تواصلت أعمال العنف في العراق رغم الهدوء النسبي الذي شهدته بغداد وباقي المدن العراقية، وعادت الحركة إلى العاصمة العراقية وفتحت المحلات التجارية أبوابها، بعد رفع حظر التجول إثر اندلاع العنف في البلاد في أعقاب تفجير مرقد الإمامين علي الهادي والحسن العسكري في سامراء الأربعاء. وفي أحدث هجوم قتل أربعة أشخاص على الأقل وأصيب نحو 15 آخرون بجروح في سلسلة انفجارات وقعت خارج مسجد ذات النطاقين الواقع في شرقي بغداد في ضاحية يسكنها شيعة وسنة جنبا إلى جنب. ووقعت الانفجارات لدى خروج المصلين من المسجد عقب أدائهم صلاة المغرب. جاءت هذه التفجيرات بعد قليل من إعلان وزارة الدفاع العراقية نشر قوات مدرعة في بعض مناطق بغداد لحماية سكان العاصمة من أي اعتداء، في خطوة جديدة تهدف إلى كبح جماح العنف الطائفي في البلاد.وقال مدير عمليات وزارة الداخلية العراقية اللواء عبد العزيز جاسم إن أي شخص يحمل أسلحة وليس جزءا من قوات الأمن "سيعامل كإرهابي". وفي جنوب شرق بغداد قتل ثمانية من مغاوير وزارة الداخلية وجرح ستة آخرون في مواجهات عنيفة مع مسلحين استمرت ثلاث ساعات قرب منطقة النهروان. وكان 19 شخصا على الأقل قتلوا وأصيب 40 آخرون في هجمات بقذائف الهاون على منطقة الدورة التي تسكنها غالبية من المسلمين والشيعة في جنوب بغداد مساء الأحد، بحسب مصادر طبية وأخرى من الشرطة. كما جرح في الاشتباكات أربعة مدنيين وأحرقت أربع سيارات تابعة للداخلية التي قالت عناصرها إنهم ألقوا القبض على 25 مسلحا بعد الاشتباك. وأعلنت الشرطة العراقية اعتقال من قالت إنه أحد مساعدي زعيم تنظيم القاعدة في العراق أبو مصعب الزرقاوي. وأشارت الشرطة للمعتقل بأنه أبو فاروق وقالت إنه اعتقل في الرمادي غرب بغداد. وفي تطور آخر أطلق الجيش الأميركي سراح 390 سجينا عراقيا أمس الاثنين بعد توصية بهذا الشأن من لجنة مشتركة أميركية-عراقية.ولم يشمل إطلاق السجناء أي نساء عراقيات, وهو المطلب الذي تقدم به خاطفو الصحفية الأميركية جيل كارول التي لاتزال محتجزة في مكان مجهول لدى خاطفيها. أحداث العنف الأخيرة التي انفجرت في العراق بعد تفجيرات سامراء استدعت تحذيرات من أوساط دولية بالحذر من انفجار حرب أهلية واسعة.وقال السفير البريطاني السابق في العراق جيرمي غرينستوك إن بإمكان المرء إطلاق وصف حرب أهلية منخفضة المستوى قائمة بالفعل الآن. كما أدان وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي تفجيرات سامراء باعتبارها خطوة أرادت "التسبب في صراع ديني". كما ندد الوزراء "بالأعمال الثأرية بما فيها الهجمات على مواقع دينية". وفي بروكسل حذرت مجموعة إدارة الأزمات الدولية من احتمال اندلاع حرب أهلية في العراق، ما لم يقدم التحالف الشيعي-الكردي الذي فاز في الانتخابات التشريعية للعرب السنة دورا مميزا، وما لم يتم حل المليشيات المسلحة.ورأت المجموعة أن هناك قليلا من الوقت لمنع الانزلاق إلى حرب أهلية, مشيرة إلى أن التفجير الذي استهدف مرقدا شيعيا في سامراء هو فقط "آخر الدلائل الدموية على أن العراق يترنح على عتبة كارثة مدوية". وبموازاة هذا الوضع أعلن رئيس جبهة التوافق العراقية السنية الدكتور عدنان الدليمي أن السنة سيعودون عن مقاطعتهم لمفاوضات تشكيل الحكومة إذا أعيدت لهم مساجدهم وتمت تلبية طلباتهم الأخرى المتعلقة بالأحداث التي أعقبت تفجيرات سامراء. إلا أن الدليمي بدا مصمما على المشاركة في الحكومة الجديدة وقال إن العراق لن يهدأ إذا لم تشارك الجبهة في الحكومة المقبلة, قائلا إن جبهة التوافق لم تعلق مشاركتها في الحكومة، وإنما علقت التفاوض مع لائحة الائتلاف العراقي الموحد الشيعية. ورغم تأكيدات الدليمي أكد المتحدث باسم جبهة التوافق ظافر العاني أن "المفاوضات لاتزال معلقة، لأن القرارات التي أعلنها رئيس الوزراء إبراهيم الجعفري لم تظهر بعدُ على أرض الواقع". وفي تطور سياسي ذي علاقة أعلن في أنقرة أن الجعفري سيبدأ اليوم زيارة لتركيا يتوقع أن تتركز على أحداث العنف الطائفي الأخيرة في العراق. وأبدت تركيا توجسا من تدهور الأوضاع الأمنية في العراق خصوصا الصراع العرقي والطائفي الذي قالت إنه يهدد دول الجوار بالانتشار, وأعلنت نيتها لعب دور في تعزيز الأمن الإقليمي. وإضافة للجعفري قالت وكالة أنباء الأناضول شبه الرسمية إن الزعيم الشيعي مقتدى الصدر سيزور هو الآخر تركيا قريبا دون أن تحدد موعد زيارته.