بعد فشل السعودية ممثلة في مسؤوليها المتولين للملف اليمني مع عملائها في الجولات الأربع السابقة للقضاء على مكون انصار الله لم يكن امامهم سوى القبول باتفاق السلم والشراكة الوطنية الذي جاءت به ثورة 21 سبتمبر الشعبية وشكلت بموجبه حكومة المهندس خالد بحاح خلفا لحكومة الأستاذ محمد سالم باسندوة ليس بهدف اخراج اليمن من محنتها والوصول الى حل عبر الحوار الذي كان قائما في فندق موفمبيك بين ممثلي مختلف القوى السياسية وانما تم استخدام حكومة خالد بحاح كمخدر مؤقت للتهدئة حتى تتمكن السعودية وعملائها من ايجاد وسيلة تستطيع من خلالها عودتها للسيطرة على مقاليد الأمور في اليمن وفرض الحلول التي تخدم اجندتها والأجندة الأمريكية.. ومن اجل انجاز هذه المهمة وجه النظام السعودي الرئيس الأسبق عبدربه منصور هادي بالاسراع في تفكيك الجيش اليمني بحجة هيكلته وتعطيل المنظومة الصاروخية المضادة للطيران واحداث شرخ بين القوى السياسية يحول دون وصولها الى اتفاق ينهي الأزمة السياسية في اليمن والتركيز على جعل الأقاليم حقيقة واقعة على الأرض لإضعاف اليمن بحيث يسهل ابتلاعها وتقسيمها.. وقد أسند عبدربه منصور هادي هذه المهمة الى احمد بن مبارك الذي حاول ان يفرضه لتشكيل الحكومة قبل ان يتولى تشكيلها خالد بحاح.. وقد أثبت التسجيل الصوتي الذي تم بثه عبر قناة (المسيرة) بين عبدربه منصور واحمد بن مبارك ان هناك مؤامرة كبيرة تحاك ضد اليمن يقودها عبدربه هادي وهو ما يؤكد ان امريكا والسعودية قد تمكنتا من شراء كبار المسؤولين بمن فيهم رئيس الجمهورية نفسه وأوكلت اليهم تنفيذ اجندتها وكادت تنجح في تحقيق هدفها لولا ان اختطاف احمد بن مبارك كشف تلك المؤامرة الدنيئة لبيع اليمن وطنا وشعبا فانقلبت الأمور رأسا على عقب.. وهنا توترت الأوضاع وانقسمت القوى السياسية على نفسها بين مؤيد لسياسة هادي ومعارض وقد حاول هادي من خلال اقرار الدستور الجديد الذي تم اعداده في الامارات العربية المتحدة فرض الأقاليم لكن تخلف مكون انصار الله عن المشاركة في الاجتماع ورفضه التوقيع على الدستور الجديد أفشل هذا التوجه للرئيس هادي الذي أوعزت به اليه امريكا والنظام السعودي. ولأن الأمور وصلت الى درجة من الاختلاف والتعقيد يصعب الاتفاق حولها فقد تفجرت الأوضاع الأمنية داخل العاصمة صنعاء بين الحرس الرئاسي واللجان الشعبية التي استطاعت ان تحسمها لصالحها وتدخل دار الرئاسة وهو ماا عتبره عبدربه منصور هادي انقلاب عليه مع انه من وجه حرسه لاستفزاز اللجان الشعبية بهدف احداث جولة صراع خامسة مع مكون انصار الله لعل وعسى يتم القضاء عليه او على الأقل اضعافه فجاءت النتيجة بعكس ما اراد تماما فأعتكف هادي داخل منزله وأظهر نفسه بمظهر المظلوم والمغلوب على أمره مشيعا بأن انصار الله يريدون فرض نائبا لرئيس الجمهورية من مكونهم وكان يتردد حينها اسم الأستاذ صالح الصماد رئيس المجلس السياسي الأعلى حاليا.. وهنا وجدت امريكا والسعودية بأن كل شيء في اليمن يكاد يخرج عن نطاق سيطرتهما مما جعل السفير الأمريكي يقول صراحة انه لم يعد يجد شيئا يفعله في صنعاء وهو الذي كان يتدخل مع المندوب السامي السعودي في كل صغيرة وكبيرة.. بل ان الرئيس الأسبق هادي لم يكن يصدر قرارا الا بعد استشارتهما فأقترح السفير الأمريكي على عبدربه منصور هادي نقل البعثات الدبلوماسية من صنعاء الى عدن وجعلها عاصمة مؤقتة لليمن.. ولم تكد تمضي الا عدة ساعات على هذا المقترح حتى سارعت البعثات الدبلوماسية بالتوجه الى عدن.. وكانت المفاجأة المدوية لحبك المؤامرة وتنفيذها على ارض الواقع هي تلك الخطوة غير المتوقعة التي فاجأت الجميع وتتمثل في تقديم رئيس الحكومة خالد بحاح استقالته وبعد ساعة واحدة يتبعه رئيس الجمهورية عبدربه هادي بتقديم استقالته هو الآخر.. والهدف من ذلك كان خلط الأوراق السياسية واحداث فراغ دستوري يدخل اليمن في فوضى لا يحمد عقباها وربما ان مخططا خبيثا كان سيتم تنفيذه في نفس الليلة لولا ان الله لطف باليمن وشعبها بالاعلان في الرياض عن وفاة الملك عبدالله بن عبدالعزيز فأنشغل النظام السعودي بنفسه لترتيب اوضاعه ليتأخر تنفيذ المخطط المتفق عليه بينه وبين رئيس الجمهورية حينها عبدربه منصور هادي ومشاركة رئيس الحكومة خالد بحاح الذي كان لمكون انصار الله الفضل في ايصاله الى رئاسة الحكومة.. ولخطورة ما أقدم عليه هادي وبحاح فقد سارعت اللجان الشعبية بفرض الاقامة الجبرية على هادي وبحاح حتى لا يتم سفرهما الى خارج اليمن او انتقالهما الى عدن ليقوما بتنفيذ مؤامرتهما ضد اليمن وشعبها من هناك..ولأن مكون انصار الله لم يكن يرغب في تخلي عبدربه هادي عن مسؤولياته فقد بعث اليه وساطات متعددة لإقناعه بالعدول عن استقالته وممارسة اختصاصاته كرئيس للجمهورية وكذلك عمل نفسي الشيء مع خالد بحاح.. لكن لأن القرار لم يعد بيديهما فقد رفضا تماما العدول عن استقالتيهما وهو ماجعل مكون انصار الله وحلفاؤه يتحملون المسؤولية من خلال اتخاذ اجراءات لسد الفراغ السياسي والتي منها الاعلان الدستوري.. ومع ذلك لم تتوقف الوساطات حيث في آخر المطاف ذهب الى منزل عبدربه هادي مبعوث الأممالمتحدة الى اليمن حينها جمال بن عمرفي محاولة اخيرة لإقناعه بالعدول عن استقالته او الموافقة على تشكيل مجلس رئاسة ويكون هو رئيسه لكنه رفض تماما وتمسكن امام بن عمر مؤكدا له انه مريض ولم يعد يقوى على تحمل المسؤولية وكل أمله هو ان يسمح له بالسفر الى الخارج للعلاج وبحسب الذين حضروا اللقاء فان عبدربه منصور أتقن التمثيلية جيدا لدرجة انه كان يتلعثم في الكلام فينطق كلمة ثم يتوقف موهما زائريه بأنه على وشك الموت..فصدقه جمال بن عمر واقنع انصار الله بأن يرفعوا عنه الاقامة الجبرية والسماح له بالخروج من منزله في صنعاء ثم السفر الى الخارج للعلاج..وقد تم له ما اراد من خلال تلك المسرحية التي تم اخراجها وظن الجميع ان عبدربه صادقا فيما ذهب اليه.. لكن بمجرد وصوله الى عدن تحول من نعامة الى أسد فأعلن عبر قناة الجزيرة العودة عن استقالته وهدد وتوعد من اسماهم بالحوثيين الأثنى عشرية المرتبطين بإيران حسب زعمه وقام بمحاصرة بعض الألوية العسكرية بحجة انها تشكل خطرا عليه واستدعى البعثات الدبلوماسية الى عدن وتواصل مع الخارج لدعمه بالإضافة الى تحريض تنظيمي داعش والقاعدة للقيام بتفجيرات في مختلف المدن اليمنية وخاصة العاصمة صنعاء التي لم تسلم من التفجيرات حتى مساجدها.. ونسق مع شخصيات جنوبية وشمالية للحاق به إلى عدن لينتهي به الأمر ان يطلب من الملك سلمان بن عبدالعزيز ملك السعودية الجديد في رسالة بعثها اليه التدخل المباشر وشن حرب على اليمن لاستعادة حسب زعمه شرعيته والقضاء على الانقلابيين مع انه الذي انقلب على نفسه وعلى الشعب اليمني الذي منحه ثقته..وهو ما سنتحدث عنه في الجزء الرابع عشر.