فهو واقع الكل من أبناء الشعب اليمني يدرك أنه لم يتغير فيه شيء.
ونوجه سؤالنا للذين يزعمون أن التغيير قد حصل وأن النظام سقط، ما الذي تغير..؟ ألا يزال أولئك الذين سفكوا دماء الشعب اليمني والذين كان لهم دورٌ أساسيٌ في ظلمه ومعاناته وكانوا يمثلون أذرعةً ضاربةً حديديةً لعلي عبد الله صالح الطاغية المجرم يضرب بها هذا الشعب، ألا يزالون يتربعون على أهم المناصب بكل نفوذهم.؟ ألا يزال الواقع كذلك.؟ أليس الذي يجري الآن هو إهدار لسيادة البلد ومصادرة لكرامة الشعب، وأصبح البلد يعيش ليس فقط وصاية سيطرة أجنبية على قراره السياسي، على كل شئونه أين الأمن والآمان حتى في داخل العاصمة صنعاء لا يوجد أمن ولا يوجد أمان، يلاحقون الناس ويقتلونهم حتى داخل غرف النوم أين الأمن والأمان.؟ أين العدل.؟ أين رغد العيش.؟ الأسعار المرتفعة لا زالت تخنق الشعب، السطو على المال العام والوظيفة العامة كذلك حالة مستمرة لا تغير عن الماضي، حتى لو حاولوا أن يُلبسوا الإستبداد الجديد بثوبٍ متأسلم فإنهم مفضوحون ومكشوفون، والحقيقة واضحة للعيان وضوح الشمس في رابعة النهار.
لذلك أيها الأخوة الأعزاء لا يزال الشعب خارج المعادلة بكلها، ولا تغيُر ملموس في أي شيء واقع الحياة، لا أمن تحقق، ولا رغد عيش، ولم يتيسر للمواطن اليمني الحصول على لقمة عيشه بيسر وبكرامة، لا يزال يمتهن ويظلم حتى في الحصول على لقمة عيشه، ولا زالت لقمة عيشه سلاح ضغطٍ عليه، تُشترى مواقفه من خلالها، يضغط عليه من خلالها، هل تحقق للشعب حكومة عادلة تمثل كل أطياف الشعب اليمني.؟ هل تحقق للشعب اليمن خروج من حالة الإستبداد.؟ أم أن الاستبداد يستحكم وبِشَرَه، وبطمع غير مسبوق، ومصادرة للوظائف العامة وكأنها ملكٌ لبعض الأحزاب وبعض القوى تستأثر بها دون الإلتفاف إلى أي معيير قانونية ولا حقوقية، الواقع لم يتغير وطالما لم يتغير الواقع فالثورة تعتبر حالة ضرورة، ضرورة من الضرورات إن لم يستمر الشعب فيها فإن واقعه سيتجه إلى الأسوأ حتى يكون قادم الأيام أسوأ، وأظلم، وأطغى، وأقسى مما مضى من الأيام، ولا يجوز أن يقبل الشعب اليمني بذلك، ونحن مع كل الأحرار والشرفاء داخل شعبنا لن نقبل أبداً بعودة الإستبداد من جديد، يكفي أمتنا قرون من الاستبداد والأثرة فلن نقبل الاستبداد من جديد مهما كان حجم التضحيات.
إن الحوار الوطني أيها الإخوة الأعزاء لا يمكن أن يقوم مقام الثورة، ولا يمكن التعويل عليه بدون استمرارية الثورة، ولذلك نحن نأمل من كل الشباب الأعزاء في الساحات أن لا يُخدعوا أبداً، الحوار من دون الثورة لن يحقق آمال الشعب ولا أهداف ثورته الشعبية السلمية، لا بد من استمرار الثورة لأنها الضمانة الوحيدة حتى في فرض ما يفيد الشعب وما يحقق ولو بعض آماله ولو بعض أهدافه، ومن دونها يصبح الحوار مجرد حالة ديكور يستغلونه لتضييع الثورة والقضاء عليها، نحن نلاحظ كيف أنهم حتى الآن يحاولون أن يلتفوا على الحوار مسبقاً، ولاحظنا عدة ملاحظات من خلال نِسَب التمثيل، من خلال كثير من الإجراءات الإلتفافية، الإلتفافية المسبقة لتجيير الحوار، وفرض حالات وفرض نتائج من الآن، ولا يريدون له أن يكون وفق آليات سليمةٍ صحيحة تحقق نتائج صحيحة، حتى الحوار مستهدف والكثير على ما يبدوا الجدارة ولا اللياقة بلغة الحوار والقبول بلغة الحوار، يدخلون حتى إلى الحوار وإلى صالاته بنفس العقلية التي يعيشونها خارج الحوار، عقلية الإستبداد، عقلية الأثرة، عقلية ونفسية الغرور والكبرياء والطمع بالسلطة إلى درجة أصبحوا مهووسين لا يتقبلون أي معادلات لصالح الشعب، أي نتائج عادلة وصحيحة ومقررات سليمة لمصلحة الشعب كل الشعب بكل مكوناته.
نلحظ أيضاً كيف أنهم لم يقبلوا حتى بتنفيذ النقاط العشرين، حتى بالإعتذار عما ارتكبوه من جرائم وفظائع بحق إخوتنا في الجنوب، وفي صعدة والمحافظات الشمالية، حتى نداءاتهم في الحرب وتحرضهم على العدوان لم يتوقف هم مستمرون في ذلك ليل نهار، حالة الطغيان والنزوع إلى الجريمة والبطش والتسلط لم تفارقهم ولم يَصلحوا، لا زالوا فاسدين وليسوا بمصلحين، لازالت لهم النزعة والجشع ولا زال لديهم الشره بسفك الدماء والحالة العدوانية المقيتة، وهم ضيقون جدًا ليس لديهم أفق للتعامل مع بقية مكونات الشعب اليمني، يضيقون طائفياً، ويضيقون مناطقياً، لديهم مواقف مسبقة لأسباب طائفية، ومواقف لأسباب مناطقية، ومواقف لأسباب عنصرية، ومواقف لأسباب سياسية، وليس لديهم أي صلاحية بتلك النفسيات بتلك الممارسات للبقاء في السلطة، هم جائرون وظالمون وفاسدون لا يطيقون الشعب وبالتالي لن يطيقهم الشعب ولن يتحمل استئثارهم، وأنانيتهم، وإجرامهم، وعدوانيتهم، لن يطيقه أبداً كما لم يطيقوه.
إننا أيها الإخوة الأعزاء امتدادٌ لذلك الخط الثوري الممتد عبر الأجيال حملنا منه الروحية الثائرة التي لا تسكت عن الظالمين ولا تقبل بالظالمين، وتسعى بتفانٍ إلى تغيير واقع الأمة لإصلاحه حتى تكون الأمة عزيزةً كريمةً تعيش حالة العدل ورخاء العيش، ورغد العيش.
أيها الأخوة الأعزاء.. إننا في شعبنا اليمني العزيز مع كل الأحرار، مع كل الشرفاء وبإذن الله وبعونه وبالتوكل عليه مستمرون في ثورتنا، نحن امتداد للخط الثوري الذي امتد عبر الأجيال من محمد بن عبد الله وإلى اليوم صلوات الله عليه وعلى آله، مستمرون في ثورتنا حتى نلمس التغيير الحقيقي في الواقع حتى يكون هناك حكومة عادلة، حكومة تمثل كل أطياف الشعب اليمني، حكومة تعكس نبض الشعب اليمني تحقق آماله وطموحاته وأهداف ثورته السلمية الشعبية حتى يتحقق الأمن، حتى يتحقق الإستقلال، حتى يكون لشعبنا اليمني استقلاله، فيكون حراً عزيزاً كريماً.
ونحن أيها الإخوة الأعزاء ننصح بعض القوى في البلد التي تبالغ وتمعن في التودد في الخارج لدرجة تتآمر فيها على أبناء شعبها، وتسعى دائماً إلى طلب الخارج للتدخل في الواقع الداخلي أكثر وأكثر، وجره إلى الصراع الداخلي أكثر فأكثر، والتمترس به والاستقواء به في أي مشكلة في الداخل، وبطريقة مسيئة ومهينة حتى الوشاية الدائمة، حتى فبركت الوقائع والأحداث، حتى اختلاق الإفتراءات والأكاذيب من أجل إغراء الخارج بالمكونات الشعبية الداخلية ونحن في مقدمتها أكثر استهدافاً ومظلوميةً، وهناك من يسعى بكل جهد إلى جر الخارج في كل مشكلة معنا للاستقواء به علينا، ننصحهم أن يتركوا هذه الممارسات السيئة، والقذرة، والمهينة، والمخزية ونقول لهم كونوا أحراراً في دنياكم، اتركوا هذه الأساليب القذرة والمقيتة ألستم رجال هل أنتم بحاجة دائماً إلى الإلتجاء إلى الخارج حتى في أبسط مشكلة، في مواجهة أي قضية تصرخون وتذهبون للإرتماء في أحضان الخارج، وتستغيثون به وكأن البلاء قد شملكم، كونوا رجالاً واتركوا الإستقواء بالخارج، وإن أردتم الحوار نحن جاهزون للحوار، وإن ارتم الصراع السياسي نحن حاضرون في الميدان من دون تردد ولا تلكؤ، ولكن كونوا شرفاء، التزموا الأخلاق والآداب الإنسانية، حافظوا على إنسانيتكم ،ما فعلتموه في تعز من الاعتداءات والجرائم بحق أبناء محافظة تعز أمرٌ مشين ومخزٍ يعبر عن حالة طغيانية وإجرامية، ونزعة عدوانية وتسلطية لديكم، اتركوا الاعتداءات وادخلوا ميدان الصراع السياسي بشرف مع الحفاظ على السلم في البلد من أجل الشعب اليمني، إرفقوا بالشعب اليمني ولو قليلاً وحاولوا أن تضبطوا أنفسكم وتتحكموا بنزعتكم العدوانية التسلطية ولو من أجل الشعب اليمني ولو لبعض الوقت.
أيها الإخوة الأعزاء.. نحن في هذا المقام من واقع المسؤولية وبالإستعانة بالله والتوكل عليه مستمرون إن شاء الله فيما فيه رضا الله سبحانه وتعالى، وفيما فيه مصلحة أمتنا ومصلحة شعبنا اليمني العزيز
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.