حولت شبكات تهريب المخدرات بين المغرب وإسبانيا وسائلها بشكل راديكالي، عبر اعتماد الطائرات ووسائل الاتصال الحديثة بعد أن اشتدت المراقبة على مضيق جبل طارق بحرا. وأعربت مصادر أمنية إسبانية عن تخوفها من هذا التحول الكبير في طبيعة أنشطة تجار المخدرات، خصوصا بعد أن استقر عدد من أفراد عصابات أميركا اللاتينية في المنطقة، وأصبحوا بدورهم يقومون بأنشطة بين القارتين ونقلوا معهم أيضا وسائلهم «المافيوية» الأكثر احترافية وقساوة، عبر استعمال الأسلحة النارية ومقايضة الكوكايين بالحشيش. وذكرت مصادر من الشرطة الإسبانية، أن عصابات من فنزويلا وكولومبيا وبوليفيا وبلدان أخرى من أميركا اللاتينية بدأت أنشطة بين المغرب وإسبانيا في مجال تهريب الحشيش والكوكايين. وفككت الشرطة الإسبانية أول من أمس شبكة لتهريب المخدرات بين المغرب وإسبانيا بطائرات وألقت القبض على عشرة من أفرادها، فيما يعتقد أن هناك العشرات من الشبكات التي أصبحت تسخر من المراقبة الأمنية برا وبحرا عبر اعتمادها طائرات صغيرة ومرنة تسير على علو منخفض وتنزل في مناطق صغيرة ومعزولة. وفي الأسبوع الماضي تم العثور في المغرب على طائرة صغيرة في بلدة مولاي بوسلهام القريبة من مدينة القنيطرة (شمال الرباط)، كان من المرتقب أن تشحن بالمخدرات في اتجاه إسبانيا، غير أنها أصيبت بعطب جعل أصحابها يتخلون عنها. وكانت أغلب شحنات المخدرات تعبر في الماضي مضيق جبل طارق بحرا في اتجاه سواحل الجنوب الإسباني في زوارق سريعة، غير أن اشتداد المراقبة ونصب رادارات من أجل رصد قوارب المهاجرين السريين بالأساس على السواحل الإسبانية، ضيق الخناق على شبكات التهريب التي تحولت إلى استعمال الطائرات الصغيرة التي تعتبر أكثر سرعة وأمانا للمهربين. وكان استعمال الطائرات في نقل المخدرات بين ضفتي مضيق جبل طارق إحدى الوسائل المستعملة من قبل، غير أنها اتخذت خلال السنتين الأخيرتين طابعا أكثر حدة. وأصبحت الطائرات تغري بأناقتها أشخاصا لم يجربوا من قبل تهريب المخدرات عبر البحر أو البر، والذين اكتشفوا فيها وسيلة أنيقة وسهلة وبعيدة عن الشبهات، خصوصا الطائرات ذات الدفع الرباعي، والتي تستعمل عادة في الجولات السياحية أو التدريب، والتي تعرف بمرونتها وسهولة قيادتها. وكان فرنسي مقيم في المغرب، ويعمل في مجال السينما، لقي حتفه العام الماضي في إسبانيا بعدما تحطمت طائرته في شمال البلاد وعلى متنها حوالي 150 كليوغراما من الحشيش. إلى ذلك، تحول جنوب المغرب إلى إحدى النقاط الرئيسية لتهريب المخدرات. وأعلنت مصالح الأمن المغربية أنها تمكنت من إحباط محاولة تهريب مئات الكيلوغرامات خلال نهاية الأسبوع الماضي من ميناء أكادير كانت مخبأة داخل براميل مخصصة لزيت السمك. وكانت المخدرات مخبأة بإتقان في أسفل البراميل. وقالت مصالح الجمارك المغربية إنها ضبطت أطنانا من المخدرات خلال محاولة تهريبها من ميناء أكادير خلال السنة الجارية. كما أعلنت مصالح الأمن الإسبانية أنها فككت شبكات لتهريب المخدرات بين أكادير وجزر الخالدات (الكاناري) ومدينة اشبيلية جنوبإسبانيا. (الشرق الأوسط)