القضية كانت عبارة عن نزاع بين طرفين بدأ عام 2000م تقريباً.. على خلفية دعوى كان تقدم بها مواطن إلى محكمة الصومعة الابتدائية في محافظة البيضاء.. قال فيها بأن غريمه بنى في الحيد الخاص به وعلى عرصته وأحجاره.. دوامة الشريعة!! ومن يومها دخل الطرفان في دوامة «الشريعة».. ومتاهة السير في إجراءات التقاضي المطولة.. وتوالت خلال ذلك الجلسات تلو الجلسات.. واستمر الأخذ والرد والطعن والنقض في المحاكم بدءاً من المحكمة الابتدائية ومروراً بمحكمة الاستئناف بالمحافظة وصولاً إلى المحكمة العليا بصنعاء!!.. 16 حكماً وطيلة فترة التقاضي والتي استمرت أكثر من عقد ونيف من الزمان صدر في القضية ذاتها 16حكماً قضائياً.. وهي أحكام نهائية وباتة صادرة عن المحكمة العليا.. هذا بخلاف الأحكام الابتدائية والاستئنافية وقبلها الحكم القبلي.. وهو حكم المحكم الذي تراضى عليه الطرفان وتم اعتماده وتعميده في المحكمة الابتدائية وعليه تراصت بقية الأحكام تباعاً.. وبرغم أن القضية قضية مدنية وليست جنائية شائكة ومعقدة.. إلا انه لم يتم البت فيها على مدى سنوات طوال.. حيث لم تنفذ أي من الأحكام النهائية والباتة الصادرة عن المحكمة العليا بل على العكس أقدمت محكمة الاستئناف بالمحافظة على فتح النزاع من جديد وإعادة القضية إلى نقطة البداية.. وكأن السنوات الماضية من عمر التقاضي لم تكن كافية أو بمعنى اصح وكأن أحكام المحكمة العليا الصادرة بخصوصها لم تكن أكثر من حبر على ورق!!.. أو ربما أن محكمة الاستئناف ذاتها قد نصبت نفسها فوق المحكمة العليا.. ولهذا أصدرت أحكاماً وتوجيهات مخالفة لأحكام وقرارات المحكمة العليا ومناقضة في ذات الوقت لل16 حكماً الصادرة عنها..!! رأي الهيئة وعليه: وبحسب ما جاء في ملخص الهيئة القضائية المشكلة من الدائرة (أ) فقد كان من الواجب على المحكمة أن تقضي برفض الطلب وتكتفي به دون زيادة أو نقصان, لسبق الفصل فيه, بدلاً من فتح منازعة جديدة تبعاً للواقع الجديد الذي نشأ بالمخالفة للأحكام الباتة والقرارات الصادرة عن المحكمة العليا بشأن التنفيذ.. لأن ما قررته المحكمة- المطعون في قرارها- لم يكن نتاجاً للأحكام الباتة.. فجميعها لم تقل أو تقرر ما قررته في قرارها محل الطعن. ولكون ما جاءت به هو وليد دعوى, لذلك فإنه لا يندرج في نطاق ولايتها المقيدة بالأحكام, مما يجعل عملها مدعاة للبطلان لخروجها عن حدود ولايتها, الأمر الذي يتوجب معه تدخل عدالة محكمة النقض للإلغاء ونقض ما جاءت به المحكمة زيادة عن الأحكام والقرارات الباتة, وبالإضافة إلى أن المحكمة مصدرة الحكم وقعت في فساد الاستدلال، حيث عولت في قرارها محل الطعن على قرار المحكمة العليا واقتدت به بحسب ظاهر قولها ودون أن تدري أو أنها تدري بأن ما جاءت به مخالفاً لما عولت واستندت عليه.