عندما شنَّت ألمانيا النازية هجومها على الاتحاد السوفييتي خلال الحرب العالمية الثانية بشكلٍ مُباغتٍ وغير متوقع وبعد أن تمَّ التوقيع -آنذاك- على معاهدة سلام بين الدولتين وقع عليها من الجانب السوفييتي «استالين» ووقع عليها من الجانب الألماني «هتلر» ونصَّت أهم بنودها على عدم اعتداء أيٍّ منهما على الأخرى، إلاَّ أن الألمان سُرعان ما اخترقوا اتفاقية الهدنة، وباغتوا الاتحاد السوفييتي -على حين غفلة- بشنِّ ذلك الهجوم الذي مثَّل كارثة حقيقيَّة بالنسبة للقيادة السوفييتية وعلى الشعب السوفييتي بصورة عامة، كون «استالين» اعتقد أو كان يخيل له عظم حدوث الهجوم على بلاده من جانب الألمان، وأن «هتلر» سيكون عند كلمته ويلتزم بمضمون المعاهدة المُبرمة بين الدولتين. وعلى الرغم من أن كبار القادة السياسيين والعسكريين كانوا قد حذروا «استالين» مؤكدين لهُ أنَّهُ لا يمكن الركون إلى «هتلر»، ولا ينبغي الاعتماد على وعوده، وأنهُ يفتقر إلى المبادئ والقيم، وأنه سيحنث بعهوده في أيَّة لحظة، غير أن»استالين» وبخهم على ما صدر منهم من تحذير، وظل على ثقة مطلقة بأن «هتلر» لن يُقدم على هكذا تهور، إلى أن وقعت الواقعة وحنث»هتلر» لعهوده وتنكَّر -بالفعل- لوعوده فشنَّ الحرب على جمهوريات الاتحاد السوفييتي وذلك في يونيو من العام 1941م وبصورة مُباغتة وسريعة حقق خلالها انتصارات عظيمة واستولى على مساحات واسعة من الأراضي السوفييتية وسقطت الكثير من المُدن والقُرى في أيدي القوات الألمانية الغازية وفي فترة زمنيَّة وجيزة وقياسيَّة، وأصبحت قوات «هتلر» على تخوم العاصمة «موسكو» ولم يعد يفصلها عنها إلاَّ أقل من عشرين كيلومترًا، حينها استشعر السوفييت خطورة الموقف، فسارعوا إلى توظيف كافَّة إمكانات الدولة على المستوى السياسي والعسكري والاقتصادي والبشري توظيفًا شاملاً لكبح جِماح العدو الذي كان يمتلك جيشًا كبيرًا وقويًّا ومدربًا ولديه ترسانة ضخمة من الأسلحة النوعية المتقدمة والحديثة وفي مختلف التشكيلات الجوية والبرية والبحرية، لكن الروس لم يقفوا مكتوفي الأيدي آنذاك، فقد قاموا بنقل مصانعهم الحربية والمدنية إلى منطقة تسمى «الأورال» شمال الاتحاد السوفييتي، وكانت تلك الحرب بمثابة دافع قوي مكنهم من العمل على تطوير أسلحتهم بل وإنتاج الكثير من المعدات الحربية الحديثة من دبابات وطائرات وسفن وأسلحة عديدة ومتنوعة فاقت في قدرتها وحداثتها وتطورها أسلحة العدو الغازي وتغلبَّت عليه وانقلبت هزائم الجيش الأحمر إلى انتصارات كبيرة وعظيمة آلت في نهاية المطاف إلى تحقيق الانتصار الشامل على قوات «هتلر» الغازية وانتهت بدخول الجيش الأحمر العاصمة «برلين». ونحن هنا لسنا بصدد التطرُّق إلى كلِّ تفاصيل تلك الحرب وتلك الحقبة التأريخية، غير أنَّ ما نود الوصول إليه من هذا السرد التأريخي المختصر هو الاستفادة منه في واقعنا الذي نعيشه اليوم وأن نكون على قناعة تامة بأن الدول المعتدية والغازية الآتية من وراء الحدود وبدون وجه حق إلاَّ لمجرد التوسع وبسط نفوذها والاستيلاء على ثروات دول الغير لن يكون النصر حليفها وأن مصيرها دائمًا الهزيمة والفشل على كافَّة الأصعدة، وسيلحق بها وبقواتها الخزي والعار والهزيمة المدوية، ولن تتمكن بأي حال من الأحوال من تحقيق أيِّ من أهدافها طالما تمت مواجهتها بكل حزم وشجاعة واستبسال وهذا ما يُجسِّده شعبنا وجيشنا واللجان الشعبية وكلُّ القوى الوطنية الشريفة في حربها ودفاعها ومقارعتها لقوى الظلم والاستكبار المتمثلة في دويلة الإمارات ومملكة قرن الشيطان، ومن وراءهما أمريكا وإسرائيل التي سيكون مصيرها عاجلاً أو أجلاً كمصير الكثير من الدول الغازية التي كانت تمتلك أعظم وأكبر الجيوش المدربة ولديها أحدث الأسلحة القتالية، لكنها في نهاية الأمر خسرت وهُزمت أمام إرادة الشعوب المُعتدى عليها، كون هذه الشعوب هي صاحبة الأرض ولها الحق كل الحق في الدفاع عن بلادها وما تمتلكه من ثروات ومقدرات وطنية... ناهيك عن أنَّ من يقع عليه ظلم أو اعتداء غير مبرر فهو الأجدر بالنصر وسيحالفه الحظ لا محالة في الانتصار على عدوه مهما كانت الظروف ومهما بلغ حجم قوة العدو وجبروته.. فالنصر لن يكون دائمًا وأبدًا إلاَّ حليف المُستضعفين والمظلومين المُعتدى عليهم والمغلوبين على أمرهم، وهذا وعدٌ إلهي لن يُخلفه الله عزَّ وجل: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ سورة الحج الآية: (39).