يقف في فرزة صنعاء منتظرا سيارة ليست مرتبطة بالفرزة تذهب به الى صنعاء, يضع يده على رأسه متذكرا سيارته التي جنبها في احدى احواش الحديدة,.. الحرب هي من جعلتني اهرب من الحديدة لص يأتي آخر المساء يسرق الاطفال ألعابهم ويجعلهم يبكونها حتى العام القادم, بعد انتظار طويل وجد ضالته وغادر تاركا خلفه مدينة مهددة بالدمار, لم يأبه لذلك فداخله ألف دمار وألف خراب, يريد ان يرمم ما تم تدميره, آخر مرة لمس فيها الكرة كانت قبل ستة اشهر, يا الله هل سيكفيني الوقت للعودة الى جزء من مستواي, الأصدقاء وجدوا الدعم اللازم من الأندية القطرية للاحتراف ولو شبه احتراف او احتراف صوري, أن تتدرب مع فريق منظم يلعب تقسيمات على فترتين صباحية ومسائية شيء أفضل من لاشيء, وكذلك العودة بقليل من المال وكثيرا من الهدايا تجعل من اللاعب سعيدا حتى لو لم يلعب دقيقة واحدة, وأن المال الذي دفع له هبة وكرامة من النادي الذي سُجل في صفوفه محترفاً! صنعاء تشكو من الخريف الذي اهلك أشجارها, فيه تتساقط الأوراق ويهلك برد الخريف محاصيلها, محمد عياش وصل لكي يلعب مع فريق نجوم تهامة في بطولة نظمتها إحدى الشركات التجارية, لقد كان في خريف مستواه الكروي لم تستطع سيقانه ان تحمل جسده المتهالك, ربما ان ستة أشهر كانت كافية لدمار حارس مرمى استمر طويلاً يحمي عرين منتخبنا, والتوقف عبارة عن نهاية حارس شجاع, لم يصدق احد ان مستوى حارس منتخبنا الوطني لكرة القدم المشارك في نهائيات أمم آسيا القادمة بهذا الحال, وبأي حال عدت يا عياش, سبعة أهداف في مرمى فريقك خمسة أهداف أنت سببها, خمسة أهداف لا تدخل في مرمى حارس يلعب في براعم يحصب يريم, لقد اقر الكل بنهايتك وكل التهم توجهه صوب تخزينة آخر الليل, لقد كنت تخزن كغيرك من اللاعبين ولكن في الحقيقة كانت تخزينتك طويلة بعض الشيء, اعرف ان القات أجمل ما فيه آخره لقد جربت تخزينة آخر الليل كثيرا, لكن مهما كان مذاقه في آخر الليل كان يجب عليك ان ترمي به باكرا وتنام مثل ما يفعل الصالحون! خلال السنوات المتباعدة تعددت النطحات في كرة القدم أبرزها نطحة زيدان في صدر ماترازي, ونطحة خوليت ولكن نطحاته كانت في الكرة نفسها وكأن الهولندي يسددها بقدمه, ونطحة اللمبي الشهيرة في رأس حسن حسني, كذلك نطحة خروف العيد قبل عشرين عاما عندما كنا نستطيع شراء خروف, كان هذا الخروف استرالي المولد ومن قهره بعد انتقاله الى اليمن, كان يخرج كامل ضيقه في ظهر يوسف أخي الذي كان يؤذيه باستمرار, وآخر نطحة ظهرت كان عياش بطلها والذي صفق له الجميع, لقد ترك خلفه كل أحزانه وأتراحه وقام بنطحة غير متوقعة في مباراة منتخبنا الودية ضد السعودية, لقد طار إلى الأعلى كصقر صحراوي يمارس هوايته بالصيد من البحار والمحيطات, لقد رأيت مايكل فيلبس على هيئة محمد ابراهيم عياش وكأنه في سباق 100متر حرة ولم يكن في ملعب الامير محمد بن فهد بالدمام, لقد تحول وخلال شهر واحد من كهل يكابر في حراسة مرمى منتخبنا الى شاب في بداية العشرين من عمره, يدافع عن كرامته ويحمي عرينه بكل شجاعة, في المباراتين الوديتين ضد السعودية والإمارات لم يكن الخلل من إبراهيم عياش المتهم بالتخزينية الطويلة التي لا يقطعها إلا اذان الفجر, ولكن الخلل الذي نبحث عن معالجته قبل النهائيات الاسيوية في منظومة لعب الفريق, وكيف يدافع؟ وكيف يخرج للهجوم ويسجل الأهداف؟, ولصديقي عياش اود أن اخبرك بشيء ربما غريب على ناقد رياضي ولكن نصيحتي لك «خزن كما تشاء وتعامل مع المهاجمين في المنتخبات المنافسة كرازم يأتوك في المنام, قاوم حتى اخر عودي من وقت المباراة وسننتظرك في نهائيات الإمارات بطلا غير متوج كما عهدناك», تحياتي لمحمد إبراهيم عياش ولكل لاعب يمني حطمته الأيام ودمرته الحروب والأزمات!