هزتان ارضيتان تضربان محافظة ذمار    تراجع في كميات الهطول المطري والارصاد يحذر من الصواعق الرعدية وتدني الرؤية الافقية    باحث يمني يحصل على برأه اختراع في الهند    الكوليرا تدق ناقوس الخطر في عدن ومحافظات مجاورة    "الأول من مايو" العيد المأساة..!    غزوة القردعي ل شبوة لأطماع توسعية    الجنوب هو الخاسر منذ تشكيل مجلس القيادة الرئاسي    وقفات احتجاجية في مارب وتعز وحضرموت تندد باستمرار العدوان الصهيوني على غزة    احتراق باص نقل جماعي بين حضرموت ومارب    حكومة تتسول الديزل... والبلد حبلى بالثروات!    البيع الآجل في بقالات عدن بالريال السعودي    مدرسة بن سميط بشبام تستقبل دفعات 84 و85 لثانوية سيئون (صور)    عنجهية العليمي آن لها ان توقف    الإصلاحيين أستغلوه: بائع الأسكريم آذى سكان قرية اللصب وتم منعه ولم يمتثل (خريطة)    من يصلح فساد الملح!    إقالة رشاد العليمي وبن مبارك مطلب شعبي جنوبي    تربوي: بعد ثلاثة عقود من العمل أبلغوني بتصفير راتبي ان لم استكمل النقص في ملفي الوظيفي    البرلماني بشر: تسييس التعليم سبب في تدني مستواه والوزارة لا تملك الحق في وقف تعليم الانجليزية    السامعي يهني عمال اليمن بعيدهم السنوي ويشيد بثابتهم وتقديمهم نموذج فريد في التحدي    السياغي: ابني معتقل في قسم شرطة مذبح منذ 10 أيام بدون مسوغ قانوني    شركة النفط بصنعاء توضح بشأن نفاذ مخزون الوقود    نجاة قيادي في المقاومة الوطنية من محاولة اغتيال بتعز    التكتل الوطني يدعو المجتمع الدولي إلى موقف أكثر حزماً تجاه أعمال الإرهاب والقرصنة الحوثية    مليشيا الحوثي الإرهابية تمنع سفن وقود مرخصة من مغادرة ميناء رأس عيسى بالحديدة    "الحوثي يغتال الطفولة"..حملة الكترونية تفضح مراكز الموت وتدعو الآباء للحفاظ على أبنائهم    شاهد.. ردة فعل كريستيانو رونالدو عقب فشل النصر في التأهل لنهائي دوري أبطال آسيا    نتائج المقاتلين العرب في بطولة "ون" في شهر نيسان/أبريل    النصر يودع آسيا عبر بوابة كاواساكي الياباني    اختتام البطولة النسائية المفتوحة للآيكيدو بالسعودية    وفاة امرأة وجنينها بسبب انقطاع الكهرباء في عدن    هزة ارضية تضرب ريمة واخرى في خليج عدن    هل سيقدم ابناء تهامة كباش فداء..؟    سوريا ترد على ثمانية مطالب أميركية في رسالة أبريل    صدور ثلاثة كتب جديدة للكاتب اليمني حميد عقبي عن دار دان للنشر والتوزيع بالقاهرة    مباحثات سعودية روسية بشان اليمن والسفارة تعلن اصابة بحارة روس بغارة امريكية وتكشف وضعهم الصحي    فاضل وراجح يناقشان فعاليات أسبوع المرور العربي 2025    انخفاض أسعار الذهب إلى 3315.84 دولار للأوقية    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    جازم العريقي .. قدوة ومثال    غريم الشعب اليمني    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حمود الأهنومي.. عضو دائرة العلماء والمتعلمين بالمكتب التنفيذي لانصار الله ل«26سبتمبر»:الرسول الأعظم.. امتلك رؤية استشرافية وعرف كيف يجند قوة الرأي وقوة الموقف
نشر في 26 سبتمبر يوم 21 - 11 - 2018

{ امتاز بصفة قيادية عظيمة هي العزيمة والثبات و كان يقف مع المساكين ويتفقد الفقراء
الخبراء العسكريون ومنهم الغربيون اعترفوا بعبقرية الرسول الأعظم في فن القيادة العسكرية
الرسول الأعظم محمد بن عبدالله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله.. نور الله الذي ارسله الله هدى ورحمة للعالمين.. في ذكرى مولده الشريف”26سبتمبر” تحرص على إجراء اللقاءات والحوارات مع العلماء الأفاضل الأجلاء لنقرأ من خلالهم ومن خلال علومهم ملامح عن الشخصية الرائعة للرسول الأعظم والسجايا العظيمة وسماته المباركة.. وفي هذا الحوار مع فضيلة العلامة حمود عبدالله الأهنومي عضو دائرة العلماء والمتعلمين .. لنطلع على مزيد من فيض رسولنا الكريم من خلال هذا الحوار:
حاوره: نبيل بريه
بمناسبة الاحتفاء بذكرى المولد النبوي الشريف 1440ه .. ما الذي تريدون قوله في هذه المناسبة؟
بسم الله الرحمن الرحيم، أريد القول بأن هذه المناسبة العزيزة محطة فاصلة يَختلِف ما بعدها عما قبلها، مثلما كان مولد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم نفسه محطة فاصلة بين الجاهلية والإسلام؛ ولهذا يجب أن يكون الأمر كذلك في هذا العام؛ فلا بد أن تحصل الأمة على الفلاح الموعودة به في قوله تعالى: (فالذين آمنوا به وعزروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون).
مولد الرسول الأعظم هل هو مولد أمة... كيف تقرأ ذلك؟
هناك شِقان يمكنُ التعاملُ معهما تحت هذا العنوان، الشق الأول: هو مولد الرسول في ذلك الزمان بالفعل كان مولد أمة الإسلام، وهذا أمرٌ واضحٌ وبيّن؛ حيث حوّل الرسولُ صلى الله عليه وآله وسلم تلك الأمة التائهة المتفرِّقة والمُتناحِرة والفوضوية إلى أمةٍ ذات وِجهة محددة، ومقصد وهدف سامٍ وراقٍ.
كيف كان العربُ وكيف أصبحوا؟
المسافة التي قطعوها من حالة التيه والضياع والتمزق والتناحر والتشتت وضياع الوجهة والجهل العارم والقسوة الغامرة والجهالة الفظيعة، إلى حالة الوِجهة المقصودة، والوعي بوجود الأمة، ودورها، والاعتصام بحبل الله، والعِلم، والمعرفة، والرحمة، والمعارف الواسعة، والحضارةِ الإنسانية الشاملة، هي الكفيلة بإظهارِ عظمةِ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وما حققه في غضون سنواتٍ معدودة، بشكل لم يسبقه أحد.
كيف كان العرب على مستوى الفرد وعلى مستوى المجموع؟ وكيف أصبحوا بعد وجوده رحمة للعالمين؟
ليس هناك أدق من كلمة (الجاهلية) لوصف تلك الحالة التي كان عليها العرب، في الجهل بكل شيء يُقرِّبهم إلى الله، فهم يجهلون الله ويعبدون الأصنام، لديهم جاهلية فكرية، وجاهلية حضارية، وجاهلية ثقافية، وجاهلية دينية، وجاهلية اجتماعية، وجاهلية صحية، وجاهلية اقتصادية، وكان أكثرُ شيء يفتقده العرب، بل والعالم كله، هو خلقَ وقيمةَ وفضيلةَ الرحمة، كان العالم في مجمل أوضاعه بحاجة إلى رسالةٍ إلهية، تعيد ترتيب أوضاعه على النحو الذي فطر الله البشرية عليه، وتشيع مفاهيم الرحمة والإنسانية؛ ولهذا ربما تكون العبارة الأدق هي أن مولد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم آنذاك كان مولد البشرية كلها وليس فقط الأمة العربية.
الشق الثاني: هو كيف نجعل مولد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم اليوم مولدا للأمة؟
بالطبع الاحتفاءُ برسول الله، والانشدادُ إليه، وقوةُ الارتباط به، وبتعاليمه، وأخلاقه، وقيمه، وصبره، وثباته، وجهاده، هو أحد الأساليب والطرق التي يجب أن نسعى من ورائها لإعادة الوعي لدى الأمة بأهمية نهضة الأمة من خلال الإسلام.
وذلك بالاهتداء بهدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو القرآن الكريم، والانطلاق من خلال مشروعِه وهدايتِه وتشريعاته، وهو أيضا سيرة وسنة رسول الله الصحيحة الجامعة غير المفرقة، فنتمثَّل ذلك في واقعنا وأخلاقِنا وقيمِنا وهديِنا، وأن نتحرَّك على أساسِ تكوينِ الأمة التي أرادها الله، حين قال: (ولتكن منكم أمة)، فيعيش الإنسان منا بشعورِ أنه فردٌ ضمن أمة، ويجب أن يكون تحرُّكه كذلك، وأن يعملَ دائما على أساسِ هدايةِ الأمة وخدمتِها، ورقيِّها، وصلاحِها، ونهضتِها، وفي جميع المجالات التي تؤدي إلى تكوُّن تلك الأمة المطلوب تكوُّنُها.
هذا هو ما سيجعلُ للاحتفالِ بالمولدِ غايتَه السامية، ومقصدَه العظيم، وسيجعل له أثره الفاعل، ونتائجه الطيبة.
الرسول الأعظم - عليه أفضل الصلاة والسلام - مثل منهَجا تربويا مُتكامِلا للإنسانية جمعاء... على ضوءِ ذلك نريدُ أن تَضَعُوا الحروف على النقاط حول هذا المنهج التربوي؟
دعا سيدنا إبراهيم عليه السلام لذريته بقوله: (رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ)؛ فاستجاب الله سبحانه لهذه الدعوة الإبراهيمية، فقال في سورة البقرة آية 151: (كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ)، وأكد ذلك في آل عمران آية 164حين قال: (لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ)، وغيرها.
وبالتالي فأهم وظيفة للرسول يتحرك فيها هي التربية للأمة، (يزكيهم)، والتربية مفهوم واسع يشمل جميع أفراد الأمة، رجالا ونساء، كبارا وصغارا، ويشمل جميع مجالات التربية، وأهمها التربية الجهادية، قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ)، وأمره عز وجل فقال: (فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ).
ثم قدَّم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الإسلام تربويا على هذا النحوِ الشامِلِ والكامِلِ والقويِّ والرحيمِ، بأن تلا عليهم الآيات التي هي أعلامٌ على حقائق، وزكاهم، وعملية التزكية عملية مستمرة ودائمة، وهي عملية تربوية، بعددٍ من الأساليب، تبدأ بإكساب المعارف، والتفاعل معها وجدانيا، وسلوكيا، وتشجيعها على التحول إلى واقع، ومراقبة ذلك الواقع، ولهذا يكون الرسول صلوات الله عليه وآله قدّم الإسلام تصورا نظريا يلبي حاجة العقل، وينسجم مع قضاياه ومنطقه، كما قدَّمه في ذات الوقت مبادئَ وقيما عادلة يلتزم بها، ولا يتجاوزها، ولبّى حاجة القلب بأن قدَّمه أيضا في جوٍّ محفوفٍ بالعاطفة الجيّاشة المُنضبِطة لحكم العقل وسلطان البرهان، فكانت القلوب أسرعَ إلى الاعتراف به والتفاعل معه، وفي ذات الوقت أيضا قدّمه سلوكا وتطبيقا بالفعل والقول، ملتزِما به في مختلف الحالات، مُتمسِّكا به في جميع المقتضيات.
ألم يقل الله تعالى لنبيه الكريم في سورة الأحزاب: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً{45} وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً {46} وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُم مِّنَ اللَّهِ فَضْلاً كَبِيراً{47} وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً{48}) [الأحزاب]؛ فالآية تبيِّن عددا من الوظائف التربوية الرئيسة التي قلّد الله نبيَّه بها، فهو مرسَل، وشاهد، ومبشر، ونذير، وداعٍ إلى الله، وسراجٌ منير.
وكل أساليبه ومناهجه التربوية مبنية على أساس الرحمة بجميع خليقة الله التي ما أرسل إلا رحمة لها، كما قال تعالى: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين).
كثيرة هي معالم منهج الرسول التربوي، ويطول بنا الحديث لو ذهبنا نتوسّع فيها، ولكن يجب أن لا يفوتنا الإفادة منه في تربيتنا لأنفسنا ولأسرنا ومجتمعنا.
الرسول محمد يُعَدُّ المثَلَ الأعلى للقائد الناجح... هل لكم أن تشرَحوا أهمَّ المؤهِّلات والصفات التي جعلته أنجحَ القادة على مرِّ التاريخ ؟
تميَّز النبيُّ محمدٌ صلى الله عليه وآله وسلم بمؤهلاتٍ خِلْقية وأخلاقية عظيمة أهّلته لأن يكون أزكى البشر عقلا وقلبا وعملا، وأفضلهم نتيجة وجزاء، وهيأ الله له أن يكوِّن أمة قوية من الأمم، وأن يجمع شتات القبائل المتناحرة في كيان واحد قضى على امبراطوريات ذلك العالم، وتحرّكت ثقافتُه وحضارتُه المتنوِّعة وقوَّتُه الذاتية التي حافظت على روحِ الإسلام عبر القرون، رغم تلقيها ضرباتٍ خطيرةً وقاتلة من سلطة المُلكِ الغشوم التي تسللت إلى موقع السلطة فيه.
فكان (ص) يحمل جميع الصفات القيادية التي يجب أن تكون في القائد الفعال والناجح، ولا سيما تلك التي هي محل اتفاق بين القرآن الكريم وفلسفات المفكرين والمنظِّرين في فن القيادة، ومنها الشعور بأهمية الرسالة التي يتحرّك القائد من أجلها، والثقة بالقدرة على العمل، والذهنية الفذّة والخصبة التي تزوِّد صاحبها بخياراتٍ متعددة، ومنها الشخصية القوية، والإخلاص، والنضج الواعي، والقدرة الإدارية، والطاقة والنشاط، والحزم والتضحية ومهارات الاتصال والتخاطب.
وإضافة إلى ذلك فقد تميّز رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بصفات ومؤهلات ميزته عما سواه، منها:
-أنه كان لديه رؤية استراتيجية وخطط فعالة فمثلا لاحظنا أنه تم تقسيم مراحل الدعوة في مكة إلى قسمين سرية وجهرية، ومرحلتي مكة والمدينة، والتحرك داخل الحجاز وخارجه في الجزيرة العربية، ثم التحرك خارجها ومخاطبة زعماء العالم، وعملية الهجرة التي أعقبت إحداث عملية بناء الأمة وكيان سلطتها العادلة على الواقع العملي، ومن يتأمل حركة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم المتصاعدة يجدها حركة منطقية مترتبة تعمل على تطوير الذات، وتطوير المحيط، ومواكبة التغيرات، ويدرك أن واضع هذه الخطة الاستراتيجية كان عبقريا فذا في التخطيط، وذا عقلية خصبة، مكّنته من صناعة الأحداث التاريخية على النحو الذي يريده، وهذه هي البطولة التاريخية للقائد.
وكان لديه رؤية استشرافية دقيقة حول الأمور ومستجداتها وتطوراتها، وكان قائدا عظيما يستحضِر إمكاناته وكيفية وضعها في متناول تحرُّكه المثمر، وكيفية استخدامها بالشكل الذي يُعطِي النتائجَ الأفضل، لقد كان خبيرا بتجنيد كلِّ قوة في يديه، قوة الرأي، وقوة اللسان، وقوة النفوذ، وقوة الحجة، وقوة الموقف، وقوة الحق.
-كان لديه مهارة إدارة صراع الأدمغة
تعدَّدتْ طبيعة مهمة الرسول الكريم القيادية، وتبدو طبيعة مهمته في ما يتعلق بهذا للوهلة الأولى متناقضة؛ فهي تهدي العقول، وتهذب الطباع، وتنشر الرحمة وتبشر بها من جانب، لكنها قوية تواجه الإنسانَ المنحرِف الذي تمرد على العقل والمنطق، وتباغت القوى التي تكيد للإسلام بكل قوة وجهوزية من جانب آخر، لكنها العبقرية، لقد كان الرسول عبقريا في القيادة الروحية مثلما كان عبقريا في القيادة التشريعية، والقيادة العسكرية والقيادة الاقتصادية والقيادة الاجتماعية والقيادة السياسية الداخلية والخارجية، لقد كان سلطانا على العقول والقلوب مثلما كان سلطانا على الجوارح والأعمال.
في غار ثور عند الهجرة مثلا كان يصارع أدمغة قريش التي أعلنت عن جائزة ثمينة لمن يقبِض عليه حيا أو ميتا، وهو لا يزال في محيطها، وفي مواجهة تحالف الأحزاب كان صراع الأدمغة حاضرا بقوة، وفي كثير من محطات حركة الرسول في الصراع مع الصلف القرشي، وفي مواجهة كل أنواع القيادات والقوى العالمية التي تناصبه العداء، وكان في كل مرة يهزمهم هزيمة مؤلمة.
-وكان لديه عزم الرسل
تميز صلى الله عليه وآله وسلم بصفة قيادية عظيمة هي العزيمة والثبات، كان يثبت على موقفه الحق والعادل، حيث النبوة والرسالة ومبادئها وقيمها لا يقبل الحقُّ فيها أنصافَ الحلول، ولا شطور الأعمال، وحين تحيط به الأزمات، وتحدق به المؤامرات يثبت لها ثبات الرواسي، ويديرها إدارة حكيمة وهادئة برويةٍ وفكرٍ وتأنٍّ، لا يعجَل ولا يتأخّر، كلُّ حركةٍ ففي وقتها، وكل قرارٍ ففي حينه، ولما ضغطت قريشٌ على عمه وناصرِه أبي طالب عن التوقف عن عيب آلهتهم وانتقاصها أعلنها مدوية قوية: (والله يا عم لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه)، ولما تحزّب الأحزاب من اليهود والكفار وأهل الأهواء يريدون استئصال الإسلام في المدينة والقضاء على أهلها قابل ذلك بثباتِ موقفٍ، ونفاذِ بصيرةٍ، وتحركٍ جادٍّ وهادئٍ، وكان عاقبة ذلك حفرَ الخندق والعملَ على تخذيل جبهة العدو، والعمل على إضعاف تحالف العدوان، والإرادة الصلبة والهمة العالية والعزيمة القوية هي الدوافع الرئيسة للعمل حتى تحقيق الأهداف، فالقائد الذي لا يملك هذه الأمور لا ولن ينجح في حياته، ولن يحقق من أهدافه شيئاً.
-وكان لديه القدرة على امتصاص الضربات
فكلما كاده الأعداء بشيء عظيم يريدون إسكاته أو شل حركته من خلاله ظهر من خلفهم منتصرا، وأظهر أنه أكثر جدية من ذي قبل، رجمه أهل الطائف حين دعاهم إلى دين الله حتى أدموه، فاستند إلى عرض حائط يرد عن نفسه غائلة أحجار غلمانهم وسفهائهم، ثم ناجى ربه بالمغفرة والهداية، وكأن شيئا لم يحدث، وحين خاض المنافقون في حديث الإفك الذي يستهدف عِرْضَه وشرَفَه تغلّب على هذه الشائعة وانتصر عليها ليخرج منها أكثر براءة وطهارة وتألقا.
-في الوقت الذي ظل كما كان “الصادق الأمين”
وقلّ أن يكون هناك قائدٌ في البشرية لا تضطرُّه أحوالُ أوليائه وأعدائه إلى ارتكاب الكذب، لكن النبي محمدا صلى الله عليه وآله وسلم كان وظل (الصادق الأمين) منذ صغره، وإلى بعثته، وحتى مماته، فلم يجرَّب عليه كذبة واحدة، ولم تستجب نفسه الصادقة لضرورات الحاجة إلى قولٍ مكذوب أبدا، وهنا العظمة تتجلى في أجمل عناوينها وفي أفضل صفاتها،
-وهو المتواضع دائما
حيث طالما أكسب القائدَ موقعُه الأبهةَ والعظمة، فتخفَّفت نفسه من قيم التواضع والبساطة، وراق له أن يحتجب عن البسطاء، وأن يقلل من الاختلاط بهم، لكن قائدنا محمدا صلى الله عليه وآله وسلم ظلَّ القائدَ العظيم الذي تهابه قاداتُ الأرض، وتخافُ منه ملوكُها وأمراؤُها، ومع ذلك كان يقف مع المساكين، ويتفقّد الفقراء، ويعيش عيشتهم، ويأكل أكلهم، ثم يدعو الله تعالى: (اللهم أحيني مسكينا، وأمتني مسكينا، واحشرني في زمرة المساكين).
-قائد روحي
ولأنه القائد الإلهي المرسل رحمة للعالمين فلم يكن سلطانا على الدنيا، وعبقريا في الإدارة والسياسة والحرب، بل كان سلطانا على العقول قبل أن يكون سلطانا بالحرب، وكان سلطانا على العاطفة والوجدان قبل أن يكون سلطانا بالقوة والمال، كانت تأثيراته الروحية والإيمانية أقوى سبيلا وأشد وطئا من تأثيراته العسكرية أو الاقتصادية، وفي كل ذلك يتحرّك في منظومة واحدة وبخيارات متعددة، تضمَن له تحقيق الأهداف بأي خيار منها.
-وقائد يصنع القادة
وإذا كلّف أحدا من أصحابه لعملٍ ما فإنه يكلفه بتلك المهمة في الوقت الذي يدرِّبه بها ليكون قائدا من قادة الإسلام، فتخرّج على يديه ذلك الرعيلُ العظيم من القادة العظماء، وكان يوزِّع المسؤوليات والمهام في ما بينهم، فيختار بعضهم للقيادة العامة، وبعضهم للصلاة بالناس، وبعضهم للدعوة، وبعضهم للقضاء، وبعضهم للحكم والسياسة، وبعضهم لحفظِ سرِّه، ولحفظِ أسماءِ المنافقين، وقد يكلف بعضا منهم لبعض تلك الأعمال أو كلها، هذه هي المدرسة النبوية التي تخرج منها القادة العظماء.
وماذا عن عبقريته العسكرية؟
يعترف جميع الباحثين والخبراء العسكريين، ومنهم خبراء غربيون، أنه كان عبقريا في مجال القيادة العسكرية، وكتب الكثير عن ذلك.
فمثلا في ما يتعلق بخططه العسكرية .. كان يسبق أعداءَه إلى المعارك ليبحث طبوغرافيتها، وكان يختار المكان المناسب والجيد فيها، ويوظفه لصالح انتصار المسلمين، ويستخدم أسلوب المفاجآت لإرباك العدو، وإشغالِ العدو بنفسه، واختيارِ الزمان والمكان المناسب للمعركة، ومكان القيادة المناسب؛ كما يتبين من اختياره المكان في معركة بدر، وأحد، وغيرهما، وما تجلى من تخطيط بديع في أحد، وفي الأحزاب، وفي كل المعارك التي قادها بنفسه أو كلف آخرين بها فهو يشير إلى حُنكته الحربية، وقدرته الهائلة على استغلال الظروف والبيئة لصالح انتصاره العسكري التكتيكي الذي في نهاية الأمر كان يجب أن يصب في مصلحة تحقيق هدفه الاستراتيجي.
وتجلت عبقريته بإصابته في وضع الخطط الناجحة، وتسيير الجيوش، وإصابة الحساب، وكان إذا علم أن عدوا يريد مهاجمته بادر إلى القضاء على قوته تلك حتى ولو كان في حالة غير مواتية، مثلما حدث في تبوك حيث كانت الإمكانات المادية للمسلمين ضعيفة جدا، وكان أعداؤهم الرومان دولة عظمى، وكانوا يعدون لضرب دولة الإسلام الناشئة، فباغتهم الرسول بغزوة تبوك في ظروفٍ صعبة جدا، فهزمهم نفسيا بذلك الهجوم، وثبّت دعائم الهيبة لجيشه في قلوب ووعي الجماهير في الجزيرة العربية والشام والعالم كله.
ومن عبقريته أنه كان يستهدف مراكز العدو الاقتصادية التي يستمد منها قوته وبقاءه وتمويله، وهو ما يسمى الآن بقانون المصادرة في القانون الدولي، من غير أن تطال هذه المصادرة مظلوما أو مَن لا علاقة له بالحرب، وتميّزت قيادتُه العسكرية في قدرته الفذَّة بمعرفة أعداد الأعداء، ولم يحدُثْ أن أخطأت تقديراتُه عن العدوِّ يوما، مثلما وقع فيه قادة الحروب في العصر الحديث، وكان إذا أراد مهاجمة عدوٍّ ورّى عنه بغيره.
إن من أبرز الأمور التي تدل على عبقريته العسكرية:
-أنه لو أراد أبرع القادة العسكريين اليوم أن يقوم بتعديلٍ بسيط في خطط الرسول إلى الشكل الأفضل لما استطاع، ولما وجد إلى ذلك سبيلا، إذ كانت أعماله أفضل الخطط والخيارات وأنجعها.
- بالنسبة للقوة المعنوية، وهي الأساس في المقاتل، فقد نجح صلى الله عليه وآله وسلم في صناعة هذه الروحية نجاحا باهرا، إلى الحد الذي كان يستبسل قادته وجيشه أمام خصومهم استبسالا مُبهِرا، كما هو الحال في معركة مؤتة ضد البيزنطيين وحلفائهم في الشام.
وبهذا الخصوص .. في الحرب العالمية الثانية كان الجيش الإيطالي مُسلّحا تسليحا قويا، وحديثا، وكان عديدهم كثيرا، ولكنهم كانوا بلا روحية معنوية، فكانوا يُشكِّلون عِبئا على حلفائهم الألمان، وكانت جيوش الحلفاء (بريطانيا وفرنسا ومن إليهم) يعتَبِرون مواقعَ تمركز الجيش الإيطالي فارغة، ولا يعتدون بوجودهم، وقد كان نابليون وهو أحد أشهر القادة العسكريين في التاريخ، يرى أن القوة المعنوية بالنسبة للكثرة العددية تكون بنسبة 1 إلى 3، ولكننا وجدنا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كان يقاتل جيش المشركين بجيشٍ يقل عدده عن جيش المشركين بأربع مرات، وكان ينتصر عليهم، وهذا دليل على تفوق الجانب المعنوي في جيش الرسول على جيش المشركين، بل إن القرآن أوجب على المسلمين في بداية الأمر أن يصبِر كل واحد منهم لعشرة من المشركين، ثم خفف الله عنهم إلى أن يصبر كل مقاتل لاثنين من الأعداء.
-يتحدّث القرآنُ الكريم عن مهارة رسول الله (ص) في ترتيب المؤمنين (وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال)، (إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرضوض)، وغيرها من الآيات، التي هي جديرة بالدراسة من قادتنا العسكريين والأمنيين لأخذ الدروسِ والعبر والإفادة منها في واقعنا الجهادي العسكري والأمني؛ فهي بالتأكيد أفضل من كثيرٍ من النظريات التي وضعها بشر مثلنا.
-أجاد استخدام وإدارة المهارات العسكرية والإفادة منها، ومنها مهارة الاستطلاع، والتحليل للمعلومات، كما في معركة بدر عندما استطاع اكتشاف عدد القرشيين.
-كان يستفيد من خبرات أصحابه ومعرفة توجهاتهم، وحدود معارفهم، فكان يشاورهم ويسمع منهم، ليس لأنه ناقصُ المعرفةِ، بل لكي يعرف توجهاتهم واتجاهاتهم، وبالتالي يبني عليها إرشاداته لهم؛ ولأنه في مقام القدوة يريدُ أن يُعلِّمَنا هذه المهارات القيادية في ضرورة أن يأخذ القائد من مجلس مستشاريه الرأي والمشورة.
-في بدرٍ أيضا وفي غيرها أدار عددا من العناصر القيادية، ومنها ترتيب القيادة الموحدة، والضبط والتحكم، وبناء المعنويات، والعقيدة الراسخة، وترسيخ الوعي بالقضية العادلة، وزوّد جيشَه بكلمة التعارف (الشفرة)، ثم فاجأ المشركين بأسلوبٍ قتالي لم يعهدوه من قبل، وهو القتال صفا واحدا، وكما هو معروف أن ابتكار الأساليب القتالية الجديدة يعتبَر من أنجع الأساليب الحربية وأفضلها، كل ذلك يبين عبقرية الرسول التي أدت إلى انتصار الفئة القليلة من جيشه على الفئة الكثيرة من جيش المشركين.
-علما أن القيادة في العصور الحديثة أصبحت بفعل وسائل التواصل والتحكم والسيطرة الحديثة أسهل بكثير من القيادة القتالية في الحروب القديمة، فحروب اليوم تحتاج إلى خِبرة فقط، بينما حروب ذلك الزمان كانت تحتاج إلى خِبرة وشجاعة أيضا.
ومع تلك الانتصارات وقيادته الفذة صلى الله عليه وآله وسلم فقد كان يلتزم قيم الصدق والأمانة والرحمة والمبدئية العادلة الواعية، تغلِب عليه الرسالية الرحموية على العسكرية الصارمة، ويلتزِمُ المبادئ حتى ولو أضرّت به.
ولهذا أقول ما أشدَّ حاجةَ قادتِنا العسكريين والأمنيين إلى العودة لدراسة سيرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتتبع أساليبه وخططه الحربية والعسكرية.
بعث النبي محمد رحمة للعالمين وليس الى قومه فقط ... إذًا كيف ترُدّون على من يدّعون الابتداع في الاحتفاء بذكرى مولده وان الاحتفاء بالكرسمس وعيد الحب وغيره هو مواكبة للعصر ؟
من عجب الزمان، أن نحتاج لجلب الأدلة والبراهين على حسن الاحتفال بمولد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم!!، وأعجب منه أن يصل التناقض بهؤلاء الوهابيين وزعمائهم أن يبدّعوا الاحتفال بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهو رمز الأمة الإسلامية الأعظم، بل وسيد البشرية كلها، ثم تراهم يرقصون لترامب!!، ويحتفلون بالأعياد التي ذكرْتَها، ولا يشنّعون على المحتفلين بها بشيء؛ ذلك لأنهم يريدون القضاء على كل الروابط والمناسبات التي تربط المسلمين بقدوتهم النبي الكريم، ليتسنّى لهم إيجاد بدائل سيئة؛ كزعماء العمالة والتكفير، تتيح للاستعمار تنفيذ أجنداته ومشاريعه الهدامة للأمة وتطلعاتها.
أما لماذا نحتفل؟ فنحن نحتفل لعددٍ من الأمور، ومنها:
- لأن الرسول (ص) نعمة وفضل من الله ورحمة، والله أمر بالفرح بذلك؛ (قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ)، والاحتفال تعبير عن ذلك الفرح الذي أمرنا الله به، ليس لأجل الفرح بذاته، وإنما لأجل أنه سبب إلى الاتباع والقدوة والأسوة، وهذا أسلوب تربوي يشد الناس إلى رسول الله وإلى الاقتداء به.
- لأنه نوعٌ من التعظيمِ والتوقير، الذي يُعْطِي المؤمنين مؤهِّلاتِ النصرِ على أعدائهم، وما أشدّ حاجة الأمة اليوم إلى النصر على أعدائها، يقول الله تعالى: (فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
- لأن يومَ مَولِدِه من أيام الله التي أُمِرَ بالتذكيرِ بها، (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ)، وأيام الله كل الأيام التي ظهر فيها صنيع الله ونصرُه وخيرُه وبركتُه وفضلُه على عباده.
- لأن الأممَ العظيمة تحتفِل بعظمائها، وأعظمُ عظماءِ الدنيا الذي يجبُ أن نفرَحَ به هو سيدُنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
- لنقطع الطريقَ على مَنْ أعطى صورة مُشوَّهة للإسلام من خلالِ بعض القُدُواتِ السيِّئةِ المحسوبين عليه، مثل زعماء التكفير والعمالة.
- لنُوطِّنَ أنفسَنا على تمثّل سيرتِه صلى الله عليه وآله وسلم وأخلاقِه وقيمِه ووصاياه في واقعِنا، فتسموَ حياتُنا، وتسعَدَ آخرتُنا، وترقَى مجتمعاتُنا، وتنشأَ أجيالُنا على حُبِّ الإسلام.
التمسك بنهج الرسول الأعظم نجاح وانتصار في كلِّ الأحوال ... في هذا العدوان الغاشِم المُستمِر على بلادنا ما الذي نستحضره من سيرة الحبيب محمد في ذكرى مولده؟
يجب أن نستحضر أنه صلى الله عليه وآله وسلم لاقى ما نلاقي اليوم من عنت وحروب، وحصار، وعدوان، وتحالف، وتحزُّب، بل ليس هناك مرحلة مرّ بها رسول الله، إلا واليمنيون يمرون بظروف ومراحل مشابهة جدا، وكأن التاريخ يعيد نفسه.
اليوم نحن في ظل حصار شديد، وعدوانٍ متوحش، من تحالف أحزاب الكفر والنفاق، وهذا ما يشدنا إلى العودة إلى قراءة سيرة رسول الله واستحضار تعامله مع حصار المشركين له ولبني هاشم في شعب مكة، كما نستحضر منه ثباته وموقفه في غزوة الخندق، يوم زلزِل المسلمون، (وبلغت القلوب الحناجر)، وظن المنافقون بالله الظنون، وقد جاء تحالف الأحزاب ليهاجم المدينة من أعلاها ومن أسفلها، وحينئذ بزغت قرون النفاق، وظهر المرجفون، ومن سماهم القرآن ب(المعوِّقين والقائلين لإخوانهم هلم إلينا ولا يأتون البأس إلا قليلا)، يجب أن نقرأ تلك الأحداث وكيف خرج رسول الله منها منتصرا؛ لأن معظم الظروف التي نمر بها اليوم نكاد أن نجدها في سيرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
في هذه الذكرى من الأهمية بمكان استحضارُ تلك الدروسِ العظيمة التي بلا شك ستساعدنا على تشخيص وضعيتنا بشكل دقيق، ثم ستساعدنا على اجتيازها بعون الله تعالى.
كان - عليه الصلاة والسلام - في مقدِّمة الجيش الإسلامي يرسم نموذجًا فريدا للشخصية الإيمانية المحمدية. . حول هذا النموذج هل من دعوة توجهونها للحشد والتعبئة والتحرك الجاد لمواجهة تحالف العدوان؟
من المفاهيم الخاطئة التي شاعت بين عامة المسلمين أن النموذج للصالحين هم أولئك الذين أطلقوا عليهم ألقاب (الدراويش) أو (الفقهاء) بمعناه العرفي السلبي، وحينئذ حاول علماء السلطة تصوير رسول الله على ذلك النحو، الذي يهتم بالأمور العبادية، ولا يهمه ما وراء ذلك من شؤون الدولة، والحرب، ومواجهة الخصوم. وهذه نظرة خاطئة، ومدمّرة، ومناقضة للصورة النموذجية التي أوردها القرآن الكريم عن المؤمنين، بل حتى عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم نفسه.
هي نظرة حاول الاستعمار قديما وحديثا ترسيخَها في وعي الأمة .. وآن لها أن تذهب ..
لكن القرآن رسم معالم شخصية رسول الله على النحوِ القوي، والفاعل، والمتجلّد في ذات الله، والصابر، والمقاتل ضد الاستبداد والطغيان، والمنحاز للإنسان، والذي لا يخضع ولا يلاين للباطل، والمعتدين.
قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ)، (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ)، (فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ).
ولهذا كان سباقا إلى المعارك في سبيل الله، وعاب الله قوما تأخَّروا عنه، قال الله تعالى: (مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُم مِّنَ الأَعْرَابِ أَن يَتَخَلَّفُواْ عَن رَّسُولِ اللّهِ وَلاَ يَرْغَبُواْ بِأَنفُسِهِمْ عَن نَّفْسِهِ).
وفي ذات الوقت أثنى على دعوته بأنها إلى الصراط المستقيم: (وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)، وأكد أن اهتداءنا مرهون بطاعته (وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا)؛ ولهذا من الأهمية بمكان استخلاص شخصية رسول الله على هذا النحو الشامل، والمتعدّد، والذي يغطِّي جميعَ المجالات الحضارية، الشرعية منها، والفكرية، والثقافية، والتربوية، والسياسية، والاقتصادية، والعسكرية، والأمنية، والاجتماعية.
في ملزمة (الهوية الإيمانية) تحدث الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي، عن آيات آخرِ سورة البقرة، فقال: “شملت وبصورة موجَزة المجالاتِ الإيمانية الكاملة، بدءاً من الإيمان بالله سبحانه وتعالى، وهكذا تتصدر الآية الكريمة بالتقرير على الإيمان بالله، ثم تنتهي بالمواجهة لأعدائه، أنه إيمانٌ على غيرِ هذا النحو ليس إيماناً، إيمانٌ لا يبدأ من الله وينتهي بالمواجهة مع أعدائه، ليس هو إيمانَ الرسل والأنبياء والصالحين من عباد الله”.
وهكذا يجب أن يكون كل مسلم منا ..
رسائل توجهونها في هذه الذكرى العطرة الى:
-المجاهدون من الجيش واللجان في كل جبهات العزة والشرف.
أقوله لهم: (قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ)، وأعظم احتفال هو الاحتفال على طريقتكم أيها الأبطال، وهي الطريقة التي كان يشكر بها الرسولُ ربَّه، طريقة التنكيل بأعداء الله، كتب الله أجركم.
-رجال الأمن الميامين في جبهتنا الداخلية العيون الساهرة.
تذكروا أن من نحتفل به صلى الله عليه وآله وسلم قال: (عينان لا تمسهما النار: عين بكت في جوف الليل من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله).
-تحالف الشر والطغيان على رأسهم أمريكا وإسرائيل السعودية والإمارات.؟
لن تحصلوا على طائل أيها البائسون، لن يكون حالكم أحسن حالا من الغزاة الذين رمت بهم أقدار السوء إلى هذه الأرض المباركة، فالتهمتهم، وصاروا عبرة للمعتبرين.
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ).
كلمة للشعب اليمني؟
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.