يتكرر مشهد اﻹجلاء ذاته في الغوطة الشرقية منذ أيام، ويستعد مقاتلون ومدنيون الثلاثاء للخروج منها باتجاه شمال البﻼد، فيما يبقى مصير مدينة دوما مجهوﻻً مع تهديد قوات النظام بشن هجوم عليها ما لم يتم التوصل الى اتفاق . وتؤذن عمليات اﻹجﻼء المستمرة من الغوطة الشرقية التي شكلت لسنوات معقل الفصائل المعارضة قرب دمشق، بنهاية فصل دام ومرير في منطقة تعرضت للقصف والحصار ﻻكثر من خمس سنوات . وعلى خطى آﻻف سبقوهم وآخرين سيلحقون بهم، يتجمع الثﻼثاء مقاتلون معارضون ومدنيون منذ ظهر الثﻼثاء في حافﻼت تقلهم من مدينة عربين في جنوب الغوطة إلى نقطة تجمع قريبة . وباتت حتى مساء الثﻼثاء، وفق وكالة اﻷنباء السورية الرسمية ( سانا ) ، 51 حافلة تقل 3268“ شخصاً بينهم 770 مسلحاً ” من بلدات زملكا وعربين وعين ترما وحي جوبر الدمشقي المحاذي لها جاهزة ﻻنطﻼق . وكما حصل في اﻷيام السابقة، تقف تلك الحافﻼت لساعات طويلة بانتظار اكتمال القافلة قبل منحها الضوء اﻷخضر لﻼنطﻼق باتجاه محافظة ادلب في شمال غرب البﻼد . وفي زملكا، أفاد مصور لفرانس برس عن تجمع الناس في أعداد كبيرة في الطرقات بانتظار حافﻼت اﻹجﻼء . وتوصلت روسيا تباعاً مع فصيلي حركة أحرار الشام في مدينة حرستا ثم فيلق الرحمن في جنوب الغوطة الشرقية، الى اتفاقين تم بموجبهما إجﻼء آﻻف المقاتلين والمدنيين الى منطقة إدلب ( شمال غرب ) ، في عملية تمهد ﻻستكمال قوات النظام انتشارها في الغوطة الشرقية بعدما باتت تسيطر على اكثر من تسعين بالمئة منها . وبعدما انتهت عملية حرستا خﻼل يومي الخميس والجمعة، يستمر منذ السبت إجﻼء مقاتلي فصيل فيلق الرحمن من البلدات الجنوبية . وبعد رحلة طويلة استمرت نحو عشر ساعات منذ فجر الثﻼثاء، وصلت بعد الظهر قافلة من مئة حافلة تقل 6749 شخصاً، ربعهم من المقاتلين، إلى مناطق سيطرة الفصائل في قلعة المضيق في ريف حماة الشمالي قبل نقلهم ﻻحقاً إلى ادلب . وارتفع بذلك عدد اﻷشخاص الذين غادروا الغوطة الشرقية منذ الخميس إلى أكثر من 17 ألفاً . ورجح المتحدث باسم فيلق الرحمن وائل علوان أن يصل عدد اﻻشخاص الذين سيخرجون من المناطق الجنوبية، إلى نحو ثﻼثين ألفاً . وتشكل خسارة الغوطة الشرقية التي تستهدفها قوات النظام بهجوم عنيف منذ 18 شباط / فبراير، ضربة موجعة للفصائل المعارضة تعد اﻻكبر منذ خسارة مدينة حلب نهاية العام .2016 وأدى القصف الجوي والمدفعي في الغوطة إلى مقتل أكثر من 1630 مدنياً منذ بدء الهجوم، بحسب المرصد السوري لحقوق اﻻنسان . – “ اﻻستسﻼم أو الهجوم ” – وبعد انتهاء عملية اﻻجﻼء من البلدات الجنوبية، ستصبح دوما، كبرى مدن الغوطة الشرقية، المعقل اﻷخير للفصائل قرب دمشق . وتجري منذ أيام مفاوضات مباشرة حول مصير مدينة دوما بين روسيا وفصيل جيش اﻹسﻼم، الذي طالما كان اﻷكثر نفوذا في الغوطة الشرقية . وكانت المفاوضات تتركز أساساً على تحويل دوما إلى منطقة “ مصالحة ” يبقى فيها جيش اﻹسﻼم وتعود إليها مؤسسات الدولة من دون دخول قوات النظام، ويتم اﻻكتفاء بنشر شرطة عسكرية روسية . ويبدو أن المفاوضات تواجه عراقيل عدة، وقد هددت دمشق وحليفتها موسكو بشن عملية عسكرية ضد المدينة ما لم يوافق جيش اﻹسﻼم على الخروج منها . وقال مصدر معارض مطلع على المفاوضات في دوما لفرانس برس “ في آخر اجتماع لهم اﻻثنين، خيّر الروس جيش اﻹسﻼم بين اﻻستسﻼم أو الهجوم ” ، وجرى منح الفصيل المعارض مهلة أيام قليلة للرد . وأوضح مصدر ثان معارض “ ﻻ يريد الروس اتفاقاً مختلفا في دوما عن ( اﻻتفاقات التي تم التوصل اليها في ) سائر مناطق الغوطة .” ونقلت صحيفة الوطن السورية على حسابها على تلغرام عن مصدر عسكري الثﻼثاء أن القوات السورية تستعد “ لبدء عملية عسكرية ضخمة في دوما، ما لم يوافق إرهابيو جيش اﻻسﻼم على تسليم المدينة ومغادرتها .” وفي المقابل أكد المتحدث بالعسكري باسم جيش اﻹسﻼم حمزة بيرقدار لوكالة فرانس برس “ قرارنا قدمناه وهو البقاء ” ، مشيراً إلى اجتماع سيعقد اﻻربعاء بين الروس واللجنة المعنية بالمفاوضات . وخﻼل سنوات النزاع، شهدت مناطق سورية عدة بينها مدن وبلدات قرب دمشق عمليات إجﻼء آﻻف المقاتلين المعارضين والمدنيين بموجب اتفاقات مع القوات الحكومية إثر حصار وهجوم عنيف، أبرزها اﻷحياء الشرقية في مدينة حلب . – اعتقاﻻت – وتشرف روسيا مباشرة على تنفيذ عملية اﻻجﻼء، اذ ينتشر عناصر من الشرطة العسكرية الروسية عند ممرات الخروج، يسجلون اﻷسماء، ويشرفون على تفتيش الركاب ويرافقونهم في رحلتهم الطويلة الى الشمال . وقبل التوصل الى اتفاقات اﻻجﻼء، وعلى وقع تقدم قوات النظام، تدفق عشرات آﻻف المدنيين عبر ممرات حددتها قوات النظام إلى مناطق سيطرتها . وقدرت دمشق عدد المغادرين عبر “ الممرات اﻵمنة ” منذ نحو أسبوعين ب 110 آﻻف مدني . ونقل هؤﻻء الى مراكز إيواء برعاية الحكومة يتواجد فيها وفق اﻷمم المتحدة نحو 55 ألف شخص . وأعرب كثيرون في وقت سابق عن خشيتهم من تعرضهم لﻼعتقال أو اﻻحتجاز للتجنيد اﻹلزامي بالنسبة الى الشبان، لكنهم لم يجدوا خيارات أخرى مع كثافة القصف والمعارك . وأفاد المرصد السوري أنه وثق اعتقال قوات النظام أكثر من 40 رجﻼً وشاباً في بلدات سيطرت عليها مؤخراً . وإلى جانب عملية اﻹجﻼء، أفرجت الفصائل المعارضة عن معتقلين مدنيين وعسكريين لديها . وأوردت سانا أنه جرى ليل اﻻثنين “ تحرير 28 من المختطفين كانت تحتجزهم المجموعات اﻹرهابية في بلدة عربين .” وكان تم اﻹفراج عن ثمانية آخرين السبت