السعودية تكشف مدى تضررها من هجمات الحوثيين في البحر الأحمر    ريمة سَّكاب اليمن !    الأحلاف القبلية في محافظة شبوة    الشيخ هاني بن بريك يعدد عشرة أخطاء قاتلة لتنظيم إخوان المسلمين    السعودية تعيد مراجعة مشاريعها الاقتصادية "بعيدا عن الغرور"    في ذكرى رحيل الاسطورة نبراس الصحافة والقلم "عادل الأعسم"    نداء إلى محافظ شبوة.. وثقوا الأرضية المتنازع عليها لمستشفى عتق    حزب الرابطة أول من دعا إلى جنوب عربي فيدرالي عام 1956 (بيان)    طلاب جامعة حضرموت يرفعون الرايات الحمراء: ثورة على الظلم أم مجرد صرخة احتجاج؟    باريس سان جرمان بطلا للدوري الفرنسي    كيف يزيد رزقك ويطول عمرك وتختفي كل مشاكلك؟.. ب8 أعمال وآية قرآنية    جماعة الحوثي تعلن حالة الطوارئ في جامعة إب وحينما حضر العمداء ومدراء الكليات كانت الصدمة!    النضال مستمر: قيادي بالانتقالي يؤكد على مواجهة التحديات    عودة الحوثيين إلى الجنوب: خبير عسكري يحذر من "طريق سالكة"    أسئلة مثيرة في اختبارات جامعة صنعاء.. والطلاب يغادرون قاعات الامتحان    "جيل الموت" يُحضّر في مراكز الحوثيين: صرخة نجاة من وكيل حقوق الإنسان!    كيف حافظ الحوثيون على نفوذهم؟..كاتب صحفي يجيب    الدوري الانكليزي الممتاز: مانشستر سيتي يواصل ثباته نحو اللقب    هيئة عمليات التجارة البريطانية تؤكد وقوع حادث قبالة سواحل المهرة    يوميا .. إفراغ 14 مليون لتر إشعاعات نووية ومسرطنة في حضرموت    الوزير الزعوري يطّلع على الدراسة التنموية التي أعدها معهد العمران لأرخبيل سقطرى    كل 13 دقيقة يموت طفل.. تقارير أممية: تفشٍّ كارثي لأمراض الأطفال في اليمن    طوارئ مارب تقر عدداً من الإجراءات لمواجهة كوارث السيول وتفشي الأمراض    بايرن ميونيخ يسعى للتعاقد مع كايل ووكر    البنك الإسلامي للتنمية يخصص نحو 418 مليون دولار لتمويل مشاريع تنموية جديدة في الدول الأعضاء    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على نيو إنجلاند برباعية في الدوري الأمريكي    الدوري الانكليزي الممتاز: ارسنال يطيح بتوتنهام ويعزز صدارته    اشتراكي الضالع ينعي رحيل المناضل محمد سعيد الجماعي مميز    العليمي يؤكد دعم جهود السعودية والمبعوث الأممي لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن    من هنا تبدأ الحكاية: البحث عن الخلافة تحت عباءة الدين    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    الشبكة اليمنية تدين استمرار استهداف المليشيا للمدنيين في تعز وتدعو لردعها وإدانة جرائمها    قضية اليمن واحدة والوجع في الرأس    بالصور.. محمد صلاح ينفجر في وجه كلوب    مئات المستوطنين والمتطرفين يقتحمون باحات الأقصى    وفاة فنان عربي شهير.. رحل بطل ''أسد الجزيرة''    أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الريال اليمني    ضبط شحنة أدوية ممنوعة شرقي اليمن وإنقاذ البلاد من كارثة    مجهولون يشعلون النيران في أكبر جمعية تعاونية لتسويق المحاصيل الزراعية خارج اليمن    تضامن حضرموت يحسم الصراع ويبلغ المربع الذهبي لبطولة كرة السلة لأندية حضرموت    شرطة أمريكا تواجه احتجاجات دعم غزة بسلاح الاعتقالات    فريدمان أولا أمن إسرائيل والباقي تفاصيل    دعاء يغفر الذنوب لو كانت كالجبال.. ردده الآن وافتح صفحة جديدة مع الله    اليمنية تنفي شراء طائرات جديدة من الإمارات وتؤكد سعيها لتطوير أسطولها    وصول أول دفعة من الفرق الطبية السعودية للمخيم التطوعي بمستشفى الأمير محمد بن سلمان في عدن (فيديو)    القات: عدو صامت يُحصد أرواح اليمنيين!    وزارة الحج والعمرة السعودية تحذر من شركات الحج الوهمية وتؤكد أنه لا حج إلا بتأشيرة حج    «كاك بنك» يدشن برنامج تدريبي في إعداد الخطة التشغيلية لقياداته الإدارية    الذهب يتجه لتسجيل أول خسارة أسبوعية في 6 أسابيع    الزنداني لم يكن حاله حال نفسه من المسجد إلى بيته، الزنداني تاريخ أسود بقهر الرجال    «كاك بنك» يشارك في اليوم العربي للشمول المالي 2024    أكاديمي سعودي يلعنهم ويعدد جرائم الاخوان المخترقين لمنظومة التعليم السعودي    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    لحظة يازمن    لا بكاء ينفع ولا شكوى تفيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



" التغيير " ينشر نص كلمة زعيم الحوثيين في ذكرى المولد النبوي
نشر في التغيير يوم 26 - 01 - 2013

شن زعيم الحوثيين في اليمن عبدالملك الحوثي الخميس الماضي هجوما لاذعا على حكومة الوفاق الوطني متهما إياها ب " العمالة لأمريكا ".
وقال الحوثي في كلمة ألقاها في حفل بذكرى المولد النبوي الشريف أقيم في العاصمة صنعاء و محافظة صعدة في وقت واحد عصر اليوم وبث مباشرة عبر قناتهم " المسيرة " ، " هذه الحكومة لم تحترم رسول الله ولم تحترم شعبها، وأنزلت المتقطعين لمنع الضيوف المتوافدين إلى صنعاء للمشاركة في فعالية المولد النبوي الشريف الذي يعبر عن توحد الشماليين والجنوبيين ". حد تعبيره.
ودعا الحوثي في كلمته إلى " العمل على تنفيذ النقاط العشرين التي وضعتها اللجنة الفنية والتحضيرية للحوار الوطني ومنها الاعتذار للجنوب وصعدة، وإلا فإن الحوار لن تكون له فائدة".
نص كلمة زعيم الحوثيين :
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا * قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا * مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا) ، (وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) ، (تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) ، (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا * الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا) له الحمد والمجد، والتسبيح والتقديس (تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ) ، (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا).
اللهم صلِ وسلم على محمدٍ عبدك ورسولك، وخاتم أنبيائك، وحجتك على عبادك، ورحمتك للعالمين، وعلى آله الطاهرين، وارض اللهم عن صحبه المنتجبين وعن الناهجين نهجه المقتفين أثره، المتمسكين بهديه إلى يوم الدين.
أيها الإخوة المؤمنون المحمديون.. يا جماهير الإسلام.. أيها الأوفياء الأعزاء.. الشرفاء...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وكتب الله أجركم وبارك فيكم
وحشركم في زمرة محمد صلى الله عليه وآله وسلم
ونبارك لكم ولكل الأمة الإسلامية هذه الذكرى العزيزة المجيدة الخالدة، ذكرى مولد النور والهدى، وميلاد الحرية والعدالة، ذكرى مولد خاتم الأنبياء والمرسلين محمد بن عبد الله صلوات الله عليه وعلى آله الطاهرين.
أحييكم أيها الشرفاء الأوفياء، وأحيي الجماهير الوفية المحتشدة في صنعاء من المؤمنين والمؤمنات، وأحيي فيكم جميعاً هذه الروحية العالية، والإستجابة المشرِّفة، فحضوركم الكبير هذا في هذا المقام العظيم، واليوم المشهود دليلُ حبٍ، وولاءٍ، ووفاءٍ لرسول الله محمد صلوات الله عليه وعلى آله، في مرحلةٍ غابت هذه المسألة عن أولوياَّت البعض، الذين يتحرجون من إقامة هذه المناسبة حتى لا يستاء منهم الأمريكيون.
إن هذا الحضور الكبير في صعدة وفي صنعاء هو الذي يليق بشعبنا العزيز المسلم، يمن الإيمان والحكمة، يمن الوفاء للرسول محمد صلوات الله عليه وعلى آله وللإسلام، يمن القيم والأخلاق، في هذه المناسبة العزيزة المقدسة، وهو من أقل القليل فيما علينا من حق تجاه رسول الله صلى الله عليه وآله، وكان ينبغي أن تكون هذه المناسبة، وهذه الذكرى المجيدة محط تقديرٍ وإعزازٍ واحترامٍ في بلدنا اليمن وسائر العالم الإسلامي، وأن يكون هذا اليوم الذي هو يومٌ عظيمٌ في تاريخ البشرية من كل عامٍ عطلةً رسمية، وأن يشهد احتفالاتٍ رسميةٍ وشعبية، فليس بأقل قدراً وأهميةً من مناسبات أخرى، البعض منها دخيلٌ لا صلة له بهويةِ وثقافةِ شعبنا اليمني المسلم، ويجعلونها مع ذلك في عداد الأيام الوطنية.
أيها الإخوة الأعزاء .. للأسف الشديد فبدلاً من احترام وإعزاز هذه المناسبة، التي هي أشرف مناسبة، فإن ما يسمى بحكومة الوفاق امتنعت عن السماح بالإحتفال بها في الأستاد الرياضي بصنعاء، مع أنها فتحت للأمريكيين أهم قواعد البلاد العسكرية، وهذا يدل بكل وضوح على عدم احترامها للمناسبة وقدسيتها، وقدسية الرسول الخاتم محمد صلى الله عليه وعلى آله، وعلى عدم احترامها للشعب اليمني وللجماهير الوفية للشرفاء من أبناء اليمن وبناته الذين حضروا في مدينة صنعاء من محافظات يمنية متعددة، أجل .. بخلوا على اليمنيين في أرضهم وبلدهم بملعب كرة، لأشرف مناسبة، لساعات محدودة، وفتحوا للأمريكيين القواعد الجوية في البلد، التي لو اقترب منها مواطن يمني لكان أقل ما يعملون به هو الطرد والإهانة، هذا إن لم يقتل أو يسجن ويضرب.
إن هذا التدني والإنحطاط من هذه الحكومة العميلة، وهذا التصرُّف غير اللائق تجاه أشرف مناسبة، وتجاه أبناء الشعب اليمني، هذه الحكومة التي لم تحترم رسول الله، ولم تحترم شعبها، وأرسل ذوو النفوذ فيها قطَّاع الطرق ليعيقوا المواكب إلى صنعاء، كل هذه التصرفات، وهذا التدني، وهذا الإنحطاط، لا يمثل هويةَ ولا أخلاقَ ولا سلوكَ الشعب اليمني المسلم، وتلك الحكومة فاقدةٌ للحس الديني والوطني، وهاجسها الدائم هو استرضاء الأمريكيين المسيئين إلى رسول الإسلام.
إن الذي يعبر عن هويةِ شعبنا اليمني في الشمال والجنوب، وتوجهِهِ، ونبضِهِ هي هذه الحشود الوفية، هم هؤلاء الشرفاء الأوفياء من المؤمنين الذي حضروا في هذا اليوم في صنعاء وصعدة، من الشمال ومن الجنوب، ومن عموم محافظات يمن الإيمان والحكمة، من كل فئات الشعب، ليقولوا من أعماق قلوبهم، وبأعلى أصواتهم .. لبيك يا رسول الله ..
إن لهذه المناسبة دلالتها المهمة، وعطاؤها الكبير، فهي احتفاءٌ وتقديرٌ للنعمة الإلهية، واعتزازٌ وتشرفٌ بها (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) وأي نعمة أعظم، وأي شرفٍ أكبر من نعمة الهدى الإلهي، من خلال القرآن والرسول، التي بها النجاة والفوز والسعادة في الدنيا والآخرة، وهي كذلك رمزٌ لأصالة الأمة وهويتها، واستقلالها، وركيزةٌ أساسيةٌ فارِقةٌ لمواجهة كل محاولات التذويب للأمة، ومساعي الإحتواء لها، وطمس هويتها من قبل أعدائها، وهي مناسبةٌ للوحدة الإسلامية، واستذكار القواسم المشتركة والكلمة السواء بين كل المسلمين، فالرسول محمد صلى الله عليه وآله ليس رمزاً خاصاً بمذهب، أو طائفة، أو عِرق، أو بلد، وهي ذكرى وتذكير بالنبيّ الخاتم وبمقامه، وبرسالته، وتعزيز الإرتباط به وبرسالته، وهي مُنطلقٌ مهمٌ لتغيير الواقع السيئ والمرير والمهين الذي تعيشه الأمة، وإصلاحِ الخلل، وتصحيح الوضع الذي تعيشه الأمة الإسلامية.
إنَّ من أهم ما نحرص عليه ونريده من الإحتفال بهذه المناسبة وإحياء هذه الذكرى، هو الرد الجماهيري، والموقف المسئول تجاه الإساءات الموجهة من شر البرية، ومن السيئين المجرمين إلى رسول الله محمدٍ خاتم الأنبياء، والتي هي إساءةٌ للإنسانية بكلها، وللأنبياء بأجمعهم، ولشرف الرسالة، فإذا كان للإنسانية أن تحترم، فإنَّ الأنبياء وهم أشرف البشر وأكمل الناس إنسانيةً أولى بالإحترام، وأسوأ السُّوأَى في تلك الإساءات من المسيئين السيئين قبحهم الله، ما ورد في الفيلم الأمريكي الذي احتوى على أقبح الإساءات، ومنها الطعن في طهارة مولد الرسول، والطعن في إيمانه، وأخلاقه، وقرآنه، وعرضه، وسيرته، والله المستعان على ما يصفون.
في مقابل ذلك لا يجوز الصمت، ولا التغاضي عن ذلك أبداً، ولا مقابلة هذه الإساءات بالتجاهل، إن من لوازم الولاء لرسول الله محمد صلى الله عليه وآله تبني مواقف مسئولة تجاه هذه الإساءات، وقد رأينا وسمعنا من يغضبون لحزبهم، أو لطائفتهم، ولرموزهم الحزبية والطائفية ولا يغضبون من أجل رسول الله..! ولو وجهت تلك الإساءات إلى زعيم، أو رئيس، أو ملك، أو أمير هل كان سيسكت.؟ فلماذا هذا الصمت واللاَّ مبالاة على المستوى الرسمي، وعلى مستوى قوى تحسب نفسها على الإسلام وتتظاهر بالتدين.
إن ترويض الأمة على الصمت تجاه قضاياها الكبرى، بما في ذلك تجاه هذه المسألة معناه الصمت عن كل شيء، وهذا ما يريدونه لأمتنا، يريدون لهذه الأمة أن تكون أمةً صامتةً، عاجزةً، مستسلمةً، ليس لها موقف تجاه أي إساءة أو خطر يحيط بها، معناه أن لا يبقى للأمة ما يثيرها أو يحركها أو يدفعها لإتخاذ قرارات أو تبني مواقف، إذا سكتت الأمة حتى عن الإساءات إلى رسول الله، إلى نبيها ورمزها، فأي موقف يمكن أن تتبناه تجاه أي حدث آخر، أو أي مشكلةٍ أخرى، معناه قتل لضمير الأمة.
نتساءل في هذا المقام ! أين الدور الإعلامي للذين استمرءوا أن يتقولوا الأقاويل، وأن يطلقوا حملاتهم الإعلامية والدعائية الموجهة دائماً إلى الداخل.؟ ثم هم الصامتون، الصم البكم العمي في مواطن الشرف وفي التصدي لأعداء الإسلام، وأعداء الرسول، وأعداء الإنسانية، حينها حينما تتعلق المسألة بإساءة للرسول لا يكتبون مقالاً، ولا يبقى لهم صوت، لا في قنواتهم الفضائية ولا في مواقعهم على الإنترنيت، ولا في صحافتهم.
إن الموقف من تلك الإساءات، يشكل علامة اختبار مهمة، الأمة الإسلامية اليوم بكلها، أمام اختبارٍ حقيقي، هي على المحق، أمام اختبار حقيقي، وهنا يتجلى واقع الأمة، وتُكشف حقيقة بعض الجهات المتأسلمة، وحقيقة وواقع الجانب الرسمي العربي على مستوى الحكومات، وعلى مستوى الزعماء.
وإنَّ الإستهداف للرسول محمد صلى الله عليه وآله، هو استهدافٌ للأمة في أهم ركائز قوتها المعنوية، وفي دينها، واستهانةٌ بها، واحتقارٌ لمئات الملايين من المسلمين في كل الدول الإسلامية، وإن من واجب جميع المسلمين أن تتوحد كلمتهم، وأن يتحركوا في موقفٍ موحدٍ للضغط في اتجاه وقف نشر ما يسيء إلى رسول الله وإلى الأنبياء عموماً، نولا يحق لأحد أن يتذرَّع بمزاعم الحرية لتبرير السماح بنشر تلك الإساءات، ومن يتذرعون بذلك هم من يمنعون من انتقاد جرائم الإسرائيليين المجرمين ويعاقبون عليها بتهمة ما يسمونه معاداة السامية.
إننا بمناسبة هذه الذكرى العزيزة ندعو كل المسلمين إلى الوقوف بحزم وجد ضد محاولات الترويض للأمة على التغاضي عن كل تلك الإساءات، وأن نستلهم جميعاً من هذه الذكرى قدسية الأنبياء ومقامهم العظيم، إن الرسالة الإلهية مشروع عدل، وخيرٍ، وعزٍ، وشرف، وثمرتها سعادة البشرية في الدنيا والآخرة، وسموِّ الإنسان لأداء دوره الحضاري في الأرض، على أساسٍ من القيم والأخلاق، وأنبياء الله هم حملة الرسالة، وهم القدوة والقادة، وأثر الرسالة في الواقع يتحقق من خلال الإرتباط بهم ومن رسالتهم بما فيها من قيمٍ ومبادئ عظيمة وعادلة ونور وبصائر، ومن أهم تلك القيم الحرية بمفاهيمها الصحيحة، والتي هي تحرير الإنسان من ذُلِّ استعبادِ وهيمنةِ قوى الشرِ والطغيان إلى شرفِ العبوديةِ لله الخالق الواحد الأحد.
ومن يتأمل الواقع في عصرنا يدرك مدى معاناة البشرية من هوان الإستعباد وقهر التسلط والهيمنةِ والتحكمِ بمصائر الشعوب، ويدرك عظمة الرسالة الإلهية التي تُحرر البشرية إذا عادت إلى قيمها ومبادئها المثلى، قال الله تعالى (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) فمن يَسلُبُ الناس حريتهم هو الطاغوت الذي يفرض إرادته الظالمة وسيطرته بغير الحق عليهم وعلى مصائرهم، ويصادر إرادتهم المنبثقةَ عن إنسانيتهم وكرامتهم.
إن الحرية لا تعني تجرد الإنسان عن مكارم الأخلاق والقيمِ المثلى وخلعهِ لرداء إنسانيته، لا .. الحرية تَرَفُّعٌ وسموٌ عن كل مظاهر الإنحطاط، والحرية إباءٌ وشموخٌ في مواجهة الإستعباد والقهر، والحرية سلوكٌ نبيلٌ وتحررٌ من أسر الهوى والميول الفاسدة، هذه هي الحرية التي أتى بها الأنبياء.
كما أن من القيم الرسالية العظيمة العدل الذي هو أساسٌ لاستقرار الحياة، وهو ركيزةٌ أساسيةٌ في رسالات الله، ولذلك سعى الأنبياء العظام على مرِّ التاريخ لإقامته في الأرض، وتبعهم في ذلك ورثتهم الحقيقيون وأتباعهم الصادقون عبر الأجيال، وإقامتهُ مسئوليةٌ أساسيةٌ على الناس، قال الله تعالى (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ) ومن يتأمل الواقع العالمي يرى الضرر الكبير الذي لحق بالناس عموماً لغياب العدل، واستحكام الظلم والطغيان، وما أكثر ما تعانيه كثيرٌ من الشعوب، وبل معظم البشر على بقاع الأرض، ثم الرسالة الإلهية هي شاملةٌ لمكارم الأخلاق وتزكية الإنسان ليكون عنصر خير في الحياة، وليقوم بمسئوليته في الأرض على أساسٍ من تلك الأخلاق والقيم، والرسالة الإلهية هي مشروعٌ تنويريٌ لإخراج الناس من الظلمات إلى النور من خلال الرسول والقرآن، لأن الله جلَّ شأنه رحمةً منه بعبادة وتكريماً لهم يستنقذهم من ظلمات الجهل وظلمات الظلال والخداع، وظلمات الباطل بنوره الذي يكشف الحقائق ويبدد كل الظلمات، قال الله تعالى (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ) ولذلك فمن أعظم مظاهر رحمة الله وتكريمه لعباده، أن جعل لهم من نوره ما يكشف تظليل وأباطيل وخداع الظلاميين المظلين المخادعين، فكما جعل الشمس سراجاً وهاجاً منيراً كونياً تستفيد منها البشرية من نورها ودفئها وترى ما غطاه الظلام، كما قال تعالى (وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا) جعل الرسالة والرسول نوراً للقلوب، وكاشفاً لظلمات الظلال، منيراً بالهدى والحق والحقيقة، كما قال تعالى (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا) وبالقرآن الكريم تحرك الرسول صلى الله عليه وعلى آله لإخراج الناس من الظلمات، لتصحيح العقائد الباطلة والمفاهيم المغلوطة الظلامية إلى رحابة وضياء النور والهدى والحق، كما قال تعالى (هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ) وقال تعالى (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ).
إن أول ما يُستهدَفُ الإنسان في وعيه، ومفاهيمه، حيث تسعى قوى الظلم والظلام والطغيان من أولياء الشيطان إلى خداع الناس وتظليلهم ليتحقق لها من خلال ذلك السيطرة عليهم، ولو لا ذلك لم يتمكنوا أبداً من استحكام ظلمهم وطغيانهم، وفي زمننا هذا أصبح للقوى الظلامية إمكانيات هائلة لتظليل الناس، وصناعة الرأي العام والتحكم به، وترسيخ قناعات باطلة وأفكار مسمومة، وآراء مُظِلَّة، وبأساليب شيطانية، وبكل الوسائل الإعلامية من قنوات فضائية، وإذاعات، وصحافة وغيرها، والوسائل التثقيفية والتعليمية من مدارس وجامعات ومناهج دراسية، فتغلبوا على معظمها واستحوذوا على أكثرها، يوجهونها بظلماتهم بما يضلل الناس ليهيئوا لهم الأجواء للهيمنة والسيطرة، فالسيطرة على تفكير ورؤية الناس وقناعاتهم، ومفاهيمهم مفتاحٌ للسيطرةِ التامةِ عليهم، وفرضِ حالةِ التقبل لباطلهم وجرائمهم.
إنَّ نور الرسالة الإلهية من خلال القرآن والرسول هو الأقدر على كشف ظلمات جاهلية العصر، التي تقودها أمريكا بنزعتها الإستعمارية التسلطية، وهمجيتها، وطغيانها، ومن يدور في فلكها من كل القوى الظلامية، وإنَّ الأمة الإسلامية أحوج ما تكون في هذا العصر إلى الوعي والبصيرةِ والنور، فما ضربها ولا أضرَّ بها شيءٌ مثل انعدام الوعي والبصيرة، وظلام التظليل، وإنَّ واجب القادة السياسيين وأصحابِ القرار والتأثير في مجتمعاتنا المسلمة، أن يكونوا متنورين بنور الله، مستبصرين بهدي الله، ومنطلقين من ثوابت، وواجب الجميع من الأتباع كذلك حتى لا يكونوا إمَّعه قابلين للتأثر بالارتباطات العمياء من دون هدىً ولا نور، وكما ورد في الحديث النبوي عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم " لا تكونوا إمَّعة، تقولوا إن أحسن الناس أحسنا، وإن أساءوا أسأنا، ولكن إذا أحسن أن تحسنوا وإن أساءوا فلا تظلموا " وهنا نرى الخسارة الكبرى للأمة حين ابتعدت عن النور، كيف خُدعت في جنح الظلام إلى هذه الدرجة، وكيف أصبحت محط سخرية وتلعُّب أعدائها بها.
إن الإنسان بدون نور الهداية الإلهية يعيش حالةً من الجهل وعدم الإدراك للحقائق لدرجةٍ فضيعة صورها القرآن الكريم في قول الله تعالى (أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ) وكما قال تعالى (فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ).
إنَّ الرسالة الإلهية بما فيها من قيم وأخلاق ومبادئ ونور ستبقى هي مشروع النجاة وملاذ الأمة، بعد فشل كل الرهانات والإتجاهات الضَّالة والزَّيف المحسوب على الإسلام، وكما كان مسارها في حركة رسول الله محمد صلى الله عليه وآله مساراً عظيماً ومتكاملاً غيَّر الواقع تماماً آن ذاك، الواقع المظلم بكل ما فيه من ظلال وجهل، وتخلف، وشتات، وفرقة، وانعدام للمشروع والهدف، وبنا بناءً متكاملاً في شتى مجالات الحياة، ولم يكن مساراً قائماً على الرهبانية ومنغلقاً داخل أسوار المساجد في عزلةٍ عن الحياة والواقع، بل كان له نتيجته التي في مقدمتها الإطاحةُ بالظلم والفساد، وإصلاح الواقع، والقضاء على نفوذ وتسلط المجرمين في الجزيرة العربية، ثم التأثير في الواقع العالمي
وتجلَّى بوضوح في حركة النبي محمد عظمةُ وقوةُ الرسالةُ الإلهية، وقدرتها على التغيير، ومواجهة التحديات، وإذا أرادت الأمة اليوم تغيير واقعها، وتصحيحَ وضعها، فذلك مرتبطٌ بعودتها الجادة الواعية إلى مبادئَ وقيم وأخلاق هذه الرسالة، وإلى الرسول صلى الله عليه وآله قدوةً تقتدي به، وقائداً وأسوة، والتعرُّفَ عليه وعلى مسيرته العملية، وحركته بالرسالة الإلهية التي هي رحمة من الله للعالمين، وبالتمسك بها تحظى الأمة من الله بالنصر والعون والتأييد، وتستعيدُ دورها الحضاري بين الأمم مقيمةً للعدل، متخلصةً من هيمنة الطغاة والظالمين.
إنَّ فشل المسلمين للأسف في إبرازِ قيمِ الإسلام، وتجسيدها في الواقع بالشكل المطلوب أساء كثيراً إلى الإسلام لدى الشعوب الأخرى، والمسئول عن هذا الفشل هم الحكام الجائرون، ومعهم المظلون والمبطلون الذين زيَّفوا الإسلام، ولذلك يسعى الأعداء إلى تقديم الزَّيف المحسوب على الإسلام ممثِّلاً عن الإسلام، لإفقاد الأمة والشعوب الأخرى الأمل به مستقبلاً، وهم في هذه المرحلة يُلبِسون الإستبداد والعمالة ثوباً إسلامياً لأجل هذا الهدف، ويسعون لإيصال بعض القوى المتلبسة بالإسلام شكلاً، والبعيدة عن مبادئه المثلى وقيمه العظيمة مضموناً، يحاولون أن يوصلوها إلى السلطة لهذا الهدف، ويعملون على أن يكونوا هم البديل عن الرسالة والرسول، وعن الأنبياء في موقع التأثير في الأمة، وصياغةِ واقع الأمة حسب أهواءهم فيما يخدم مصالحهم ويطمس هوية الأمة الإسلامية، وفي مواجهة ذلك فإن الأمة اليوم معنيةٌ بالحفاظ على أصالتها في مواجهة الزَّيف، والتحريف، والتظليل، والعمل على الحفاظ على استقلالها والإنعتاق والتحرر من هيمنة أعدائها ومن عملائهم الذين يريدون تحويل أمةٍ بكلها، الأمة الإسلامية في المنطقة العربية وغيرها، يريدون تحويل الأمة بكلها، وكل ما لديها من مقدرات ومن جغرافيا إلى مجرد ورقة بيد أعدائها، ومُصادرة وجودها المستقل والحضاري، وهذا ظلم كبيرٌ كبيرٌ للأمة ولا يجوز أن تقبل به الأمة.
إنَّ الواقع العالمي الذي تقوده قوى الطغيان، وتصنعه قوى الطغيان وفي مقدمتها أمريكا والذي غابت عنه القيم، وغاب فيه الإرتباط بالأنبياء شاهدٌ على حاجة البشرية إلى التغيير والعودة إلى القيم، وإعادة دور التأسي والإقتداء بأنبياء الله وخاتمهم محمد صلى الله عليه وآله وتعزيز الإرتباط بأنبياء الله.
ومع وجود التحديات الكبيرة إلا أن الأمل كبير، وتباشير التغيير باتت واضحة، ولقد كان انتصار شعبنا الفلسطيني في غزة في الحرب الأخيرة بمجاهديه ومقاومته على الطغيان الإسرائيلي، بالرغم مما يمتلكه العدو الإسرائيلي من إمكانيات هائلة، ودعم أمريكي مفتوح، كان هذا الإنتصار أحد هذه التباشير، وقد برز في تلك الحرب الدور المهم الذي شكل عامل ردع وسنداً للمجاهدين في فلسطين، وهو القوة الصاروخية التي توفرت للمجاهدين الفلسطينيين والمقاومة الفلسطينية بدعم من الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ومن واجب الدول العربية أن تحذوا حذوا إيران في دعم الشعب الفلسطيني بالمال والسلاح، بدلاً من المسارعة للدخول في علاقات مكشوفة مع إسرائيل، كما يجب التنبه للخطر الذي يتعرض له المسجد الأقصى والقدس، القدس والمسجد الأقصى يمر بحالةٍ خطرة، حالةٍ خطرة حقيقة.
وإنَّ من تباشير التغيير استمرار الروحية الثورية في البلدان التي شهدت ثورات شعبية، وتطلع الشعوب فيها إلى تحقيق أهداف ثورتها، وما على الشعوب إلا الثقة بالله، والثقة بقوة وفاعلية وأثر تحركها الثوري، الذي أسقط فراعنة، وزلزل كيانات الطاغوت، ولا أخطر على الشعوب من الشعور باليأس، أو التراجع نتيجة مللٍ أو فتور، أو انخداعٍ بتغييرات شكلية قبل أن تتحقق الأهداف المعلنة المحقة والعادلة للثورات الشعبية.
وفي ثورة شعبنا اليمني المسلم فإن أكبر عائق أمام نجاح الثورة لحد الآن هو الدور الخارجي ومعه مراكز القوى النافذة في النظام من الداخل، فأمريكا التي تدَّعي الحرية هي اليوم أكبر من يقف ضد خيارات الشعوب، وهي أكبر من حمت الإستبداد في المنطقة العربية ودعمت وساندت الأنظمة والحكومات الجائرة، وهي اليوم من تحتمي بها مراكز القوى التي تسعى للحيلولة دون التغيير الحقيقي، وتعقد معها الصفقات التي بها باعوا البلد واستقلاله وكرامة الشعب، هذا الثنائي بين الخارج وعملائه في الداخل من أقطاب النظام الظالم بمراكز القوى فيه التي لم تتغير وإنما تُعزز موقعها بتلك الصفقات، هو مصدر شرٍ وضرٍ على الشعب اليمني، ولا يمكن أن يكون مصدراً لتغيير الواقع السيئ (إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ) فكيف يمكن أن يكونوا مصدراً لتغيير واقعٍ سيء كانوا هم شركاء أساسيين في صناعته، ولقد تجلى وتبين على مدى العام الماضي الفشل الذريع بما يسمى بحكومة الوفاق، وأنه لا يمكن للشعب الوثوق بها، فما الذي حققته للشعب اليمني.؟ بل إن المرحلة الماضية المحدودة في ظلها شهدت فضائع رهيبة بحق الشعب اليمني، ومن ذلك انتهاك السيادة اليمنية بشكل فضيع غير مسبوق، وتصاعد وتيرة الإغتيالات التي يرافقها صمتٌ مريبٌ تجاهها، وانعدام الأمن، والمزيد من الجرع الإقتصادية، والفساد، ونهب الثروة، وسرقة أموال الشعب، ورفع أسعار الديزل من أجل تضييق الخناق على المزارع اليمني، والتآمر المستمر على الثورة، واستهداف الساحات.
إننا ومن منطلق حرصنا على مصلحة بلدنا، ننادي بضرورة إقامة حكومة إنقاذٍ وطني، تمثل كل أطياف الشعب اليمني المسلم، تحمي الثورة ولا تستهدفها، وتحفظ للبلد استقلاله، وتهيئ لحوارٍ وطنيٍ جاد، وتزيح مراكز القوى من قادة النظام الظالم الذين كانوا هم ولا يزالون من يمارسوا الإستبداد والقمع لأبناء الشعب اليمني من مواقعهم في السلطة التي يستغلونها لتثبيت وجودهم والحيلولة دون التغيير الحقيقي الذي نادى به الشعب، وثار لأجله، وضحى في سبيل تحقيقه.
كما أننا نؤكد على ضرورة القيام بخطوات حقيقية لتنفيذ النقاط العشرين، وفي مقدمتها الإعتذار من النظام عن الحروب الظالمة على إخوتنا في الجنوب وعلى صعدة والمحافظات الشمالية.
لقد اعتذروا لأمريكا على تحطيم بعض نوافذ السفارة الأمريكية بعد الإساءة إلى الرسول صلوات الله عليه وعلى آله، حينما عَمَّت موجة كبيرة من الغضب في أوساط الشعوب الإسلامية، وتحركت مظاهرة عفوية شعبية ليس لها ارتباط لا بحركة محددة ولا جهة محددة، شعبية عفوية، وحينما رشق المتظاهرون السفارة الأمريكية في صنعاء بالحجارة، وتحطمت بعض من النوافذ، لم يصب فيها أي أمريكي ولا بخدش صغير، بادر هذا النظام العميل إلى الإعتذار من أمريكا، لكنَّ حروب ظالمة قُتل فيها الآلاف من أبناء الشعب اليمني ودُمرت البيوت، ولحق الضرر البالغ بالشعب عموماً لا يوجب عندهم إعتذار.! لماذا.؟ لأنهم وقحون. لا يحترمون الشعب اليمني، لا يحترمون الإنسان اليمني بينما يؤلهون الإنسان الأمريكي، وقحون جداً. فليعتذروا عن حروبهم الظالمة لإثبات الجدية في حوارٍ وطني، يمثل حلاً لمشاكل البلد، ويتناول الموضوعات المقررة له وفق أجندة وطنية، لأنَّ البعض ليس لهم أي حسابات تتعلق بالشعب اليمني ومصلحته، كل أجندتهم خارجية، وحزبية، وفئوية، وطائفية، أنانيون.. أنانيون جداً، بما فيه مصلحة البلد دون وصايةٍ من الخارج، أو تحكمٍ من مراكز القوى وقادة النظام الذين لا يحسبون أي حساب لمصلحة الشعب.
وهنا نؤكد على ضرورة إستمرار الثورة الشعبية وأنه لا بديل عنها، حتى تحقيق أهدافها، لا يمكن أبداً أن ينخدع الشعب ويتصور أن الحوار الوطني سيكون بديلاً عن الثورة، بدون الثورة سيكون حواراً شكلياً يمررون من خلاله ما يريدون بما يضرب الثورة الشعبية ويلغي كل أهدافها المهمة التي ثار الشعب من أجلها.
ونحن مستمرون في هذه الثورة بإذن الله مع كل الأحرار والشرفاء من واقع الشعور بالمسئولية، ومن واقع الحرص على مصلحة شعبنا المظلوم.
كما نؤكد على ضرورة أن يتخذ الشعب اليمني المسلم موقفاً موحداً للضغط على ما يسمى بحكومة الوفاق لرفع الغطاء السياسي عن الوجود العسكري الأمريكي في البلد، وعن عمليات القصف الجوي الأمريكي، وتدخلات السفير الأمريكي السافرة في شئون البلد، مثل زيارته أبين، وحديثه عن تغيير عقيدة الجيش وشكل النظام القادم، والتدخل في شأن الحوار الوطني، وإساءته إلى إخواننا الجنوبيين الشرفاء، وعقده لمؤتمرات صحفية يتدخل فيها بشكل سافر في شئون البلد، إضافة إلى النشاط الأمريكي الإستخباراتي المكثف، ونشر المخدرات وشبكات الدعارة والفساد الأخلاقي.
إنَّ سعي أمريكا لبناء قواعد عسكرية في اليمن ليس أبداً لأجل ما تسميه أمريكا مكافحة إرهاب، وليس لهدفٍ محدود، فلها في اليمن من يخدمها من القوى السياسية العميلة الموالية لها، والتي لا تتورع عن فعل أي شيء تريده منها أمريكا، ولها من الجنرالات في مؤسسة الجيش والأمن، مع احترامي لكل الشرفاء، ولكن هناك جنرالات دمويون مجرمون، لا يتورعون عن فعل أي شيء تريده منهم أمريكا، قتل، أو تدمير، أو اغتيالات، أو أي جريمة، لم يكفها ذلك.
لم يكفها ذلك فأتت بجنود المارينز إلى اليمن، إلى قلب صنعاء في شيراتون، وإلى مناطق أخرى، وتريد بناء قواعد عسكرية لهم للإستقرار في البلد، هذا لماذا.؟ لأنها تريد السيطرة التامة على البلد. وهذا ما يجب أن يرفضه الشعب، وأن يضغط على رفع الغطاء السياسي على هذا التواجد العسكري الأمريكي، فلا شرعية له، لأنه لا أحد يمتلك أي شرعية ولا صلاحية في أن يُفَرِّط في سيادة بلده وكرامة شعبه، لا دستور ولا قانون ولا شرع ولا ملة ولا أي شيء يعطي للإنسان صلاحيات كهذه، أن يُفَرِّط في استقلال بلده وكرامة شعبه، وإذا كان مجلس الأمن الذي يريد عقد جلسه له في اليمن الأسبوع المقبل كما يقولون، إذا كان مجلس أمن يَهُمُه أمر اليمن، فليكن له موقف ضد القصف الأمريكي لليمنيين، الذي طال مدنيين وانتهك سيادة البلد، وإلا فلن يكون مجلس أمن، بل مجلس تآمر لتعزيز السيطرة الأجنبية على البلد.
وإنني أدعوا في هذه المناسبة كل أبناء الشعب إلى التَوَحُّد في مواجهة هذه الأخطار على استقلال البلد، وكرامة الشعب، والتي تُمثل خطراً كبيراً على اليمنيين في كل شيء، على الدين والدنيا، والأمن والإستقرار، والحاضر والمستقبل، ومن هذا اليوم العظيم نتعلم كيف نحافظ على الثوابت والقيم والأولويات دون التفريط فيها لاعتبارات شخصية أو فئوية أو حزبية.
وللذين يحرِّضون على العدوان علينا، جهات خارجية وداخلية، نُحَذِّرُ كل من تُسَوِّل له نفسه أو تدفعه شياطينه من ارتكاب أي حماقة، أو التورط في أي عدوان، ونحن كما في الماضي بالإعتماد على الله سبحانه وتعالى والتوكل عليه حاضرون لمواجهة أي عدوان، واثقون بنصر الله خير الناصرين، ومتطلعون دائماً إلى الوعد الإلهي الصادق الذي لا يتبدل ولا يتغير بظهور دينه الحق، ورسالته العادلة، واضمحلال وانهزام قوى الشر والطغيان، كما قال تعالى (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ).
السلام على رسول الله وخاتم أنبيائه محمد بن عبد الله يوم ولد ويوم لحق بالرفيق الأعلى ويوم يبعث حياً.
وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
والسالم عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.