على هامش كبير من الألم والصمود تقبع تلك القرية الضاربة لجذورها بتاريخ وآثار زاد عمرهما عن 3000 آلاف عام. قرية سبسطية التي باتت تكتشف بمرور الأيام مزيدا من جرائم يرتكبها احتلال بغيض بحقها بينما عصابات المستوطنين تمارس لعبة الموت في قرية الحياة. أعراس حاقدة فوق الأرض الطاهرة، بينما هؤلاء الجنود تحولوا إلى "باديغارد" لخدمة الدنس الاستيطاني الذي يبحث عن حياته وأعراسه فوق أعمدة التاريخ والحضارة في سبسطية رغم علمهم بان تلك الأعمدة نقش عليها اسم "فلسطين" منذ 300 قرن من الزمان. قبل أيام كانت سبسطية على غير موعد مع اعتداء جديد أبطاله مستوطنون وضحاياه فلسطينيون وأعمدة الزمان وآثاره. لم يحل لهم إقامة أعراسهم إلا فوق ذلك المكان الأثري بينما خوفهم من حقيقة المكان قادهم إلى استعداء 100 جندي لحراستهم. وكل ذلك على حساب مواطن لم يستطع الخروج من منزله إلى عمله. وطالب أغلقت عليه أمه الأبواب ومنعته من الذهاب لمدرسته لكي لا يكون ضحية لعصابة مجرمة تمارس حقدها "عرسها". وتلك العجوز لم تقو على مشاهدة ذلك المنظر الحزين فأغلقت بابها على نفسها. بداية اللعبة القاتلة: قبل ايام قليلة وعندما كانت القرية في قيلولتها مع ساعات العصر تتكئ على آثارها كانت حافلات للمستوطنين تدوس تلك الآثار وتدنسها ومن خلفها آليات عسكرية تؤكد انتهاكها لكل ما هو فلسطيني. وكان المكان "البيادر" شاهد جديد على جريمة بحق التاريخ بعدما حاول جنود الاحتلال منع المواطنين من أن يكونوا شهودا بأعينهم وأجبروهم على التزام منازلهم. منزل المواطن ناصر كايد كان الهدف الأول لقوات الاحتلال. من كل مكان حاصرته وفوق السطح عشرات الجنود يلتقطون فرائسهم وبكل تأكيد الفريسة "فلسطينية". بينما بدء المستوطنون عرسهم فوق "البيادر" التي تحرس بيوت المواطنين من جهتها الغربية. بينما آثارها ومدرجها الروماني تطل على التاريخ بقرونه الثلاثمائة وفي تلك الأثناء كانت ساحة الفورم ومعبد اغوستس وقصر عمري أو العاج وكنيسة يوحنا المعمدان والقلاع وشارع الاعمدة تدون على نفسها كل انتهاكات المستوطنين. شهود العيان أكدوا أن ذلك العرس كان بمثابة حفل خليع امتهن كرامة التاريخ والآثار. أما الجنود الذين على ما يبدو أُجبروا على حراسة المستوطنين فأن اعتراضاتهم لم تجد نفعا وأجبرتهم حكومتهم على البقاء حتى انتهاء ذلك المشهد. تواصل الإدعاء بيهودية المكان والآثار ترفض المزاعم تلك الآثار العصية على السقوط رفضت مزاعم المستوطنين بأن قصر عمري هو يهودي وكان لأجدادهم ويتمسكون بالاحتفاظ به وما أكدته أعمدة المكان في شهادتها المختصرة والكافية أن كلمة "فلسطين" نقشت هناك منذ 3000 عام. تلك الأعمدة أكدت شهادتها بوجود آثار عربية كنعانية تبعها أثار رومانية وبيزنطية وفينيقية وإسلامية , وتعود تسميتها إلى الملك شومر (سومر) التي تعنى الحارس. استنكار الجريمة من جهته استنكر مأمون كايد رئيس بلدية سبسطية ما أقدم عليه المستوطنون اقتحام سيء ومدان للبلدة، بحجة إقامة عرس لهم في المدينة الأثرية وقال كايد بان هذا اعتداء صارخ على البلدة وأثاراها المتميزة، ولا يمكن أي قانون أو شريعة في العالم أن تقبل بذلك. وأضاف كايد "ما يثير الدهشة بالإضافة إلى هذا الاحتفال المرير، هو فرض الحصار والتجوال على سكان القرية، وخاصة على المنطقة التي تلف المدين ة الأثرية"، مشيرا إلى أن "مئات الجنود قاموا باعتلاء أسطح المنازل، لمراقبة المنقطة، وتوفير الأمان للمستوطنين كي يكملوا أفراحهم كما يحلو لهم. وأكد كايد أن هذه ليست هي المرة الأولى التي يقوم بها المستوطنون بهذه الأعمال، حيث أنهم يتذرعون بأن احد اليهود قد سكن منطقة في المدينة الأثرية، ولهذا فهم يأتون بين الحين والآخر لإحياء أعراسهم ومراسمهم الخاصة، منوها إلى أنه وقبل انتفاضة الأقصى كانت تقام على ساحة "البيادر" الأثرية لأيام وأسابيع أيضا مثل هذه الانتهاكات. وسبسطية والتي تبعد عن 12كم شمال نابلس التي ترتفع عن سطح البحر 463م، يسكنها أكثر من 3300 نسمة، يرجع تاريخها إلى العصر البرونزي، عندما سكنها أقوام بدائيون، ويعتقد أنهم من قبائل الكنعانيين وفي أوائل القرن التاسع قبل الميلاد بنى الملك العمري مدينة أسماها (شامر) فوق التلة موقع القرية. وشهدت المدينة فترات ازدهار وفترات ضعف حتى اجتاحها الآشوريون عام 805ق.م واستباحوها مرة أخرى عام 721ق.م، وجاء عهد الإسكندر الكبير 331-107ق.م وتحولت المدينة إلى مدينة يونانية، إلى أن دمرت عام 107ق.م نتيجة ثورة على الإغريق، وفي عام 63م أعاد الرومان بناءها وسميت سبسطية، وهي كلمة يونانية تعني "الموقر"، وترادف معنى كلمة أغسطس الإمبراطور الرومان. وتشتهر بلدة (سبسطية)، إضافة إلى آثارها، بزراعة المشمش، والجرنق "الخوخ" بأنواعه المختلفة. وتقع إلى الشمال الغربي من نابلس على بعد 15 كم منها والجبل الذي تقوم عليه يرتفع من 400 – 463 مترا عن سطح البحر مستدير ينتهي بسهل تحيط به التلال الشامخة وينتشر على كل من الجبل والسهل القرى والمزارع والحقول المزروعة والبساتين النضرة فتهب الجبل منظرا جميلا. يبلغ عدد سكان سبسطية حسب إحصائيات 1997م 2167 نسمة منهم 1092 نسمة ذكور و 1075 إناث وتبلغ الشباب منهم 50% , كان في سبسطية في سنة 1922 م (572) شخصا بلغوا في عام 1931 م (751)نسمة وفي نيسان 1945 م قدروا ب ( 1020) نفسا ويعود هؤلاء السكان بأصلهم إلى برقة وشرق الأردن وقضاء القدس وخربة عزون بن عتمة وفي 18/11/1961 كان في سبسطية 1345 نسمة (591 من الذكور و 754 من الإناث).